
أدانت منظمة صحفيات بلا قيود، المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق عدد من الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة. وبحسب رصد المنظمة، فقد قصفت آليات الاحتلال مجمع ناصر الطبي في خانيونس، يوم الاثنين 25 آب/أغسطس الجاري، ما أسفر عن مقتل خمسة صحفيين وإصابة آخرين.
وقالت صحفيات بلا قيود، إن الاستهداف المروع بحق الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، لم يتوقف منذ 22 شهراً من حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأوضحت المنظمة أن إسرائيل تقتل الصحفيين الفلسطينيين في الميدان، أو مع عائلاتهم في المنازل ومراكز الإيواء، وتأكيداً على الطابع المتعمد لهذا الاستهداف تلاحقهم حتى في المستشفيات.
ووثقت العدسات لحظة القصف الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي، على مجمع ناصر الطبي الفلسطيني، ما أسفر عن مقتل كلا من: الصحفية مريم أبو دقة، كانت تعمل مع اندبندنت عربية ووكالة AP، والصحفي محمد سلامة، مصور قناة الجزيرة، والصحفي حسام المصري، مصور تلفزيون فلسطين ووكالة رويترز للأنباء، والصحفي معاذ أبو طه يعمل في شبكة NBC الأمريكية، والصحفي أحمد ابو عزيز، مراسل صحفي مع عدد من وسائل إعلامية محلية اضافة الى عمله مراسل مع الاذاعة التونسية (ديوان اف ام)، كما أصيب عدد من الصحفيين من بينهم المصور الصحفي حاتم عمر (يعمل لصالح رويترز وعدد من الوسائل الاعلامية)، والمصور الصحفي جمال بدح مع قناة فلسطين اليوم الفضائية وفقاً لبيان نقابة الصحفيين الفلسطينيين.
وقالت رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود، توكل كرمان: "في الوقت الذي ندين فيه هذه المجازر فإننا نحمل الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية المباشرة عن استمرارها عبر دعمها العسكري والسياسي غير المشروط للاحتلال، كما نستنكر الصمت الغربي المتواطئ الذي يغطي على جرائم الإبادة ويمنح القاتل حصانة من المساءلة والعقاب".
وأضافت كرمان "إن العالم اليوم أمام اختبار أخلاقي وإنساني، فإما أن ينهض للدفاع عن العدالة وحقوق الإنسان، وإما أن يسقط في هاوية النفاق والمعايير المزدوجة".
ارتفاع أعداد الضحايا
ونوهت منظمة صحفيات بلا قيودإلى أن جرائم تصفية الصحفيين تأتي في سياق الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة، ومحاولة من سلطات الاحتلال لمنع وصول المعلومات وحجب حقائق الفظائع التي ينقل جزءًا منها الصحفيون الشجعان العاملون في الميدان.
وارتفع عدد الصحفيين الذين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 244 صحفيًّا وصحفية جراء الاستهداف المباشر، في أكبر مجزرة تشهدها الصحافة في تاريخها. إذ إن عدد الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل في غزة يفوق أعداد من قُتلوا في حروب كبرى مثل الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام والحرب الكورية، وحروب دولية أخرى مجتمعة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 25 أغسطس/آب الجاري، بلغ عدد الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل ووصلت جثامينهم إلى المستشفيات 62,744 شهيدًا (اثنان وستون ألفًا وسبعمائة وأربعة وأربعون)، بينهم 2123 استشهدوا أثناء بحثهم عن المساعدات، في ظل عجز فرق الإنقاذ عن الوصول إلى العديد من الضحايا العالقين تحت الركام أو في الشوارع، وذلك بحسب التقارير الإحصائية اليومية الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
وفي 20 أغسطس/آب، أعلن جيش الاحتلال بدء عملية عربات جدعون 2 لاحتلال مدينة غزة، بالتزامن مع وصول المدنيين المحاصرين إلى مرحلة الموت جوعًا، حيث سجلت وزارة الصحة 11 حالة وفاة جديدة بسبب الجوع خلال الـ 24 ساعة الماضية، ليرتفع عدد ضحايا سياسة التجويع الإسرائيلية إلى 300 حالة وفاة، بينهم 117 طفلًا.
مجازر بحق الصحفيين في المستشفيات
وقالت منظمة صحفيات بلا قيود، بأنها وثقت، على الأقل 7 مجازر بحق الصحفيين الفلسطينيين الذين استهدفتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في المستشفيات أو خيام النزوح التي نصبوها في ساحات المستشفيات، خلال السنة الجارية.
وأوضحت المنظمة بأن استهداف الصحفيين داخل المنشآت المدنية، مثل المستشفيات، يُعد انتهاكًا مضاعفًا، حيث تؤكد اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية على الحماية الخاصة للمنشآت الصحية ومحيطها، كما تنص الاتفاقية الدولية لسلامة الصحفيين على عدم جواز اعتبارهم أهدافًا عسكرية إلا إذا شاركوا مباشرة في القتال، وهو ما لم يحدث في أي من الحالات التي جرى توثيقها في غزة، ومن المجازر التي رصدتها المنظمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال داخل المستشفيات منذ بداية العام الجاري ما يلي:
- 25أغسطس، قصفت قوات الاحتلال مستشفى ناصر الطبي، وقتلت خمسة صحفيين، مريم أبو دقة، محمد سلامة، حسام المصري، معاذ أبو طه، أحمد أبو عزيز.
