اليمن ـ تتابع منظمة صحفيات بلا قيود بقلق بالغ موجة التصعيد العسكري والانتهاكات الإنسانية الخطيرة التي ارتكبتها مليشيا الحوثي ضد المدنيين في محافظتي الحديدة وتعز، خلال فترة عيد الفطر المبارك، من 31 مارس وحتى 5 أبريل 2025، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والمواثيق الدولية.
وفقاً للمعلومات التي تلقتها المنظمة ولعملية الرصد الميداني لفريقها، أسفرت هذه الانتهاكات عن مقتل مدني واحد وإصابة خمسة آخرين، جميعهم من الأطفال. وقد طالت هذه الانتهاكات مناطق الدريهمي، الخوخة، الوازعية، والضباب، وجاءت على النحو التالي:
· في صباح الاثنين 31 مارس 2025، رصدت المنظمة مقتل المواطن محمود محمد عبدالله أبكر (38 عاماً) جراء انفجار لغم أرضي زرعته مليشيا الحوثي في منطقة زراعية غرب قرية الشجن بمديرية الدريهمي، بمحافظة الحديدة،أثناء قيامه بنقل الفحم لتأمين قوت أسرته. يأتي هذا الحادث المأساوي في سياق الاستخدام المتكرر والعشوائي للألغام الأرضية من قبل المليشيا في المناطق السكنية والزراعية، بما يعرّض المدنيين لخطر دائم.
· وفي 3 أبريل 2025، استهدفت المليشيا مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة، بثلاثة صواريخ كاتيوشا، طالت أحد مخيمات النازحين، متسببة بحالة من الذعر والهلع بين السكان، بينهم نساء وأطفال. وتعدّ هذه الجريمة امتداداً لانتهاكات ممنهجة طالت الفئات الأضعف في المجتمع، وهي النازحة قسراً من مناطق الصراع.
· في 4 أبريل 2025، اصيب الطفلان عباس حسن أحمد علي (9 سنوات) ومرسي فهد سويد (10 سنوات) بجروح بالغة جراء انفجار مقذوف في قرية التريس، بعزلة المشاولة، مركز مديرية الوازعية بمحافظة تعز. وقع الحادث أثناء لعب الطفلين بالقرب من ملعب ترابي صغير، حيث قاما بإشعال حريق في شجرة مجاورة بهدف توسيع مساحة اللعب، ما أدى إلى انفجار مقذوف كان مدفوناً بجوار الشجرة، مما أسفر عن إصابة الطفلين بشظايا متفرقة. تؤكد هذه الحادثة الكارثية على الخطر المتواصل لمخلفات الحرب، ما يشكل تهديداً دائماً لحياة الأطفال والمدنيين.
· في مساء السبت 5 أبريل 2025، استهدفت مليشيا الحوثي بقذيفة مدفعية حي “المربعة” في شارع الثلاثين بمنطقة الضباب غربي مدينة تعز، ما أدى إلى إصابة ثلاث فتيات، بينهن شقيقتان، جراء سقوط القذيفة بالقرب من منزلهن. الطفلات المصابات هن: ملاك عبدالعليم (10 سنوات)، بثينة عبدالعليم (8 سنوات)، وملاك عبدالباري (9 سنوات)، اللاتي تعرضن لإصابات بالغة نتيجة شظايا القذيفة. وقد تم نقل المصابات إلى مستشفى الثورة في مدينة تعز لتلقي العلاج. يمثل هذا الهجوم استهدافاً مباشراً للأحياء السكنية المكتظة، ويشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني، خاصة في ظل تزايد الهجمات على المدنيين.
تؤكد منظمة “صحفيات بلاقيود” ان الاعتداءات المتكررة ضد المدنيين تعد انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني، وتعدّ خرقاً صارخاً للمواثيق الدولية المعمول بها، وخصوصاً اتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنيين في مناطق النزاع.
كما تشدد على ان الأفعال المرتكبة من قبل مليشيا الحوثي تمثل جرائم حرب مكتملة الأركان وفقاً للمادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك استهداف المدنيين، استخدام الألغام في المناطق السكنية، والقصف العشوائي للأحياء المدنية والمخيمات. معتبرةً هذه الجرائم، جرائم غير قابلة للسقوط بالتقادم.
تدين منظمة “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات هذه الانتهاكات البشعة، التي تستهدف المدنيين الأبرياء في انتهاك فاضح للقيم الإنسانية والقوانين الدولية. إن تكرار هذه الجرائم يعكس تحدياً صارخاً للجهود الدولية المبذولة لحماية حقوق الإنسان، ما يستدعي من المجتمع الدولي الوقوف بحزم أمام هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها لضمان عدم إفلاتهم من العقاب وحماية حياة المدنيين الأبرياء.
تدعو المنظمة المجتمع الدولي بما فيه الامم المتحدة وهيئاتها المعنية إلى فتح تحقيق دولي عاجل في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، و إحالة مرتكبيها إلى المحاكم الدولية المختصة.
تؤكد المنظمة على أهمية تكثيف دعم جهود نزع الألغام ومخلفات الحرب، خاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، لضمان حماية المدنيين من المخاطر المستمرة. كما تدعو إلى تفعيل برامج توعية مجتمعية شاملة حول مخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة، وذلك بهدف حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر، مثل الأطفال والنساء.
تشدد المنظمة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية مخيمات النازحين والمناطق السكنية من الاستهداف المتكرر، من خلال تدخل أممي فاعل وملزم.
تُجدد “صحفيات بلا قيود” تأكيدها على مواصلة رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وتدعو كافة الهيئات الحقوقية المحلية والدولية إلى تحمل مسؤولياتها إزاء هذا التصعيد المستمر. وفي هذا السياق، تنوه المنظمة بأنها بصدد إصدار بيان موسّع يرصد ويوثق الانتهاكات التي طالت المدنيين خلال شهر رمضان الماضي، في عدد من المحافظات اليمنية، من قِبل مختلف الأطراف، وفي مقدمتها مليشيا الحوثي، كأبرز منتهكي حقوق الإنسان في اليمن.