اليمن - قالت منظمة “صحفيات بلا قيود” إن استمرار القصف العشوائي الذي تشنه مليشيا الحوثي على الأحياء السكنية، إلى جانب زرع الألغام الأرضية والعبوات الناسفة وترك مخلفات حربية غير منفجرة في مناطق مدنية،
يواصل حصد أرواح المدنيين ولا سيما الأطفال، سواء من جراء القصف المباشر أو انفجار تلك المخلفات، وهو ما يشكل انتهاكاً جسيماً وصارخاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني وقواعد حماية المدنيين.
وأشارت المنظمة إلى أن الأيام الماضية شهدت حوادث مروعة راح ضحيتها عدد من الأطفال في محافظة تعز نتيجة انفجار مخلفات حرب وسقوط مقذوفات عشوائية أطلقتها مليشيا الحوثي على أحياء مدنية مأهولة، في نمط متكرر يعكس طابعاً ممنهجاً لانتهاكات جسيمة بحق السكان.
وأكدت المنظمة أن هذه الممارسات تشكل جرائم حرب بموجب اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الجنائي، نظراً لما تسببه من سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين الأبرياء، ولا سيما الأطفال الذين يتحملون العبء الأكبر من هذه الانتهاكات، وذلك في ظل تكرارها وطبيعتها المنهجية والمتعمدة.
وشددت المنظمة على أن هذه الأعمال تعكس استمرار سياسة الإفلات من العقاب التي تسمح للمليشيا بمواصلة انتهاكاتها الوحشية دون محاسبة، ما يحتم على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لوقف هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها وحماية حياة المدنيين وكرامتهم الإنسانية.
وأوضحت منظمة “صحفيات بلا قيود”، استناداً إلى معلومات تلقتها من فريقها الميداني ومن مصادر ميدانية وشهادات حقوقية موثوقة، أن ستة أطفال قتلوا وأصيب طفل اخر بإصابات بالغة، خلال أسبوع واحد فقط بمحافظة تعز جراء أعمال عدائية ترتكبها مليشيا الحوثي بحق المدنيين.
· ففي مساء الجمعة 18 يوليو 2025، قتلت الطفلة نوازح مسعد (7 سنوات) وأصيب شقيقها محمد (4 سنوات) بجروح بالغة، إثر قصف عشوائي بقذائف الهاون شنته مليشيا الحوثي على قرية “الحناية” في منطقة الكدحة، الواقعة بين مديريتي موزع والمعافر غرب تعز، أثناء لهوهما أمام منزلهما، ما أدى إلى مقتل الطفلة على الفور، وإصابة شقيقها بجراح خطيرة نقل على إثرها إلى أحد مستشفيات مدينة المخا.
· وفي حادثة أخرى مروعة وقعت مساء الجمعة 11 يوليو 2025، قتل خمسة أطفال في منطقة “جبل الحبيل” أسفل العرسوم، مديرية التعزية شمال محافظة تعز، وهي منطقة خاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، إثر انفجار مقذوف غير منفجر من مخلفات المليشيا، أثناء عبث الأطفال بجسم معدني مجهول تسبب في انفجاره على الفور، مما أدى إلى مقتلهم جميعاً على الفور، في مجزرة مأساوية تجسد الخطر الداهم الذي تمثله الذخائر المهملة في مناطق مدنية مأهولة، دون اتخاذ أي تدابير لحماية السكان أو تطهير تلك المخلفات.
ووثقت المنظمة أسماء الضحايا على النحو الآتي:
1. مبارك ياسر علي أحمد الشرعبي (14 عام)
2. أسامة أبو بكر أحمد علي (12 عام)
3. بشير أكرم محمد الفضلي (13 عام)
4. أنس جواد محمد صالح (14 عام)
5. أحمد علي مقبل عبدالله العتمي (12 عام)
وأكدت المنظمة أن تتابع هذه الحوادث في فترات متقاربة يسلط الضوء على الخطر المتصاعد الذي يشكله استمرار وجود الذخائر الحوثية وممارسات القصف العشوائي على حياة الأطفال في محافظة تعز، ويعكس نمطاً مزدوجاً من الانتهاكات الجسيمة التي اعتادت المليشيا ارتكابها، ما يؤدي إلى تفاقم الخسائر في صفوف المدنيين ويضاعف من معاناة الأهالي، خاصة الأطفال.
