الأخبار

غزة: عودة النازحين تكشف عمق الكارثة الإنسانية والإبادة الجماعية

غزة: عودة النازحين تكشف عمق الكارثة الإنسانية والإبادة الجماعية

قالت منظمة «صحفيات بلا قيود» إن مشاهد عودة النازحين الفلسطينيين إلى مدينة غزة تكشف عمق الكارثة الإنسانية التي فرضتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على سكان القطاع،

وأكدت المنظمة أن إعلان إنهاء الحرب وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يعني انتهاء المأساة، فعلى امتداد734 يوماً، تركت الإبادة الجماعية ـالتي استهدفت غزة "أرضاً وإنساناً"ـ آثاراً يصعب معالجتها.
خلال الأيام الماضية، عاد مئات الآلاف من النازحين إلى أحيائهم المدمّرة ليجدوا أنفسهم ـ بلا مأوى ـ  فوق أنقاض منازلهم، بينما لا تزال رفات أحبّتهم تحت الأنقاض. وأشارت صحفيات بلا قيود، بأن هذا المشهد الإنساني الفادح ما كان ليحدث لولا عجز المجتمع الدولي وصمته المتواطئ، إلى جانب الدعم السياسي والعسكري الممنوح لإسرائيل من الدول المؤثرة.
وشددت المنظمة على أن الأولوية العاجلة داخل قطاع غزة تتمثل في إنقاذ الحياة الإنسانية، وذلك بإطلاق برامج إغاثية عاجلة تشمل إزالة الركام وتوفير مأوى مؤقت وآمن من خلال إدخال الوحدات السكنية البديلة والخيام والكرفانات، إضافة إلى ضمان التدفق الكامل لشاحنات المساعدات الإنسانية والوقود والمواد الأساسية، بما يمكن السكان من استعادة الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة.
وانتقدت صحفيات بلا قيود، بنود خطة الرئيس الأمريكي، التي تداولتها وسائل الإعلام، ووصفتها بـ«المجحفة»، لأنها لا تحقق العدالة للضحايا، ولا تضمن حرية التنقل وانسيابية العمل الإنساني، إذ تتضمن المرحلة الأولى من الخطة "انسحاب تدريجي" لقوات الاحتلال إلى خطوط محددة داخل غزة نفسها، ما يضع، عملياً،  نصف مساحة القطاع تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة، وهو ما يشكل استمرارًا للحصار بأدوات جديدة.
منذ أكتوبر 2023، ارتكبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني وأعراف الحرب، عبر هجماتها المتعمدة ضد المدنيين والمنشآت المدنية، وكشفت الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها، طوال أكثر من سنتين، عن توحش هجمي وغير طبيعي، مجرداً من القيم الإنسانية ولا يمكن ترقيعه بالمبررات غير القانونية.
استناداً للتقارير الإحصائية الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، وصل عدد الفلسطينيين الذين قتلتهم قوات الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى 67,869 شهيدًا، أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن، كما سجلت الوزارة 463 حالة وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية، بينهم 157 طفلًا، بينما وصل عدد الجرحى إلى 170,105 إصابة، علماً أن العدد يرتفع، رغم إعلان إنهاء الحرب، لأن الوزارة تضيف إلى قاعدتها أرقام الضحايا الذين تتمكن من انتشال جثثهم من تحت الأنقاض.
في السياق، بيّنت صحفيات بلا قيود، بأن قطاع غزة من أكثر مناطق العالم كثافةً سكانيةً، إذ يعيش فيه أكثر من 2.3 مليون إنسان على مساحة لا تتجاوز 365 كيلومتراً مربعاً، ومنذ عام 2007، أخضعت إسرائيل قطاع غزة وسكانها لحصار مشدد، قبل أن تشن حرب إبادة واسعة في أكتوبر 2023، ألقت خلالها أكثر من 125 ألف طن من المتفجرات، ما أدى إلى تدمير نحو 90% من البنية التحتية وتضرر أكثر من 440 ألف وحدة سكنية بين تدمير كلي وجزئي، ونتيجة لذلك، تعرض أكثر من مليوني إنسان لتجربة النزوح القسري، بعضهم نزح عشر مرات هرباً من القصف وأوامر الإخلاء.
وفي ظل هذا الخراب، أعلنت بلديات غزة أن الحرب خلّفت أكثر من 55 مليون طن من الركام. ما يجعل فرق الدفاع المدني والبلديات وطواقم التدخل الإنساني، عاجزة عن التعامل مع هذه الكارثة، بسبب حجمها الهائل من جهة، ولغياب المعدات اللازمة من جهة أخرى.
وقالت صحفيات بلا قيود إن إسرائيل انتهجت سياسة تدميرية شاملة، استهدفت كل مقومات الحياة، حيث طال التدمير
جميع المنظومات الخدمية، مثل المنظومة الصحية، المياه، شبكة الصرف الصحي، الأراضي الزراعية، الجامعات والمدارس، ومنظومتي الكهرباء والاتصالات وغيرها، ضمن إجراءات معلنة تهدف لجعل غزة غير صالحة للعيش وإطالة أمد الكارثة الإنسانية.

