البيانات الصحفية

غزة: مؤسسات دولية متورطة في الإبادة الجماعية

غزة: مؤسسات دولية متورطة في الإبادة الجماعية

أدانت منظمة "صحفيات بلا قيود" الأدوار الخطيرة التي تقوم بها مؤسسات دولية مرتبطة بسلطات الاحتلال الإسرائيلي، واعتبرتها شريكاً في تنفيذ الإبادة الجماعية بحق المدنيين في قطاع غزة.

وقالت المنظمة إن سلطات الاحتلال لم تكتف باستخدام شبكة واسعة من الشركات والمؤسسات العالمية التي تعمل في مجالات التكنولوجيا والتسليح والطاقة والمراقبة والهدم، وتقوم بتجنيدها للمشاركة في ارتكاب الجرائم من خلال تحويل مآسي الحرب إلى صفقات مربحة، بل لجأ الاسرائيليون إلى استخدام وسائل ملتوية لتنفيذ الإبادة عبر دعم وإنشاء كيانات ذات طابع أمني وإنساني، ومن بينها "مؤسسة غزة الإنسانية".

الاثنين، 7 يوليو الجاري، قال وزير الدفاع في حكومة الاحتلال، يسرائيل كاتس، إنه أمر المدير العام للوزارة بإعداد خطة لإنشاء "منطقة إنسانية" يديرها جيش الاحتلال، بالمشاركة مع مؤسسات دولية لاحقاً، وهذا ما ينسجم تمامًا مع تقارير تفصيلية عن نماذج وخطط أعدّتها مؤسسات دولية بطلبٍ اسرائيلي، لإنشاء مخيمات واسعة تحت مسمى "مناطق انتقال إنسانية". 
وبحسب التقارير والتحقيقات التي اطلعت عليها صحفيات بلا قيود، فإن النماذج المطروحة تقترح أن تكون "مؤسسة غزة الإنسانية" الجهة المسؤولة عن "تنظيم جميع الأنشطة المدنية المتعلقة بالبناء، والترحيل، والانتقال الطوعي المؤقت"، في خطة واضحة بأنها "جزء من مشروع الإبادة الجماعية، مُغلّف بغطاء العمل الإنساني".

وقالت المنظمة، إن هذه التقارير تفسر سبب إصرار مؤسسة غزة الإنسانية بتوزيع المساعدات وفق الآلية التي اعتمدتها سلطات الاحتلال، ما يؤكد تورط المؤسسة في إدارة سياسة التجويع، وتحويل نقاط توزيع المساعدات إلى مصائد للقتل الجماعي وانتهاك المدنيين، ما يُعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي ومشاركة مباشرة في جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، ومن عناصر الإبادة الجماعية.
وأشارت المنظمة إلى أنه، منذ بدء تطبيق الآلية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات عبر "مؤسسة غزة الإنسانية" في 27 مايو الماضي، قتلت قوات الاحتلال والمرتزقة الأمريكيون 766 مدنيًا ممن احتشدوا بانتظار المساعدات، وأصيب أكثر من 5044 شخصًا، بحسب التقرير الاحصائي اليومي لوزارة الصحة الفلسطينية، الثلاثاء 8 يوليو الجاري. ليرتفع عدد الشهداء الذين وصلت جثامينهم إلى مستشفيات القطاع إلى 57,575 شهيدًا و136,879 جريحًا منذ السابع من أكتوبر 2023، علمًا بأن هذه الأرقام لا تشمل الضحايا الذين ما يزالون تحت الأنقاض وفي الشوارع وتعجز طواقم الإسعاف عن الوصول إليهم.

شبكة شراكات

وكانت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية  قد كشفت أن مجموعة "بوسطن للاستشارات"، أعدت بطلب إسرائيلي، نموذجًا لتهجير الفلسطينيين من غزة، وتضمن النموذج سيناريوهات لتهجير أكثر من 500 آلف فلسطيني. وقد تم إنشاء ما تُعرف بـ «مؤسسة غزة الإنسانية» لهذا الغرض، بمشاركة كيانات أمنية واستثمارية "أمريكية ـ إسرائيلية"، منها شركة أوربيس" الأمنية التي أعدت الدراسة لصالح "معهد تاشليت" الإسرائيلي، وتم اختيار "بوسطن للاستشارات" عبر شركة (McNally Capital ) الاستثمارية، المالكة لشركة أوربيس أوربيس، بسبب علاقتها مع فيليب رايلي، العميل السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية،  وفي أواخر عام 2024، أسس رايلي شركة "سيف ريتش سوليوشنز" الأمنية استنادًا إلى هذا المخطط.
وفي هذا السياق، استندت صحفيات بلا قيود، إلى التقرير الذي قدمته المقرّرة الخاصة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، فرانشيسكا ألبانيز،  إلى الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان (16 يونيو – 11 يوليو 2025)، حيث بيّن التقرير التحول الحاسم في طبيعة الاحتلال منذ أكتوبر 2023، م ليتخذ شكلًا جديدًا أكثر وحشية وذلك من خلال تتبع علاقة معقدة بين اسرائيل وشبكة من الشركات الدولية التي تدعمه أو تتربح منه، موضحًا أن هذه الكيانات ليست جهات ثانوية، بل تمثل ركيزة أساسية للاحتلال.


