البيانات الصحفية

المغرب: تصاعد في القمع وانتهاك الحريات

المغرب: تصاعد في القمع وانتهاك الحريات

تعبر منظمة “صحفيات بلا قيود” عن بالغ إستنكارها إزاء تصاعد الحملة القمعية ضد حرية التعبير والرأي في المغرب،

والتي طالت في الآونة الأخيرة مجموعة من النشطاء والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، في سياق يعكس تراجعًا حادًا في الضمانات الدستورية والتزامات الدولة الدولية بمجال حقوق الإنسان، ويؤشر إلى عودة مقلقة لأساليب الترهيب الأمني وتوظيف القضاء لتكميم الأفواه المستقلة.

وفي مقدمة هذه الانتهاكات، تدين المنظمة بشدة الاعتقال التعسفي للناشطة والمدونة سعيدة العلمي يوم 1 يوليو 2025 من قبل عناصر أمنية بزي مدني، بعد أقل من عام على إطلاق سراحها من سجون المملكة. وقد جاء اعتقالها على خلفية منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي انتقدت فيها طريقة تسيير الشأن العام المغربي، وعبرت عن رفضها للتطبيع مع إسرائيل، وهو ما اعتبرته السلطات “إهانة لهيئات منظمة” و”نشرًا لأخبار كاذبة”، في تهم لا تخرج عن إطار ما دأبت السلطات على توجيهه للمعارضين السلميين ومعارضي التطبيع.

إن هذا الاعتقال يعكس استمرار سياسة ترهيب الأصوات الحرة، ويؤكد أن الدولة ماضية في ملاحقة من يعبّرون عن آرائهم، ولو بوسائل سلمية ومشروعة.

وفي السياق نفسه، تتابع المنظمة بقلق بالغ الحكم الصادر بحق الصحافي حميد المهداوي، الذي أيّدت محكمة الاستئناف بالرباط مؤخرًا حبسه لمدة 18 شهرًا وتغريمه ماليًا، في ما يعتبر محاكمة سياسية بامتياز هدفها إخراس أحد أبرز الأصوات المستقلة في المشهد الإعلامي المغربي. ولا تزال قضايا أخرى تُلاحق المهداوي من طرف نفس الجهة الرسمية، ما يؤشر إلى حملة ممنهجة تهدف إلى تجفيف منابع الصحافة الحرة.

 

كما تجدد المنظمة تضامنها الكامل مع المحامي والنقيب السابق محمد زيان، المعتقل منذ نوفمبر 2022 رغم تقدمه في السن وتدهور وضعه الصحي، بعد سلسلة محاكمات بتهم تتراوح بين “نشر أخبار كاذبة” و”إهانة السلطات”، إلى “اختلاس المال العام”، وهي تهم تستند في جزء كبير منها إلى نشاطه الحقوقي والسياسي ونقده العلني للأجهزة الأمنية.

وتُذكّر المنظمة باستمرار معاناة معتقلي حراك الريف، الذين يقبع عدد منهم في السجون منذ 2017، في مقدمتهم ناصر الزفزافي ورفاقه، في ظل حرمانهم من شروط المحاكمة العادلة، ورفض الدولة الاستجابة للمطالب المتكررة بالإفراج عنهم أو تخفيف الأحكام القاسية الصادرة بحقهم.

كما تدين المنظمة الحكم الجائر الصادر بحق المدون رضوان قسطيط بالسجن سنتين، فقط لأنه عبر عن رأيه في منشورات تندد بالإبادة الجماعية في غزة، في نموذج آخر يوضح كيف أصبحت حرية الرأي تُعامل باعتبارها تهديدًا للدولة لا حقًا دستوريًا.

إن منظمة “صحفيات بلا قيود” ترى في هذا المسار القضائي الممنهج مؤشرا خطيرًا على الردة الحقوقية التي تشهدها البلاد، وتعتبر أن القضاء يتم توظيفه بشكل متزايد كأداة لتصفية الحسابات السياسية وإسكات المعارضين والمدونين والمستقلين، في خرق واضح للفصل 28 من الدستور المغربي، وللمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وعليه، تطالب المنظمة بالإفراج الفوري عن الناشطة سعيدة العلمي وكافة معتقلي الرأي، ووقف المحاكمات ذات الطابع الانتقامي ضد الصحافيين والمدونين والنشطاء ومناهضي التطبيع، كما تدعو الدولة المغربية إلى احترام التزاماتها الدستورية والدولية، والتوقف عن توظيف القضاء والتشريعات كأدوات قمعية.

وفي ظل هذا الواقع، تناشد “صحفيات بلا قيود” المجتمع الدولي، وفي طليعته الاتحاد الأوروبي، إلى التحرك العاجل والضغط الجاد على السلطات المغربية لوقف هذا النزيف الحقوقي، وتطالب بربط الشراكات السياسية والاقتصادية مع الرباط باحترام مبادئ حقوق الإنسان، وعدم التغاضي عن الانتهاكات تحت ذرائع الاستقرار والأمن. إن صمت الشركاء الدوليين لم يعد مبررًا، بل أصبح يغذي الشعور بالإفلات من العقاب، ويشجع السلطات على المضي في خنق الحريات الأساسية وتقويض أي أفق ديمقراطي حقيقي.

 

صادر عن صحفيات بلا قيود

9/ يوليو/ 2025

Author’s Posts

Image