وفي السياق، أوضحت المنظمة أنها اطلعت على بيان صادر عن منظمة “رعاية الأطفال” (Save The Children)، أكدت فيه أن مقتل خمسة أطفال في تعز جراء انفجار ذخيرة غير منفجرة، رفع عدد ضحايا الألغام والذخائر غير المنفجرة من الأطفال في اليمن، خلال النصف الأول من عام 2025، إلى ما لا يقل عن 40 طفلاً، كما أوضح البيان أن هذه المخلفات الحربية تسببت منذ بداية العام في مقتل وإصابة 107 مدنيين.
و ذكّرت “صحفيات بلاقيود” بسلسلة من الحوادث المأساوية المشابهة التي وثقتها في عدد من المناطق، والتي راح ضحيتها أطفال ومدنيون، سواء جراء القصف العشوائي المتكرر الذي استهدف الأحياء السكنية، أو نتيجة انفجار مقذوفات غير منفجرة او عبوات ناسفة مموهة وألغام زرعتها مليشيا الحوثي في مناطق مأهولة بالسكان، ما يعكس نمطاً ممنهجاً من العنف العشوائي والمتعمد والذي غالباً ما يكون الأطفال أولى ضحاياه.
وأكدت منظمة “صحفيات بلا قيود” أن ما ارتكبته مليشيا الحوثي من قصف عشوائي لأحياء سكنية، وزرع ألغام وترك مقذوفات غير منفجرة في مناطق مدنية مأهولة، وخصوصا ما أسفر عنه من مقتل وإصابة عدد من الأطفال، يعد جريمة حرب مكتملة الأركان بموجب المادة (8) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وانتهاكا جسيماً لحقوق الأطفال المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل وقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 1612 (2005).
كما شددت على أن هذه الأفعال تشكل نمطاً ممنهجاً ومتعمداً من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة، وتستدعي مساءلة جنائية دولية وملاحقة مرتكبيها أمام العدالة واتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين، وخصوصاً الأطفال، من هذه الممارسات المحظورة بموجب القانون الدولي الإنساني.
وأعربت “صحفيات بلا قيود” عن إدانتها الشديدة لهذه الجرائم البشعة التي تضاف إلى سجل واسع من الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق المدنيين، مؤكدة أن استمرار سقوط الضحايا جراء القصف العشوائي للأحياء السكنية والالغام والعبوات الناسفة المموهة ومخلفات الحرب يعكس طبيعة عدوانية وغير إنسانية، واستمراراً مقلقاً للاستهتار بحياة الأبرياء.
وأبدت المنظمة عميق أسفها وتعاطفها مع أسر الضحايا وأهالي المناطق المنكوبة، مشددة على أن ما حدث ليس مجرد مأساة إنسانية، بل يكشف أيضاً عن فشل دولي في حماية المدنيين، وبالأخص الأطفال.
وطالبت المنظمة بفتح تحقيق دولي مستقل وشفاف ومحاسبة المسؤولين أمام العدالة الدولية، معتبرة أن هذه الانتهاكات تندرج ضمن جرائم الحرب و الجرائم الجسيمة المرتكبة ضد الطفولة، وتشكل جرس إنذار خطير للمجتمع الدولي بشأن تفاقم مأساة الأطفال في اليمن، حيث إن الإفلات من العقاب يشكل تهديداً مباشراً لأجيال كاملة.
ودعت المنظمة الأمم المتحدة والآليات الدولية المعنية، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى اتخاذ مواقف واضحة وحازمة لمواجهة هذه الانتهاكات، مؤكدة أن استمرار صمت المجتمع الدولي يعزز ثقافة الإفلات من العقاب ويهدد حياة المدنيين، خاصة الأطفال.
