البيانات الصحفية

غزة.. جرائم الاحتلال مستمرة تحت غطاء الهدنة

غزة.. جرائم الاحتلال مستمرة تحت غطاء الهدنة

عبّرت منظمة صحفيات بلا قيود، عن قلقها البالغ جراء استمرار الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، واستهدافها المتعمد للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، رغم مرور أكثر من خمسين يوماً على بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وفقاً للرؤية الأمريكية التي طرحها دونالد ترمب.

منذ بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق في 10 أكتوبر الماضي، بلغ عدد الفلسطينيين الذين أضافتهم وزارة الصحة إلى قوائم الشهداء، 972 شهيداً، بينهم 356  قتلتهم إسرائيل خلال هذه الفترة، و616 من القتلى تمكنت الفرق الطبية من انتشالهم من تحت الأنقاض والطرقات حتى 1 ديسمبر الجاري.
وقالت المنظمة إن الهجمات الإسرائيلية تتواصل بأسلوب ممنهج، ما يؤكد غياب أي التزام فعلي بوقف الجرائم أو احترام الضمانات الإنسانية الأساسية.

استهداف الصحفيين

وأدانت صحفيات بلا قيود وبشدة، الجريمة الإسرائيلية التي أودت بحياة المصور الصحفي محمود عصام وإصابة الصحفي محمد إصليح بشظايا، بعد قصف نفّذته طائرة مسيّرة وسط مدينة خان يونس جنوبي غزة، الثلاثاء 2 ديسمبر الجاري.
ولم تكن جريمة استهداف المصور الصحفي، الجريمة الأولى التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الصحفيين، منذ دخول اتفاق إطلاق النار حيز التنفيذ، بتاريخ 29 تشرين الأول/ أكتوبر، شنت آليات الاحتلال غارات جوية، إحدى هذه الغارات استهدفت الخيمة التي يسكنها الصحفي النازح، محمد المنيراوي وزجته، في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل الصحفي وزجته على الفور.
ويأتي هذا الهجوم في سياق ممنهج لاستهداف الصحافة والعاملين في الإعلام، وقد ارتفع عدد الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 256 صحفياً وصحفية، إضافة إلى الصحفي صالح الجعفراوي الذي قتلته مجموعات مسلحة مرتبطة بالاحتلال بعد يومين من دخول اتفاق وقف إطلاق النار، حيز التنفيذ.
وتؤكد صحفيات بلا قيود أنّ استمرار قتل الصحفيين أثناء الحرب أو أثناء وقف إطلاق النار، يُعد انتهاكاً صارخاً لمبدأ الحماية الخاصة للإعلاميين بموجب القانون الدولي الإنساني، ويعكس سياسة متعمدة لإسكات الشهود ومنع نقل الحقيقة، إضافة إلى حقوقهم الأساسية، المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف، باعتبارهم مدنيين، وهو ما يرقى إلى جريمة حرب مركّبة، في إطار جريمة الإبادة الجماعية.

هوية الجثامين الفلسطينية

منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار، سلّمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي 345 جثمانًا من أبناء غزة. وبحسب إفادة وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، لم يتمكن المختصون أو أهالي المفقودين من التعرف إلا على 99 جثمانًا، بينما تظل هوية بقية الضحايا مجهولة من حيث البيانات الشخصية الدقيقة، رغم معرفة هويتهم الوطنية باعتبارهم فلسطينيين.
وبحسب التقارير التي اطلعت عليها المنظمة، فإن عشرات الجثامين يصعب معرفتها بسبب التحلل الشديد والتشويه العميق في الملامح والأطراف، كما تحمل دلائل واضحة على الإعدام الميداني، والتعذيب، والسحق تحت جنازير الدبابات، علاوة إلى وجود مؤشرات قوية على سرقة أعضاء من بعض الجثامين التي أعادتها إسرائيل في وقت سابق.
وتعد هذه الممارسات التي تنتهك كرامة الموتى والأحياء معاً، جرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات صارخة لاتفاقيات جنيف، جدير بالذكر، أن صحفيات بلا قيود، كانت قد أكدت بأن الانتهاكات المفضية إلى الموت داخل مراكز الاحتجاز الإسرائيلية تشكّل جزءًا من سياسة الإبادة الجماعية كما نوهت بأن ما يجري في سجون الاحتلال، ينتهك بوضوح اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، خصوصًا المواد (27 و32 و33) التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية والاعتداء على الكرامة الإنسانية. وأوضحت أن ما تكشّف من مشاهد لجثامين الفلسطينيين يمثل نمطًا منهجيًا من الإخفاء القسري والتعذيب والقتل العمد، ويشكّل حلقة جديدة في سلسلة أعمال الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

