
قالت منظمة صحفيات بلا قيود إن وفاة السجين السوري أسامة الجاعور داخل سجن رومية اللبناني سيّئ السمعة، تمثل جرس إنذار خطير يكشف حجم الانتهاكات والمعاناة التي يعيشها الموقوفون السوريون في لبنان.
وأشارت المنظمة، أن وضع السجناء، يستدعي التحرك العاجل لحل أزمة الاعتقال والبدء بخطوات عملية للإفراج عن آلاف السجناء الذين يعيشون في ظروف غير إنسانية.
وصدم خبر وفاة الجاعور، أهالي السجناء، وأفادت شهادات من داخل السجن إلى أن حالة السجين الصحية تدهورت بشكل كبير، حتى شُلت حركته تمامًا وهو محتجز في المبنى "ب" بسجن رومية، قبل أن يُنقل إلى المبنى الاحترازي حيث أُعلن عن وفاته.
وبحسب روايات أهله، فإن جثمان الجاعور نُقل إلى مسقط رأسه في مدينة القصير بسوريا، ودُفن الجمعة 15 أغسطس الجاري، بعد عشر سنوات من الاعتقال. وصرّح والده بأن ابنه توفي في 11 أغسطس، أي قبل أربعة أيام من الإعلان الرسمي، مؤكدًا أن "بطنه كان ملتصقًا بظهره من شدة الجوع"، وهو ما يفضح سياسة المعاملة اللاإنسانية التي يتعرض لها السجناء.
وبحسب بيان لأهالي السجناء، فإن الجاعور اعتُقل عام 2015 على خلفية مشاركته في القتال ضد ميليشيا "حزب الله" التي سيطرت على مدينته عام 2013، ومنذ ذلك الوقت ظل محتجزًا، ليكون واحدًا من آلاف السوريين العالقين في دهاليز السجون اللبنانية. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد السجناء في لبنان يبلغ 8,300 سجينًا وسجينة، من بينهم 2,351 سجينًا سوريًا.
وأكدت "صحفيات بلا قيود" أن السلطات اللبنانية فشلت في معالجة أزمة الاكتظاظ داخل السجون، إذ تصل نسبة الازدحام إلى أكثر من 200%، ما يحول السجون إلى بيئة غير إنسانية تفتقر إلى الرعاية الصحية والمرافق الأساسية.
وأوضحت "صحفيات بلا قيود" أن ما يقارب 80% من السجناء في لبنان غير محكومين، بينهم معتقلون منذ قرابة عقدين من الزمن لم تتم محاكمتهم أو لم توجه إليهم أي تهم رسمية. كثير منهم محتجزون على خلفية وشايات أو بسبب التعبير عن آرائهم، ما يضع السلطات اللبنانية أمام انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان المكفولة بموجب الدستور اللبناني والاتفاقيات الدولية.
وأشارت المنظمة إلى أن مشروع العفو العام الذي أثير مرارًا في لبنان ظل عالقًا في دوائر التجاذب السياسي والطائفي والمناطقي، دون أي تقدم فعلي. ففي حين يطالب أهالي السجناء بإقرار عفو شامل، تصر أطراف سياسية على استثناء فئات واسعة من المعتقلين، خصوصًا من وُجهت لهم تهم بمقاومة السلطات أو ارتكاب جرائم قتل. واعتبرت "صحفيات بلا قيود" أن استمرار هذا الجدل يضاعف من معاناة آلاف الأسر ويحول قضية إنسانية بحتة إلى ملف مساومة سياسية.
ونوهت صحفيات بلا قيود إلى أن لبنان صادق منذ عام 1972 على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تنص مادته التاسعة على أنه "لا يجوز حرمان أي شخص من حريته إلا بموجب قانون يضمن احترامًا لكرامته الإنسانية"، كما يُلزم السلطات بإبلاغ المعتقل بأسباب توقيفه وعرضه على القضاء خلال فترة زمنية معقولة، لضمان الحق في محاكمة عادلة. وما يعني أن ما يحدث اليوم في السجون اللبنانية، من تأخير متعمد وإطالة سنوات الاحتجاز من دون أحكام، يعد انتهاكًا صريحًا لهذا الالتزام.
"صحفيات بلا قيود" تطالب بـ:
ـ فتح تحقيق قضائي مستقلوشفاف في ظروف وفاة أسامة الجاعور، ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال أو التعذيب أو الحرمان من الرعاية.
ـ الإفراج الفوري عن جميع الموقوفين غير المحكومين، خاصة من تجاوزت فترات احتجازهم مدد المحاكمة القانونية.
ـ تحسين ظروف السجون وضمان توفير الرعاية الطبية والغذاء الكافي لجميع السجناء بلا تمييز.
ـ دعوة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى التدخل العاجل لمراقبة أوضاع السجون في لبنان وضمان احترام التزامات لبنان الدولية.