عبرت منظمة صحفيات بلا قيود عن قلقها الشديد إزاء إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي قطع الكهرباء عن قطاع غزة، ضمن سياسة فرض ظروف معيشية تساهم في إهلاك السكان الفلسطينيين.
ووصفت صحفيات بلا قيود إعلان وزير الطاقة في حكومة نتنياهو، إيلي كوهين، بأنه يأتي ضمن خطوات استئناف الإبادة الجماعية، بعد أسبوع واحد من إجراء تصعيدي خطير اتخذته حكومة الاحتلال قبل أسبوع واحد، بإعلان رئيس الحكومة قطع المساعدات الإنسانية عن أكثر من مليوني من السكان المدنيين في غزة.
وقال وزير الطاقة، إيلي كوهين، في بيان مصور، أمس الأحد إنه “أوعز بُحكم الصلاحيّات الموكلة إليه، بوقف بيع الكهرباء لقطاع غزة”.
ومنذ 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023، يحرم المدنيين من الخدمات الأساسية ومن بينها الكهرباء، بعد تدمير البنية التحتية لقطاع غزة والاستهداف الممنهج للمرافق والشبكات التي تقدم الخدمات الأساسية للسكان، منها المنظومة الصحية وشبكة الصرف الصحي والمياه وشبكة الكهرباء. تشير التقارير الدولية إن قرابة 72 في المائة من الوحدات السكنية في غزة تم تدميره على امتداد 15 شهراً من قصف آليات الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت صحفيات بلا قيود بأن الاحتلال الإسرائيلي لم يتعمد قطع الكهرباء على المرافق الخدمية وحسب، بل رصدت المنظمة استهدافات متكررة للمولدات الصغيرة التابعة للمستشفيات لتعميق الكارثة الإنسانية في قطاع غزة والمساهمة بحرمان المدنيين من الخدمات المنقذة للحياة في المستشفيات.
وأكدت شركة الكهرباء في قطاع غزة، السبت الماضي، أن القطاع محروم لليوم الـ519 من التيار الكهربائي، نتيجة الدمار، قبل أن يعلن وزير الطاقة في حكومة نتيناهو وقف تدفق الكهرباء إلى قطاع غزة بشكل رسمي.
وقالت المقررة الأممية في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي إن قطع الكهرباء عن غزة، من بين أمور أخرى تساعد إسرائيل في ارتكاب واحدة من أكثر جرائم الإبادة الجماعية التي يمكن منعها في تاريخنا.
وكان رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي، قد أعلن الأسبوع الفائت، عن وقف إدخال المساعدات إلى غزة كما هدد بإجراءات تصعيدية من بينها العودة إلى الهجمات المباشرة، واستئناف الحرب بصورة أكثر فتكاً. ووصفت صحفيات بلا قيود هذا الاجراء غير القانوني بأنه تهديد خطير لاستئناف الإبادة الجماعية والتمهيد لها بمنع دخول المساعدات بشكل كامل، لتجويع أكثر من 2 مليون فلسطيني من سكان قطاع غزة.
وأوضحت صحفيات بلا قيود أنه في الوقت الذي كان سكان قطاع غزة ينتظرون تنفيذ البروتوكول الإنساني لاتفاق اطلاق النار بتلقي المساعدات الإنسانية الكافية، وإدخال آلاف المنازل المتنقلة والآليات التي تساعد برفع الأنقاض، وتوفير الكميات الضرورية لتشغيل المولدات التي تحتاجها المستشفيات، تقوم حكومة نتنياهو بإجراءات عكسية تماماً، إذ لم تلتزم بتنفيذ البروتوكول الإنساني، قبل أن تتخذ خطوات أكثر فتكاً بالمدنيين تمثلت في منع المساعدات وقطع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقية منع الإبادة الجماعية.
وحذرت صحفيات بلا قيود من استخدام سياسة مدروسة لفرض تدابير تجعل من العيش في غزة مستحيلاً. وقالت بأن الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية من الحقوق الأساسية للمدنيين في قطاع غزة، وفق القانون الدولي والإنساني، ولا يجوز بأي حال من استخدام الحقوق الإنسانية للضغط من أجل تحقيق مصالح سياسية أو عسكرية، ناهيك عن تعمد فرض تدابير معيشية تساهم في إهلاك المدنيين وترغمهم على التشرد والتهجير القسري. ويطلق مسؤولون في حكومة الاحتلال، تصريحات محرضة على الإبادة الجماعية وتفريغ غزة من السكان، ما يكشف عن توجه لاستئناف اعمال الإبادة، استقواءً بمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الداعي لتهجير الفلسطينيين.
ورصدت صحفيات بلا قيود تصريحات لمسؤولين بارزين في حكومة الاحتلال ترحب بإجراءات وزارة الطاقة، وتحض على اتخاذ المزيد من الإجراءات التي تهدف إلى تحقيق الهدف من الإبادة الجماعية: إفراغ غزة من الفلسطينيين.
ورحب وزير الأمن القومي السابق في حكومة نتنياهو، إيتمار بن غفير بقرار وقف الكهرباء عن غزة، وقال: كل ما بقي على شركة الكهرباء أن تفعله هو فصل محطة معالجة المياه العادمة. من جهته قال وزير المالية في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريش، بأن "هناك تعقيدات لوجستية لتطبيق خطة الرئيس الاميركي دونالد ترامب بشأن غزة"، وأضاف: "إذا قمنا بإخراج 5000 شخص يوميا من غزة فسيستغرق الأمر عاما لتنفيذ خطة ترامب".
وقالت صحفيات بلا قيود، بأن الفلسطينيين لم ينتهوا بعد من انتشال جثامين المجازر التي ارتكبتها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، إذ ارتفع عدد القتلى إلى 48 ألفا و 458، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بحسب تحديث وزارة الصحة، التي تشير إلى وجود عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم لنقص المعدات.
وطالبت صحفيات بلا قيود، المجتمع الدولي وتحديداً الدول المؤثرة، بالضغط العاجل على سلطات الاحتلال، لوقف الإجراءات التي تتخذها حكومة نتنياهو، ومنع استئناف أعمال الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وقالت بأن المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية، التي تحتم عليه إلزام إسرائيل بالقانون الدولي، وبصورة عاجلة، تتصدى لمخططات التهجير القسري، بما في ذلك إجراءات منع دخول المساعدات الإنسانية وحرمان المدنيين من الخدمات الأساسية مثل الكهرباء.
ودعت منظمة صحفيات بلا قيود، إلى محاسبة المسؤولين والمتورطين في ارتكاب الجرائم الفظيعة، بموجب القانون الدولي الإنساني واتفاقية منع الإبادة الجماعية، وسرعة تقديم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.