الأخبار

الإمارات: أحكام السجن المؤبد بحق 24 مواطنًا تؤكد تبعية النظام القضائي للأجهزة الأمنية

الإمارات: أحكام السجن المؤبد بحق 24 مواطنًا تؤكد تبعية النظام القضائي للأجهزة الأمنية

في خطوة تبعث على القلق وتثير تساؤلات جدية حول استقلالية القضاء الإماراتي، قضت المحكمة العليا في الإمارات، يوم الخميس الموافق 26 يونيو 2025، بالسجن المؤبد على 24 مواطنًا.

هذا الحكم يرفع عدد المحكومين بالسجن المؤبد في القضية المعروفة دوليًا بـ"الإمارات 84" إلى 67 مواطنًا إماراتيًا.

منظمة "صحفيات بلا قيود" تؤكد أن قرار المحكمة العليا يؤكد أن النظام القضائي في الإمارات عاجز عن تحقيق العدالة، وذلك بسبب خضوعه الكامل للسلطة التنفيذية وجهاز أمن الدولة. هذا الاصطفاف المشين للقضاء إلى جانب السلطة يضع علامات استفهام كبيرة حول منظومة العدالة في دولة تدعي التسامح وتعتبر مركزًا للاقتصاد العالمي في الشرق الأوسط.

تفاصيل الأحكام والاتهامات

كانت محكمة استئناف أبوظبي قد أيدت في 4 أبريل/نيسان أحكامًا سابقة بانتهاء الدعوى الجزائية بحق المعتقلين الـ24، مع الإبقاء على أحكام السجن التي تعرضوا لها منذ عام 2012. كما أكدت المحكمة أحكام السجن المؤبد لـ43 شخصًا آخرين، والسجن لـ10 أشخاص لمدد تتراوح بين 10 و15 عامًا. التهم الموجهة للمعتقلين، والتي تأتي في إطار قانون مكافحة الإرهاب، تشمل "التعاون مع الإصلاح" وغسيل الأموال. ترتبط هذه التهم بكيانات مثل "لجنة العدالة والكرامة" وتنظيم "دعوة الإصلاح"، وكلاهما تعتبرهما السلطات جزءًا من جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة في البلاد. يضم المعتقلون أكاديميين، صحفيين، محامين، ونشطاء حقوقيين من خلفيات إسلامية وعلمانية.

لم تتوقف الأحكام عند الأفراد، بل شملت أيضًا ست شركات ومسؤولين عنها، حيث تم تغريم كل منها مبلغ عشرين مليون درهم، بالإضافة إلى حل وإغلاق مقار تلك الشركات ومصادرة أصولها وحقوقها المادية والمعنوية والأموال والعقارات المملوكة لها.

انتهاكات صارخة للعدالة وحقوق الإنسان

وقالت "صحفيات بلا قيود" إن قرار المحكمة جاء صادمًا لعائلات المعتقلين الـ24 التي كانت تنتظر إفراجًا فوريًا بعد أكثر من عقد من الظلم. ويؤكد هذا الحكم، الذي يفتقر لأبسط إجراءات التقاضي والمحاكمة العادلة، أن النظام القضائي الإماراتي يخضع بالكامل للسلطة التنفيذية، مما يفقده أي مصداقية.

تؤكد المنظمة أن أبوظبي تعيد توظيف القوانين المصممة لمكافحة الإرهاب لقمع الحريات الأساسية بدلاً من التصدي بصدق للتهديدات الأمنية. الهدف من ذلك هو توجيه رسالة قاسية للإماراتيين بتقييد قدرتهم على التعبير عن آرائهم بحرية، وإعاقة أنشطة المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني.

العديد من هؤلاء الـ84 كانوا قد عوقبوا في قضايا متعددة خلال العقد الماضي وأنهوا محكومياتهم الطويلة بسبب اتهامات تتعلق بحقهم في حرية الرأي والتعبير. محاكماتهم السابقة في قضية "الإمارات 94" عام 2013 افتقرت لأبسط شروط المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة. ومن بين المعتقلين شخصيات بارزة مثل محاميا حقوق الإنسان الدكتور محمد الركن والدكتور محمد المنصوري، وعشرات من المحامين، الصحفيين، الكتاب، والحقوقيين الذين اعتقلوا لمطالبتهم بالإصلاحات السياسية في عريضة قدموها عام 2011.

ظل المعتقلون في السجون الرسمية وغير الرسمية لأكثر من عقد، وتعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة وانتهاكات بالغة القسوة في سجون جهاز أمن الدولة. اختيار يوم 26 يونيو، وهو اليوم الدولي للتضامن مع ضحايا التعذيب، لإصدار هذه الأحكام، هو رسالة ساخرة من الحكومة الإماراتية تجاه اهتمامات منظمات المجتمع الدولي والهيئات التابعة للأمم المتحدة التي طالبت بوقف التعذيب والإفراج عن جميع المعتقلين.

ترى "صحفيات بلا قيود" أن هذه المحاكمات ليست سوى واجهة لإدامة احتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات، حتى بعد انقضاء فترات سجنهم الظالمة السابقة. هذه المحاكمات، التي بدأت كسلسلة عقيمة العام الماضي، لا تنتهك مبدأ عدم المحاكمة المزدوجة فحسب، بل تتعارض مع جميع المبادئ والمعايير القانونية الدولية. الإمارات بذلك تنتهك التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبموجب المعاهدات التي صادقت عليها لحماية هذه الحقوق، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

تطالب منظمة "صحفيات بلا قيود" بما يلي:

·         الإفراج الفوري وغير المشروط عن الـ 24 مواطنًا المحكومين بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى الـ 43 شخصًا المحكومين بالسجن المؤبد و10 آخرين المحكومين بمدد تتراوح بين 10 و15 عامًا، وجميع المعتقلين في قضية "الإمارات 84" وقضايا الرأي الأخرى.

·         إنهاء جميع أشكال الاحتجاز التعسفي، وإطلاق سراح المعتقلين الذين أمضوا محكومياتهم السابقة، ووقف مسلسل المحاكمات الجديدة التي تنتهك مبدأ عدم المحاكمة المزدوجة.

·         ضمان استقلال القضاء الإماراتي عن السلطة التنفيذية وجهاز أمن الدولة، لضمان عدم خضوع الأحكام لتأثيرات سياسية أو أمنية. كما يجب إعادة المحاكمات التي تفتقر لأدنى معايير المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة، وضمان الشفافية والعلنية فيها.

·         السماح لهيئات الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين المعنيين بحقوق الإنسان بزيارة السجون الإماراتية للاطلاع على أوضاع المعتقلين السياسيين، وحضور موفدين من منظمات حقوقية دولية، إلى جانب الأمم المتحدة، جلسات المحاكمة.

·         وقف إعادة توظيف قوانين مكافحة الإرهاب كأداة لقمع حرية الرأي والتعبير والمجتمع المدني، والتأكيد على أن هذه القوانين يجب أن تُستخدم فقط لمواجهة التهديدات الإرهابية الحقيقية.

·         إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها المعتقلون في السجون الرسمية وغير الرسمية، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

·         إلغاء الأحكام الصادرة بحل وإغلاق الشركات ومصادرة أصولها وحقوقها المرتبطة بهذه القضية، ورفع القيود المفروضة على أنشطة المجتمع المدني.

تدعو "صحفيات بلا قيود" المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والهيئات الحقوقية الدولية، إلى ممارسة الضغط على الحكومة الإماراتية للامتثال لهذه المطالب والوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image