إستنكرت منظمة “صحفيات بلا قيود” ما جاء في مداخلة الحكومة المصرية خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الأربعاء 2 يوليو/تموز 2025،
التي ناقشت التقرير النهائي للمراجعة الدورية الشاملة لسجل حقوق الإنسان في مصر، والتي تخللتها مغالطات صارخة وتناقضات جلية بين ما أعلنته السلطات وما رصده باحثو بلا قيود ومنظمات حقوقية دولية مستقلة.
وبينما تحدث السفير علاء حجازي، ممثل مصر لدى الأمم المتحدة في جنيف، عن “قبول 281 توصية من أصل 343 توصية”، وادعى احترام حقوق الإنسان في مصر، فإن الوقائع التي وثقها راصدو “صحفيات بلا قيود” تؤكد عكس ذلك تمامًا. فالمنظمة سبق أن أصدرت في 11 يونيو/حزيران 2025 تقريرًا حقوقيًا موسعًا بعنوان: “سجون بلا مفاتيح: كيف تقتل الزنزانة العمر والأمل في مصر”، كشفت فيه بالأدلة الميدانية أن أكثر من 60 ألف معتقل سياسي لا يزالون خلف القضبان، كثير منهم دون محاكمة أو على خلفية اتهامات فضفاضة، في ظروف احتجاز وصفتها المنظمة بأنها “قمع ممنهج” وليس مجرد تجاوزات فردية
وقد وثق راصدو المنظمة وفاة 1160 محتجزًا خلال السنوات العشر الأخيرة، 74% منهم بسبب الإهمال الطبي المتعمد، كما سجلوا أكثر من 941 حالة “تدوير” – أي إعادة حبس المعتقلين في قضايا جديدة بعد انتهاء فترات احتجازهم – في محاولة مكشوفة للالتفاف على القانون. كما تشير شهادات المعتقلين السابقين إلى أن 90% من جلسات تجديد الحبس لا تتجاوز ثلاث دقائق، وتُعقد غالبًا دون حضور الدفاع، وهو ما يحوّل الحبس الاحتياطي إلى أداة قمع لا علاقة لها بالمحاكمة العادلة.
وفي تناقض مع حديث الحكومة عن احترام حقوق المرأة والطفل، رصدت المنظمة انتهاكات خطيرة بحق النساء السجينات، بينها التفتيش المهين، التحرش، الاحتجاز مع الرضّع في ظروف غير إنسانية، والحرمان من العلاج والغذاء، إضافة إلى شهادات موثقة عن التعذيب الجنسي والنفسي، في انتهاك صارخ لقواعد بانكوك واتفاقية سيداو.
أما ما قيل بشأن “تحقيقات في وقائع التعذيب” و”استقلال المجلس القومي لحقوق الإنسان”، فتكذبه الوقائع على الأرض، حيث لا تزال مراكز الاحتجاز في مصر تشهد التعذيب بالصعق الكهربائي، والتعليق من الأطراف، والحبس الانفرادي المطول، ومنع النوم والطعام، إلى جانب حالات انتحار جراء العزلة والانتهاكات.
وترى المنظمة أن ما جاء في تصريحات السفير المصري وممثلي المؤسسات الرسمية محاولة فجة لتجميل واقع مأساوي، يرقى في بعض حالاته إلى جرائم ضد الإنسانية.
كما تحذر من أن تواطؤ المجتمع الدولي وصمته الطويل على هذه الانتهاكات يمنح غطاءً شرعيًا لسلطات مصرية تُمعن في استخدام العدالة كأداة قمع، لا كضمانة للحقوق.
وإذ تجدّد منظمة “صحفيات بلا قيود” دعمها الكامل للمطالب التي تقدمت بها الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، فإنها تدعو إلى:
الوقف الفوري للتدوير والإخفاء القسري
وتمكين المعتقلين من حق الدفاع والزيارة والرعاية الطبية؛ وتفعيل المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية بشأن مدد الحبس الاحتياطي؛
وتطالب بلا قيود بفتح تحقيقات دولية مستقلة لمساءلة مرتكبي الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها، بصفتها لا تسقط بالتقادم.
كما تطالب المنظمة المجتمع الدولي، خاصة الدول الأوروبية المشاركة في المراجعة، بعدم الاكتفاء بتسجيل الملاحظات، بل الضغط الجاد والملموس لوقف الانتهاكات، وربط أي تعاون سياسي أو اقتصادي مع الحكومة المصرية بإصلاحات حقيقية في ملف حقوق الإنسان.