وبينت المنظمة، استهداف قوات الاحتلال لمقدمي الخدمات الإنسانية والطبية والإعلامية، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة،  مقتل 1,701 من الكوادر الطبية بينهم  320 طبيباً واستشارياً ومن أصحاب التخصصات النادرة،  بينما وصل عدد معتقلي القطاع الصحي إلى 362. وبحسب بيان الوزارة في 7 أكتوبر الجاري بعد عامين من الحرب، فقد وصل عدد الهجمات التي نفذتها قوات الاحتلال على المنظومة الصحية 788 هجوماً مباشراً، دمرت 103 مراكز رعاية أولية، و197 سيارة إسعاف، وأخرجت 25 مستشفى من أصل 38 عن الخدمة الكلية أو الجزئية.
وفي وقت سابق، كشف جهاز الدفاع المدني في غزة، إن طواقمه نفذت خلال عام من حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع مهمات توازي عملها في ما يعادل 40 عاما من العمل الطبيعي قبل الحرب، وبين أن جميع طواقم الدفاع المدني تعرض للضرر النفسي بفقدان أحد من أقاربهم أو بيوتهم، وبحسب التقارير التي اطلعت عليها صحفيات بلا قيود، فقد انتشلت فرق الإنقاذ عشرات الآلاف من القتلى والإصابات، رغم أن طواقم الدفاع المدني  لم تتمكن من الاستجابة لأكثر من 90 ألف نداء استغاثة.
ولفتت منظمة صحفيات بلا قيود إلى جرائم الإبادة التي نفذتها قوات الاحتلال بحق الصحفيين في قطاع غزة، حيث قتلت 254 صحفيا، في أكبر استهداف متعمد للإعلاميين في تاريخ الحروب الحديثة، وقالت المنظمة إن استهداف الصحفيين جاء في سياق الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة، وضمن محاولة ممنهجة لإخفاء جرائم الإبادة ومنع العالم من رؤية جزء من الحقيقة التي ينقلها الشجعان.
وطالبت المنظمة بسرعة فتح قطاع غزة أمام الصحفيين الأجانب ووسائل الإعلام العالمية، والسماح لهم بتغطية آثار الإبادة الجماعية، ذلك أن سلطات الاحتلال تمنع الصحفيين من دخول غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، باستثناء عدد قليل من الذين رافقوا جيش الاحتلال وأنتجوا تقارير تدعم الدعاية الاسرائيلية.
كما دعت منظمة صحفيات بلا قيود، المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ذات العلاقة، إلى إرسال لجان تحقيق دولية مستقلة وخبراء في الجرائم ضد الإنسانية إلى قطاع غزة لتوثيق الانتهاكات وتقديم المتورطين فيها إلى العدالة الدولية.

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image
© 2025. All Rights Reserved