الأخبار

الضفة الغربية: توسع استيطاني يعمق معاناة الفلسطينيين

الضفة الغربية: توسع استيطاني يعمق معاناة الفلسطينيين

قالت منظمة «صحفيات بلا قيود» إن موافقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على إقامة 19 مستوطنة جديدة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، تندرج ضمن الأعمال التصعيدية الخطيرة التي تهدد الوجود الفلسطيني. وأوضحت المنظمة أن سياسة الاستيطان تشكل أحد المحركات الرئيسية لاستمرار الانتهاكات والجرائم بحق الشعب الفلسطينيين أرضاً وإنساناً.

يوم الأحد 21 كانون الأول/ديسمبر الجاري، صادقت حكومة بنيامين نتنياهو على إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ليرتفع عدد المستوطنات التي جرى إقرارها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 69 مستوطنة، تتضمن آلاف الوحدات السكنية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأكدت صحفيات بلا قيود أن مشاريع الاستيطان بكافة أشكالها ووسائلها المباشرة عبر الحكومة أو غير المباشرة عبر المستوطنين المدعومين من الحكومة، يُعد أداة مركزية لنهب الأراضي الفلسطينية، وفرض واقع الضمّ القسري، وتمزيق النسيج الاجتماعي للسكان الأصليين.
توسيع السيطرة الاستعمارية
وتكشف التصريحات الصادرة عن مسؤولي حكومة الاحتلال، الطبيعة الحقيقية للمشاريع الاستيطانية، ومن بينها تصريحات وزير المالية في حكومة، نتنياهو، المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي أشار بأن المصادقة على إقامة 19 مستوطنة جديدة بأنه «خطوة تاريخية»، مفتخراً بأن المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت) صادق على مقترح قدّمه بالتعاون مع وزير الجيش يسرائيل كاتس، لإقرار وتنظيم المستوطنات جديدة في مواقع وصفها بأنها ذات «أهمية استراتيجية عالية»، في إقرار علني بتوسيع السيطرة الاستعمارية على أرض فلسطين.
ولفتت صحفيات بلا قيود، إلى أن هذا القرار جاء بعد أيام من المصادقة على مخطط لإقامة مدينة استيطانية جديدة شرقي القدس المحتلة، تضم نحو 3,380 وحدة سكنية، في إطار سياسة معلنة لـ«تعزيز السيطرة على المنطقة وحماية القدس من الجهة الشرقية»، وفق توصيف سموتريتش.
وفي منتصف أيار/مايو 2025، كان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينيت) قد وافق أيضًا على مشروع آخر يقضي بإقامة 22 مستوطنة جديدة، ما يعني ضم مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية، وشق طرق التفافية للمستوطنين، وإنشاء جسور وأنفاق، وما يرافقها من إجراءات وانتهاكات إضافية من بينها هدم منازل الفلسطينيين ومصادرة ممتلكاتهم، وتعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي عبر الحواجز والنقاط العسكرية التي تعزل التجمعات الفلسطينية وتمزق أواصر الفلسطينيين.

تعميق المعاناة
وأشارت صحفيات بلا قيود إلى أن الاستيطان يمثل إحدى أخطر أدوات سرقة الأرض الفلسطينية وأكثرها تأثيرًا على المدى الطويل، وهو عمل غير مشروع بموجب القانون الدولي الإنساني كما أن استمراره، يُمثل خرقا واضحا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وهي القرارات التي أكدت مرارًا عدم شرعية المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة عام 1967، وطالبت بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية دون استثناء.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، درست الجهات التخطيطية التابعة للاحتلال 355 مخططًا هيكليًا لبناء ما مجموعه 37,415 وحدة استيطانية على مساحة تُقدّر بـ 38,551 دونمًا من الأراضي الفلسطينية، جرى التصديق فعليًا على 18,801 وحدة منها، وفق المنظمات الفلسطينية.
وكانت الأمم المتحدة قد أكدت، أن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، بلغ مستوىً قياسيًا خلال عام 2025، وأشارت بأنه الأعلى منذ بدء رصد هذه الأنشطة عام 2017. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن خطط البناء والموافقات وطرح المناقصات شملت نحو 47,390 وحدة استيطانية خلال عام 2025، مقارنة بـ 26,170 وحدة عام 2024، معتبرًا أن هذا التوسع المتسارع يُفاقم التوترات ويقوّض بشكل مباشر إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة.
وأسهمت هذه السياسات أسهمت في تعميق نظام الأبارتهايد الإسرائيلي القائم على التمييز العنصري والاضطهاد المنهجي، وتحويل حياة الفلسطينيين إلى معاناة يومية تشمل مصادرة الأراضي، وهدم المنازل، ونزع الملكية، وحرمان السكان من حقوقهم الأساسية.
ونوهت صحفيات بلا قيود إلى تصاعد الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال والاعتداءات المستمرة التي يرتكبها المستوطنون، منذ مطلع عام 2025. حيث شملت القتل المتعمد، والاعتقال التعسفي، والتهجير القسري، وهدم المنازل والمنشآت، وتوسيع الاستيطان الرعوي، والاعتداء على المزارعين والأراضي الزراعية، وسرقة المواشي والاعتداء على الأشجار.
إنهاء الاحتلال
وكانت محكمة العدل الدولية، أصدرت في تموز/يوليو 2024 رأيًا استشاريًا أكدت فيه عدم قانونية الاحتلال والضم الإسرائيليين للأراضي الفلسطينية، وأن السياسات المرتبطة بهما تشكل انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي. كما تبع ذلك، قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2024 دعا إسرائيل إلى إنهاء احتلالها خلال عام واحد، ورغم ذلك، تواصل اسرائيل سياساتها العدوانية دون مساءلة، في تحدٍ صارخ لإرادة المجتمع الدولي ولمنظومة القانون الدولي برمّتها.
وتؤكد
«صحفيات بلا قيود» أن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، بما يشمله من إنشاء مستوطنات جديدة وإعادة تنظيم أخرى، وإقامة بؤر استيطانية ومصادرة الأراضي وتهجير السكان الفلسطينيين قسرًا، يشكل انتهاكًا جسيمًا وممنهجًا لأحكام القانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على قوة الاحتلال نقل السكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة أو إحداث أي تغييرات دائمة في طابعها الديموغرافي والجغرافي. كما تمثل هذه السياسات خرقًا واضحًا لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وجريمة مستمرة بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وترى المنظمة أن استمرار الإفلات من العقاب شجّع سلطات الاحتلال على المضي قدمًا في سياسات الضمّ والاستيطان، في تحدٍ صارخ لإرادة المجتمع الدولي، وتقويض متعمد لحق الشعب الفلسطيني.
وتطالب صحفيات بلا قيود المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، بـ "تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والتاريخية"، واتخاذ إجراءات فورية وفعّالة لوقف جميع الأنشطة الاستيطانية، وضمان تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الاستيطان والضمّ القسري، باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتشدد المنظمة على أن الصمت الدولي إزاء هذه الانتهاكات، يساهم في إدامة الظلم وتعميق معاناة الشعب الفلسطيني، وأن احترام القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان لا يمكن أن يكونا انتقائيين، وتؤكد على أن إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان يمثلان شرطًا أساسيًا لتحقيق العدالة، وصون السلم والأمن الدوليين.

 

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image