- 10 أغسطس الجاري، قصفت قوات الاحتلال خيمة الصحفيين في ساحة مستشفى الشفاء ما أدى إلى استشهاد ستة صحفيين وهم الجزيرة أنس الشريف، مراسل الجزيرة، وزميله محمد قريقع، والمصوران الصحفيان إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة ومحمد نوفل، والصحفي محمد الخالدي.
- 21 يوليو، قتلت قوات الاحتلال الصحفي تامر ربحي الزعانين، أثناء تغطيته لقاءً مع مدير المستشفيات الميدانية في غزة
- 5 يونيو، قصفت قوات الاحتلال قصفاً مباشراً لخيمة الصحفيين في ساحة مستشفى المعمداني، ما أدى إلى مقتل وإصابة 7 صحفيين، حيث أسفر الهجوم ، عن مقتل كلاً من: اسماعيل بدح، مصور قناة فلسطين اليوم، وزميله المحرر سليمان حجاج، وسمير الرفاعي الذي يعمل في وكالة شمس نيوز، وأحمد قلجة، مصور التلفزيون العربي الذي توفي متأثراً بإصابته، كما أصيب عماد دلول، مراسل قناة فلسطين اليوم، وإمام بدر مصور التلفزيون العربي، ومحمود الغازي، محرر شبكة الأقصى.
- 13 مايو، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفي الفلسطيني حسن إصليح بغارة جوية استهدفته أثناء تلقيه العلاج في مجمع ناصر الطبي جنوب غزة، ما يكشف عن مدى التوحش والجرأة التي بلغتها إسرائيل في انتهاكها للقانون الدولي، بقتل صحفي مدني يتمتع بالحماية الكاملة، وفي منشأة طبية تُوجب الاتفاقيات الدولية حمايتها أثناء النزاعات.
- 18 مايو قصفت آليات الاحتلال، خيمة النزوح التي يسكنها الصحفي أحمد الزيناتي مع عائلته، قرب المستشفى الميداني الكويتي غرب مدينة خانيونس، وقد أدى القصف إلى مقتل الصحفي الزيناتي، وزوجته نور المدهون، إلى جانب طفليهما محمد وخالد.
- 7 إبريل، قصفت قوات الاحتلال خيمة الصحفيين أمام مستشفى ناصر الطبي، ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرة صحفيين.
وينص البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف (1977) على أن ممارسة المدنيين لمهنهم في مناطق النزاع المسلح لا يُبرر استهدافهم. كما تؤكد المادة (8) من الاتفاقية الدولية لسلامة الصحفيين على حمايتهم كمدنيين أثناء النزاعات.
احتلال المدينة
وأشارت المنظمة، أن الأوضاع في قطاع غزة، تشهد تصعيداً خطيراً يتماشى مع استراتيجية حكومة المطلوب لمحكمة العدل الدولية، بينيامين نتنياهو، بعد المصادقة على قرار احتلال مدينة غزة وبدء تنفيذ الخطة فعلياً على الأرض.
وحذرت المنظمة من الخطة الإسرائيلية الممنهجة لفرض السيطرة على مدينة غزة عبر تدمير الأحياء السكنية وتشديد الحصار، وإجبار نحو مليون إنسان على التهجير القسري، مستخدمة أسلحة شديدة الفتك تشمل الروبوتات المفخخة المحمّلة بأطنان المتفجرات، والأحزمة النارية، والغارات الجوية، والصناديق المتفجرة التي تُسقطها الطائرات الحربية. وقد أسفر القصف الأخير منذ 11 أغسطس/آب الجاري عن تدمير مئات المنازل في حي الزيتون، وتشريد آلاف العائلات.
ويواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات تدمير ونسف واسعة للمربعات السكنية في جنوب المدينة وشرقها وشمالها، ومنها حي الصفطاوي شمال غزة، ومنطقة الوحيدي بجباليا البلد، ومنطقة الزرقاء، ودوار أبو شرح ومقبرة جباليا النزلة.
مطالب لا تحتمل التأجيل
تؤكد منظمة صحفيات بلا قيود أن ما يجري في قطاع غزة، وخاصة جرائم استهداف الصحفيين داخل المستشفيات وخيام النزوح، يشكّل جريمة إبادة جماعية وانتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي والمواثيق الإنسانية. وعليه، فإن منظمة صحفيات بلا قيود تطالب بالآتي:
ـ فتح تحقيق دولي عاجل ومستقل في جرائم استهداف الصحفيين والمنشآت المدنية في قطاع غزة، وإحالة المسؤولين عنها إلى العدالة الدولية.
ـ توفير حماية دولية عاجلة للصحفيين الفلسطينيين، عبر إرسال بعثات مراقبة تابعة للأمم المتحدة لضمان سلامتهم أثناء أداء مهامهم.
ـ الضغط على إسرائيل لوقف عمليات الإبادة الجماعية، بما فيها سياسة التجويع، واستهداف المراكز الطبية والسكنية، والتهجير القسري للسكان.
ـ دعم أسر الصحفيين الشهداء والجرحى، وتوفير تعويضات عادلة لهم، وضمان استمرار رسالتهم الإعلامية في كشف الحقيقة.
وتشدد المنظمة على أن استمرار صمت المجتمع الدولي يُعد مشاركة في الجريمة، وأن حماية الصحفيين ووقف المجازر في غزة مسؤولية إنسانية عاجلة لا تحتمل التأجيل.
