عدن - تتابع منظمة "صحفيات بلاقيود" بقلق بالغ تصاعد الانتهاكات ضد الناشطين والصحفيين وأصحاب الرأي في العاصمة المؤقتة عدن، والتي كان آخرها اختطاف الناشط خالد الحميقاني، رئيس اللجنة التحضيرية لتجمع شباب عدن المستقل، في انتهاك واضح لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي تكفل الحق في الأمن، وحرية التعبير، وعدم التعرض للاعتقال التعسفي أو الإخفاء القسري.
وفقاً للمعلومات التي تلقتها المنظمة، أقدمت قوة أمنية تابعة لقوات "العاصفة الرئاسية" التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مساء الاثنين 24 مارس 2025، على اقتحام منزل الناشط خالد الحميقاني في مديرية المعلا – حي الكبسة، دون أي مبرر قانوني. حيث تم اختطافه واقتياده إلى مكان مجهول، ولا تزال أسرته تجهل حتى اللحظة مكان احتجازه، وسط قلق بالغ بشأن سلامته الجسدية والنفسية. وتأتي هذه الحادثة في سياق انتقادات علنية وجهها الحميقاني مؤخراً، لممارسات المجلس الانتقالي الجنوبي، عبر صفحته على فيسبوك، مما يزيد من المخاوف حول دوافع هذا الاعتقال التعسفي.
تؤكد المنظمة أن استهداف الناشطين بسبب آرائهم يمثل انتهاكاً صارخاً لحرية التعبير، ويعكس تصاعد النهج القمعي لإسكات الأصوات المعارضة بوسائل غير قانونية. كما تشدد على أن هذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي ضمن نمط متزايد من الانتهاكات في عدن. وكانت المنظمة قد رصدت تصاعداً لافتاً في الانتهاكات التي ترتكبها القوات التابعة للمجلس الإنتقالي مؤخراً ، شملت تنفيذ حملات اختطاف تعسفية طالت عشرات الشبان المشاركين في الاحتجاجات السلمية التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن خلال شهر فبراير الماضي، تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية. كما شملت تلك الانتهاكات استهداف النازحين في مخيمات النزوح، و التضييق المستمر على الناشطين والصحفيين، وصولًا إلى تقييد الأنشطة الإنسانية و الشبابية.
و في سياق تلك الانتهاكات ، كشف محتجز سابق تم الإفراج عنه مؤخراً من سجن “بئر أحمد” التابع لقوات الحزام الأمني، بعد احتجاز تعسفي دام لسنوات، عن أوضاع مأساوية يعيشها عشرات المدنيين المحتجزين تعسفياً في هذا السجن. وأشار إلى أن هؤلاء المدنيين، وخاصة من أبناء المحافظات الشمالية، يُحتجزون في ظروف قاسية وغير إنسانية.
وأوضح الصحفي أحمد ماهر، في شهادته التي نشرها عبر صفحته على فيسبوك بعد الإفراج عنه مؤخراً، أن المحتجزين في سجن “بئر أحمد” يعانون من عزلة تامة، حيث يُحرمون من التواصل مع ذويهم إلا في حالات نادرة، وغالباً ما يكون ذلك مشروطاً بدفع رشاوى للعسكريين. كما كشف عن وجود 20 شخصاً من ذوي الإعاقات الذهنية و13 مسنّاً تتراوح أعمارهم بين 50 و80 عاماً، إضافة إلى 80 شاباً تم اختطافهم من الشوارع والنقاط الأمنية بسبب انتمائهم المناطقي، دون تقديمهم لمحاكمات عادلة، مما يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وخرقاً للقوانين الدولية.
تؤكد منظمة “صحفيات بلا قيود” أن ما تعرض له الناشط خالد الحميقاني، من اقتحام منزله دون مذكرة قضائية، واختطافه واقتياده إلى جهة مجهولة، يشكل جريمة اختفاء قسري وفقاً للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وانتهاكاً صارخاً للحق في الحرية والأمان الشخصي المكفول بموجب المادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما يعد ذلك مخالفة للقوانين المحلية التي تحظر الاحتجاز التعسفي دون إجراءات قانونية واضحة.
علاوة على ذلك، فإن استمرار احتجاز عشرات المدنيين في سجن “بئر أحمد” في ظروف غير إنسانية، وحرمانهم من المحاكمة العادلة والحقوق الأساسية، على خلفية انتمائهم المناطقي، يمثل ممارسة تمييزية وانتهاكاً جسيماً لاتفاقيات جنيف. كما يُصنَّف ضمن الجرائم ضد الإنسانية وفقاً للقانون الدولي، الأمر الذي يستوجب تحقيقاً دولياً عاجلاً لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وإنصاف الضحايا.
تدين منظمة “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات اختطاف الناشط خالد الحميقاني، وتطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه، والكشف عن مكان احتجازه، وضمان سلامته الجسدية والنفسية، محملةً المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤولية الكاملة عن حياته وسلامته.
كما تدعو المنظمة المجلس الرئاسي والحكومة المعترف بها دولياً إلى تحمل مسؤولياتهم القانونية في حماية حقوق المواطنين في عدن، والعمل على وقف حالات الاعتقال التعسفي، وضمان احترام القوانين المحلية والدولية.
وتشدد المنظمة على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان في سجن بئر أحمد، والإفراج عن كافة المحتجزين تعسفياً، وضمان محاكمات عادلة للمتهمين.
كما تدعو المنظمة الأمم المتحدة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمنظمات الحقوقية الدولية بممارسة الضغط اللازم لضمان الإفراج عن كافة المختطفين والمعتقلين تعسفياً، وفتح تحقيقات مستقلة حول هذه الانتهاكات، ومساءلة المسؤولين عنها.
تؤكد “صحفيات بلا قيود” أنها ستواصل رصد وتوثيق هذه الانتهاكات، والعمل على إيصالها إلى الجهات الحقوقية والقانونية الدولية لضمان تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين، وإنصاف الضحايا الذين يتعرضون للقمع والاعتقال التعسفي.
صادر عن منظمة“صحفيات بلاقيود”
28 مارس/آذار 2025