البيانات الصحفية

تونس: أوقفوا المحاكمات السياسية

تونس: أوقفوا المحاكمات السياسية

تونس- تعرب منظمة صحفيات بلا قيود عن بالغ قلقها إزاء الحكم القضائي الصادر بتاريخ 2 مايو/أيار 2025 عن الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الإرهاب في المحكمة الابتدائية بتونس،

والذي قضى بسجن رئيس الحكومة الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة علي العريض لمدة 34 عامًا، على خلفية ما يُعرف بـ”قضية التسفير إلى بؤر التوتر”. وتشدد المنظمة على أن هذا الحكم، الصادر في محاكمة جرت دون حضور المتهم أو تمكينه من الدفاع الكامل، يمثل انتهاكًا صارخًا لمبادئ المحاكمة العادلة، ويتعارض مع ما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وخاصة الحق في المثول أمام محكمة مستقلة ومحايدة.

تؤكد المنظمة أن القضية التي أُدين فيها العريض تفتقر إلى الأساس القانوني الواضح، إذ لم تستند إلى أدلة مادية موثقة، كما أن تحقيقاتها لم تقدم معطيات رسمية حول أعداد المسافرين إلى سوريا أو آلية تسفيرهم أو المسؤولية المباشرة المنسوبة إليه، رغم أن العريض، خلال توليه وزارة الداخلية ثم رئاسة الحكومة، كان أول من صنف تنظيم “أنصار الشريعة” كتنظيم إرهابي، واتخذ إجراءات رسمية للحد من السفر إلى مناطق النزاع.

إن الحكم الصادر بحق العريض لا يُفهم إلا في سياق تصاعد المحاكمات السياسية ضد رموز المعارضة، حيث سبقه بتاريخ 19 أبريل/نيسان 2025 إصدار أحكام بالسجن بين 13 و66 سنة في قضية “التآمر على أمن الدولة”، بحق ما لا يقل عن 37 شخصية معارضة، من أبرزهم: كمال اللطيف، خيام التركي، نور الدين البحيري، رضا بلحاج، غازي الشواشي، عصام الشابي، عبد المجيد الزار، أحمد نجيب الشابي، شيماء عيسى، وجوهر بن مبارك. 
وقد جرت تلك المحاكمات وسط تغييب المتهمين ومنع الصحفيين والمراقبين من الحضور، مع حرمان الدفاع من الطعن في الأدلة السرية، في مخالفة جوهرية لقواعد الإجراءات القضائية السليمة.

تعتبر منظمة صحفيات بلا قيود أن هذه الأحكام القضائية، سواء في “قضية التسفير” أو “قضية التآمر”، ليست إلا امتدادًا لاستخدام القضاء كأداة لتصفية الخصوم السياسيين، في أعقاب الإجراءات الاستثنائية التي أطلقها الرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو/تموز 2021، والتي شملت حل البرلمان، تعطيل مؤسسات الرقابة، وعزل القضاة، وإصدار تشريعات فردية، وهو ما أدى إلى تآكل استقلالية السلطة القضائية وتقويض مبدأ فصل السلطات.

إن هذه المحاكمات، إلى جانب ملاحقة الإعلاميين والناشطين، تُهدد بشكل خطير سيادة القانون والحريات الأساسية في البلاد، وتؤسس لحالة طوارئ قضائية مفتوحة تُستخدم فيها التهم الخطيرة كسلاح سياسي. كما تُعبّر عن انقلاب فعلي على منجزات الثورة التونسية، وتُعيد البلاد إلى مربع السلطوية، وتُحرم المواطنين من أبسط حقوقهم في العدالة والمحاسبة والرقابة.

وبناء على ذلك، تطالب منظمة صحفيات بلا قيود بـإلغاء الحكم الصادر بحق علي العريض وإعادة محاكمته وفق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة المعتقلين السياسيين المحكومين في قضايا مسيّسة. كما تطالب بإجراء تحقيق مستقل في التجاوزات والانتهاكات التي شابت المحاكمات الأخيرة.وايضا ضمان استقلال القضاء ووقف كل أشكال التدخل السياسي في عمله. كما تدعو الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الإقليمية والدولية إلى اتخاذ خطوات عاجلة لحماية الحقوق والحريات في تونس.

إن استمرار هذه المحاكمات يُعدّ انتهاكًا خطيرًا للعدالة، وتواطؤًا مع مسار سلطوي يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد. وتؤكد منظمة صحفيات بلا قيود أنها ستواصل فضح هذه الانتهاكات، والعمل مع شركائها الوطنيين والدوليين للدفاع عن الحريات، وكشف زيف محاولات تسييس العدالة وتوظيف القضاء في تصفية المعارضة.

صحفيات بلا قيود
تونس – 5 أيار/مايو 2025

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image