اليمن - قالت منظمة “صحفيات بلا قيود” إن مدينة رداع بمحافظة البيضاء تشهد تصعيداً خطيراً ومتسارعاً من قبل مليشيا الحوثي، محذرة من كارثة إنسانية محدقة في حي الحفرة والأحياء المجاورة،
في ظل استمرار الحصار الخانق المفروض منذ فجر الأحد 20 يوليو 2025 وتصاعد الانتهاكات التي طالت أحياء عديدة، أبرزها المداهمات والاختطافات الجماعية وعمليات القصف المباشر، وصولاً إلى اندلاع مواجهات عنيفة في حي فاقش عصر السبت 26 يوليو، عقب انهيار اتفاق وساطة رعته لجنة محلية.
وأكدت المنظمة أن ما يجري في أحياء رداع، خصوصاً الحفرة وفاقش، يشكل خطراً جسيماً على حياة مئات المدنيين، في ظل حصار شامل ومنع متواصل لدخول الغذاء والدواء، ما أدى إلى تفاقم المعاناة الإنسانية وتدهور الأوضاع الصحية، لاسيما بين النساء والأطفال.
واعتبرت المنظمة أن هذه الممارسات ترقى إلى جرائم حرب مكتملة الأركان وفقاً لأحكام القانون الدولي الإنساني، لاسيما في ظل تكرار هذا النمط من الانتهاكات في مناطق مختلفة بمدينة رداع بما فيها حي الحفرة.
وأوضحت المنظمة، استناداً إلى معلومات تلقتها من مصادر ميدانية والى تقارير صحفية، أن الحملة الأخيرة شهدت فرض طوق أمني مشدد على عدد من أحياء مدينة رداع وانتشاراً كثيفاً للمسلحين الحوثيين في الشوارع وعلى المباني المرتفعة وتنفيذ مداهمات واختطافات طالت عشرات المواطنين، في حملة وصفت بأنها الأوسع منذ بدء التصعيد، ما تسبب في حالة من الذعر والخوف بين المدنيين، لاسيما في أوساط النساء والأطفال.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه التطورات تأتي امتداداً للتصعيد الذي تنفذه المليشيا ضد حي الحفرة منذ سبعة أيام، والذي شمل استقدام تعزيزات عسكرية كبيرة ونشر قناصة على أسطح المباني المرتفعة وفرض حصار مطبق، مما يهدد حياة مئات المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال ويفاقم من المعاناة الإنسانية المتصاعدة في المنطقة.
واستناداً إلى ذات المصادر، أوضحت المنظمة أن الحملة بدأت عندما حاولت عناصر المليشيا اختطاف الشاب محمد الصباحي من وسط المدينة، في 20 يوليو 2025، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة قتل خلالها اثنان من عناصر المليشيا، فيما توفي الصباحي لاحقاً متأثراً بإصابته.
وفي أعقاب الحادثة، شنت المليشيا حملة عسكرية واسعة على الحي، شملت قصفاً واستهدافاً مباشراً للمنازل، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين بينهم المسن حسن علي الحليمي وإصابة عدد من المدنيين، بعضهم في حالات حرجة. كما منعت المليشيا إسعاف الجرحى أو دخول الفرق الطبية، في انتهاك صارخ للحق في الحياة والرعاية الطبية وتجسيد لسلوك انتقامي جماعي بحق السكان.
وأشارت المنظمة أن مليشيا الحوثي خرقت اتفاقاً كانت قد توصلت إليه لجنة وساطة محلية مع أبناء حي الحفرة، سلم بموجبه السكان عشرة من أبناء الحي الذين وصفتهم المليشيا بـ"المطلوبين"، في محاولة لتجنيب المنطقة مزيداً من العنف. غير أن المليشيا انقلبت على الاتفاق بشكل مفاجئ وقامت بشن حملة عسكرية جديدة شملت فرض طوق أمني، انتشار قناصة ومنع إسعاف الجرحى وانتشال جثث القتلى، في انتهاك صارخ للحق في الحياة والرعاية الطبية ومؤشر خطير على سلوك انتقامي ممنهج.
وافادت تقارير صحفية، ان مليشيا الحوثي شنت هجوماً واسعاً على حي فاقش المخاذي لحي الحفرة يوم السبت 26 يوليو، ما أسفر عن مقتل اثنين من المدنيين وأحد عناصر المليشيا، مع استمرار المواجهات حتى مساء اليوم ذاته، وسط حصار محكم و منع إسعاف المصابين.
جرائم حرب ممنهجة
و شددت المنظمة على أن ما يجري في مدينة رداع يندرج ضمن نمط ممنهج من الانتهاكات الجسيمة التي ترقى إلى جرائم حرب، سبق أن ارتكبتها المليشيا في مناطق أخرى بالمحافظة، أبرزها الهجوم على الحي ذاته في مارس 2024 والذي أسفر عن تفجير منازل على رؤوس ساكنيها من النساء والأطفال، وكذلك الهجوم المروع على منطقة حنكة آل مسعود بمديرية القريشية مطلع العام الجاري، الذي تسبب في مقتل وإصابة العشرات واختطاف المئات وتفجير منازل ونهب ممتلكات وتهجير قسري.
نداء عاجل لرفع الحصار وفتح تحقيق دولي
وأعربت “صحفيات بلا قيود” عن إدانتها الشديدة لهذا التصعيد الخطير والانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين، محمّلة مليشيا الحوثي المسؤولية الكاملة عن ما يتعرض له سكان مدينة رداع من جرائم ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي.
كما أطلقت المنظمة نداءاً عاجلاً إلى المجتمع الدولي، داعية إلى تحرك فوري لوقف الحملة العسكرية التي تشنها المليشيا على احياء مدينة رداع بما فيها الحفرة وفاقش ورفع الحصار المفروض فوراً وفتح ممرات إنسانية آمنة لإسعاف المصابين وتأمين حركة المدنيين وتوفير المساعدات والاحتياجات الإنسانية.
و اختتمت المنظمة، المطالبة بضرورة فتح تحقيق دولي مستقل في الجرائم المرتكبة بمدينة رداع، بما يشمل الانتهاكات التي طالت حي الحفرة وحي فاقش ومنطقة حنكة آل مسعود، والعمل على إدراج هذه الجرائم ضمن تقارير وآليات المساءلة الدولية، وملاحقة المسؤولين عنها وعدم السماح بالإفلات من العقاب.