حصيلة الإبادة

وارتفعت حصيلة الضحايا في غزة إلى 70,112 شهيداً، ممن وصلوا إلى المستشفيات منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023 وحتى 1 ديسمبر 2025، طبقاً للتقارير الإحصائية التي تنشرها وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، يومياً، مع التنويه إلى وجود عدد غير محدد من الضحايا ما يزالون تحت الأنقاض، مع عجز فرق الإنقاذ عن الوصول إليهم نتيجة الافتقار إلى المعدات اللازمة.
وخلال سنتين، ألقت اسرائيل ما يزيد عن 150 ألف طن من المتفجرات على غزة، حسب التقديرات، ما أدى إلى تدمير نحو 90% من البنية التحتية، وتضرر أكثر من 440 ألف وحدة سكنية بين تدمير كلي وجزئي. وأسفرت هذه الهجمات عن تهجير أكثر من مليوني فلسطيني قسريًا، وتسبب الدمار الهائل في تكدس أكثر من 55 مليون طن من الركام في الشوارع والأحياء السكنية.

استمرار الهجمات

ونوهت صحفيات بلا قيود، إلى أن إسرائيل لم تكتف بالحصيلة الهائلة من الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن الفظائع التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، طوال فترة الحرب التي امتدت لنحو 733 يوماً.
منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب حيز التنفيذ، لم تتوقف الغارات التي تشنها آليات الاحتلال على قطاع غزة،. وتشير صحفيات بلا قيود، إلى أن الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو ـ المطلوب لمحكمة العدل الدولية ـ تستغل الاتفاق المجحف الذي طرحه ترمب، لمواصلة التدمير الممنهج في غزة، حيث أبقى الاتفاق، في مرحلته الأولى، أكثر من 52% من مساحة قطاع غزة تحت السيطرة الاسرائيلية المباشرة.
وتفرض إسرائيل هندستها الجغرافية للأراضي الفلسطينية في قطاع غزة، من خلال "الخط الأصفر" و"الخط الأحمر"، وهي خطوط تمنع الفلسطينيين من الاقتراب منها، وتستغل هذين الخطين لنسف الأحياء السكنية والمنشآت المدنية، الواقعة في نطاقهما، بالتوازي مع توسيع الخط الأصفر على حساب المناطق المسموح فيها لأبناء غزة بالعيش والتنقل، إضافة إلى فرض تدابير تقوض حياة المدنيين.

مطالب المنظمة

وتؤكد منظمة صحفيات بلا قيود، بأن استمرار هذه الجرائم يثبت أن سياسة الاحتلال ليست إجراءات عسكرية عارضة، وإنما برنامج ممنهج يستهدف الإنسان الفلسطيني في وجوده وذاكرته وكرامته، ويمثل تهديداً خطيراً للنظام القانوني الدولي ولحقوق الإنسان العالمية، ويضع العدالة الدولية على المحك.


وبناءً على ما ورد، فإن المنظمة تطالب، مُجدداً، بما يلي:
ـ فتح تحقيق دولي عاجل ومستقل في جميع الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال، بما فيها جرائم قتل الصحفيين والمحتجزين.
ـ إلزام سلطات الاحتلال باحترام اتفاق وقف إطلاق النار ووقف استهداف المدنيين والبنى التحتية فوراً.
ـ السماح الفوري وغير المشروط بدخول بعثات تقصي الحقائق، والهيئات الإنسانية، ووسائل الإعلام الدولية إلى قطاع غزة.
ـ محاسبة المتورطين والمسؤولين عن ارتكاب الجرائم المروعة، بما في ذلك الجرائم التي ارتكبت بعد وقف إطلاق النار.
ـ حماية الصحفيين وتمكينهم من أداء عملهم دون تهديد أو استهداف، باعتبارهم مدنيين يتمتعون بحماية خاصة بموجب القانون الدولي.

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image