
قالت منظمة صحفيات بلا قيود، إن جرائم الإبادة الجماعية التي استأنفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، يعد وصمة عار في جبين المجتمع الدولي الذي فشل في محاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الوحشية، وسمح لقوات الاحتلال بالعودة لاستئناف واحدة من أكبر الجرائم فظاعةً في العصر الحديث.
وأشارت صحفيات بلا قيود، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت قرابة 500 فلسطيني خلال اليومين الماضيين، وأوضحت بأن صمت المجتمع الدولي، إضافة إلى الدعم، بشتى صوره، والذي تقدمه الإدارة الأمريكية والبريطانية وغيرها من الدول الفاعلة، منح سلطات الاحتلال إشارة للعودة إلى القتال وارتكاب المجازر وإبادة المدنيين الفلسطينيين وتدمير المنشآت والمرافق والمنازل، وكل متطلبات الحياة الضرورية التي يحتاجها الفلسطينيون.
وشنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح الثلاثاء 18 آذار/مارس الجاري، غارات جوية على قطاع غزة، استهدفت منازل سكنية ومراكز إيواء الناحين، لتقتل أكثر من 439 فلسطينياً بينهم نحو 170 طفلًا وأكثر من 85 امرأة. ومنذ فجر أمس الأربعاء، قتلت غارات الاحتلال الإسرائيلي، أكثر من 58 فلسطينيا، في إحصائية أولية غير رسمية.
وقالت صحفيات بلا قيود، إن استهداف بيت عزاء بمنطقة السلاطين في بيت لاهيا بقطاع غزة، ومقتل 14 فلسطينياً، أمس الأربعاء، يكشف جانباً من المأساة التي تمضي فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد 57 يوماً من التهدئة التي دخلت حيز التنفيذ يوم 19 كانون ثاني/ يناير 2025.
ونوهت صحفيات بلا قيود بأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لم تتوقف حتى أثناء دخول اتفاق إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني 2025، فعلى مدى 57 يوماً ـ من التهدئة التي سبقت استئناف الإبادة الجماعيةـ قُتل أكثر 150 فلسطينياً بقناصة الاحتلال أو الاستهداف من طائرات كواد كابتر، أو الطائرات المسيرة. وخلال هذه الفترة، انتشلت فرق الدفاع المدني الفلسطينية والفرق الطبية والأخرى ذات الصلة، أكثر من 750 قتيلا من تحت الأنقاض، ولا تزال آلاف الأسر بانتظار معرفة مصير آلاف المفقودين.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، وحتى قبيل استئناف أعمال الإبادة الجماعية الثلاثاء 18 مارس الجاري، يزيد عدد القتلى الفلسطينيين عن 48 ألفاً و 500 قتيل، إضافة إلى آلاف المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم حتى الآن.
مؤشرات الإبادة
ورصدت صحفيات بلا قيود مؤشرات استئناف الإبادة الجماعية من قبل أن تعود قوات الاحتلال الإسرائيلي للقتل الجماعي بصورة رسمية الثلاثاء الماضي، وذلك من خلال التمهيد بأنماط أخرى من الجرائم التي تنتهك القانون الدولي الإنساني، من بينها وقف إدخال المساعدات الإنسانية بغرض فرض تدابير معيشية تؤدي إلى إهلاك المدنيين تجويعاً وحرمانهم من المستلزمات الضرورية للبقاء على قيد الحياة، وهي من أعمال الإبادة الجماعية بحسب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
وكان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن عن انتهاء مرحلة وقف إطلاق النار ووقف إدخال المساعدات والسلع التجارية والبضائع إلى قطاع غزة، الأحد، 3 مارس، وبعد أسبوع أعلن وزير الطاقة في حكومة الاحتلال عن توقف إمداد القطاع بالخدمات مثل الكهرباء.
وأطلق قيادات في حكومة الاحتلال، تصريحات محرضة على الإبادة الجماعية وتفريغ غزة من السكان، من خلال القتل أو قطع المساعدات وحرمان الفلسطينيين من الخدمات الأساسية للحياة، وفرض تدابير معيشية تؤدي إلى إهلاك المدنيين وتساهم في تهجير السكان.