والثلاثاء 8 يوليو، كشفت وكالة "رويترز"، عن تفاصيل مقترح لإنشاء مخيمات للفلسطينيين، تعمل عليه ما تعرف باسم "مؤسسة غزة الإنسانية"، حيث عرضت المؤسسة الأميركية الإسرائيلية إقامة مخيمات واسعة النطاق تطلق عليها "مناطق انتقال إنسانية" داخل غزة، وربما خارجها، لإيواء فلسطينيين.

 
ووصفت "صحفيات بلا قيود" تصريحات كاتس بأنها "تؤكد بلورة الخطط الصادرة عن المؤسسات الدولية المتواطئة، ودورها الرئيسي في تنفيذ الإبادة الجماعية من خلال تهجير السكان"، مؤكدة أن "مؤسسة غزة الإنسانية" تقوم بدور مركزي في هذا الانتهاك الفاضح تحت غطاء إنساني زائف، وهو ما أكدته منظمة العفو الدولية التي وصفت المؤسسة بأنها أداة لإدامة الإبادة الجماعية وتجميل الجريمة أمام المجتمع الدولي.

تفتيت الجغرافيا

وحذرت المنظمة من المخطط الإسرائيلي الخطير لتفتيت الجغرافيا في غزة، وأعادت التذكير بتقريرها الصادر في 26 يونيو الماضي، والذي يحمل عنوان "الأرض وما عليها"، والذي بيّن أن الاحتلال صنّف القطاع إلى ثلاث مناطق: مناطق إنسانية غير آمنة، ومناطق قتالية، ومناطق عازلة، ضمن خطة تهدف إلى إفراغ غزة من سكانها، عبر إجراءات ممنهجة ومترابطة كلها تهدف لتفريغ غزة من السكان واحتلال الأرض احتلالاً دائماً وذلك من خلال استخدام المناطق الإنسانية غير الآمنة لفرض تدابير معيشية ضد السكان تجبرهم على التهجير، وإبادة ما تبقى من المنازل والمرافق الخدمية في المناطق القتالية، والانتشار في المناطق العازلة ومنع المدنيين من العودة إليها حسب ما أورده التقرير.


واعتبرت "صحفيات بلا قيود" أن ما يُسمى بـ"مراكز توزيع المساعدات" التي تشرف عليها مؤسسة غزة الإنسانية،  تُعد جزءًا من استراتيجية استخدام التجويع كأداة عسكرية، حيث تم إنشاء هذه النقاط قرب تمركزات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتحولت إلى ساحات لتصفية المجوعين، ما يعني بأن مقترح إنشاء مناطق إنسانية انتقالية ليس إلا امتداداً لهذا النهج الخطير.


في 27 مايو الماضي فعَّلت سلطات الاحتلال تلك المناطق التي حددتها لاحتشاد طالبي المساعدات، تحت إدارة شركة أمريكية ناشئة تعمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتخضع لإشراف جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقد رُفضت هذه الآلية من قبل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان. إذ تجبر هذه الآلية، حشود المجوعين على جمع صناديق المساعدات، من أربعة مواقع/مناطق توزيع متباعدة في جنوب ووسط غزة، حيث يضطر الجائع إلى المشي أكثر من عشرة كيلو. ولأن مئات الآلاف جوعى بسبب منع دخول المساعدات تماماً منذ 2 مارس، يحتشد عشرات آلاف المدنيين، لكن سلطات الاحتلال ممثلة بالشركة الامريكية الناشئة، توزع نسبة ضئيلة من المساعدات التي لا تغطى الحد الأدنى من احتياجات السكان، وبالتالي تخلق صراعات حول المساعدات بين حشود المجوعين، ما يُسهم في "تفكيك النسيج المجتمعي في غزة، عبر إذكاء صراع البقاء بين المجوعين"، ويتكامل مع سياسة القتل المباشر والممنهج.

وتدعو منظمة صحفيات بلا قيود إلى الآتي:

-          تحقيق دولي يتقصى الدور الذي تؤديه مؤسسة غزة الإنسانية، وبقية الشركات المشبوهة، وأدوارها في ارتكاب الانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وأعمال الإبادة الجماعية.

-          محاسبة القائمين على هذه المؤسسة وكل من يشارك في إدارتها، سواء أكانوا أفراداً أم كيانات، بموجب المسؤولية الجنائية الفردية والمؤسسية، وبحسب أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

-          إنهاء الإفلات من العقاب، باعتباره شرطاً أساسياً لضمان تحقيق العدالة ومنع تكرار هذه الجرائم، ووضع حد لخطر توظيف الغطاء الإنساني لتمرير السياسات الاستعمارية والإجرامية في قطاع غزة وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

Author’s Posts

Image