وبحسب صحفيات بلا قيود، فإن من أبرز التصريحات التي رصدتها، تصريحات وزير المالية في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير الخارجية جدعون ساعر ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وعضو الكنيست ألموغ كوهين، وكذلك تصريحات نتنياهو، وكلها تكشف مسبقاً عن توجه لاستئناف الإبادة الجماعية، استقواءً بمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الداعي لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
وكشفت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارولاين ليفيت أن نتنياهو تشاور مع الإدارة الامريكية بشأن عودة الهجمات في 18مارس الجاري، قبل تنفيذه. ووصفت صحفيات بلا قيود ذلك بأنه يمثل ازدراءً للقوانين الدولية، وتوحشاً يكشف عن مستقبل قاتم لحقوق الإنسان والقيم الإنسانية التي ترفعها واشنطن.
وكان نتنياهو، قد صرح عقب القصف الذي أودى بمقتل 439 فلسطينياً، بأنه «مجرد بداية»، بينما دعا المتحدث باسم جيش الاحتلال سكان مناطق بيت حانون وخربة خزاعة وعبسان الكبيرة والجديدة إلى إخلائها والنزوح بشكل جماعي، وسط أوضاع كارثية نتيجة تدمير المنظومة الصحية والمنشآت السكنية ومنع دخول المساعدات.
لجوء إلى القتل
وحذرت صحفيات بلا قيود، من السياسة الممنهجة التي تستخدمها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بلجوئها إلى القتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين، قتلاً مباشراً أو بالتدريج، هرباً من الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذاً لبروتوكولاته الإنسانية، وأشارت إلى أن المسؤولين عن شن أعمال الإبادة من قادة الاحتلال، يبررون الهجمات التي تؤدي إلى مقتل عدد كبير من المدنيين باستهداف مطلوب فلسطيني من خلال القتل الجماعي، لكن في حالات كثيرة تبين زيف الروايات الإسرائيلية التي تتنافي مع القانون الدولي الإنساني حتى في حال صحتها، حيث يحظر البروتوكول الإضافي الأول في المادة 75، وكذا النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية استخدام الأسلحة التي تصيب بطبيعتها الأهداف العسكرية والمدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز. ويتفق مقصد القانون الدولي مع القاعدة 19 من قانون العرف الإنساني: «يفعل كل طرف في النزاع كل ما يمكن عمله لإلغاء أو تعليق هجوم إذا تبيَّن أن الهدف ليس هدفًا عسكريًّا أو إذا كان يتوقع أن يسبب الهجوم عرضيًّا خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات بينهم أو أضرارًا بالأعيان المدنية أو مجموعة من هذه الخسائر والأضرار، ويكون مفرطًا في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة».
وقد نظمت اتفاقيتي لاهاي لعامي 1899 و1907 إضافة إلى اتفاقية جنيف في صياغتها الأخيرة لعام 1949، حقوق الإنسان الأساسية في حالة نشوب حرب، من أجل الحد من الأضرار الفتاكة للأسلحة المحرمة دوليا، والتي قد يتسبب بعضها في حصول "إبادة جماعية" للمدنيين. وتوضح المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة بأن تدمير الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير، من المخالفات الجسيمة التي توجب المحاكمة. بينما يعدها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جريمة حرب.
دعوة للتحرك العاجل والمحاسبة
وقالت صحفيات بلا قيود بأن صمت المجتمع الدولي والأطراف المؤثرة وعدم عمله الجاد لمحاسبة المسؤولين والمتورطين عن ارتكاب أعمال الإبادة، كما كانت تنتظر شعوب العالم على مدى 15 شهراً من الجرائم الفظيعة التي شهدها قطاع غزة أرضاً وإنساناً، والتراخي عن تنفيذ قرارات هيئات العدالة الدولية أثناء دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، سمح لقوات الاحتلال الإسرائيلي بالعودة إلى الانتهاكات بشكل صارخ ومستفز.
ودعت منظمة صحفيات بلا قيود المجتمع الدولي وعلى رأسهم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والمنظمات الإنسانية، بالتحرك العاجل والفوري لوقف أعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وطالبت صحفيات بلا قيود بإجبار قوات الاحتلال على إنهاء الظروف غير الإنسانية التي يتعرض لها أكثر من 2 مليون فلسطيني، وطالبت بتوفير الحماية المدنية للسكان وفقاً للقانون الدولي، والعمل على تنفيذ قرارات هيئات العدالة الدولية ومحاسبة المتورطين والمسؤولين عن ارتكاب الجرائم السابقة والتي تحدث الآن.
منظمة صحفيات بلاقيود
19 مارس/ آذار 2025