اليمن – قالت منظمة صحفيات بلا قيود إن مليشيا الحوثي تواصل تصعيد انتهاكاتها الجسيمة ضد المدنيين في مناطق سيطرتها، حيث كثفت مؤخراً عمليات الاختطاف التعسفي والإخفاء القسري، في محاولة لترهيب المجتمع وإسكات الأصوات المستقلة. وأكدت المنظمة أن هذه الممارسات تعكس استهتار المليشيا المطلق بالقوانين والمواثيق الدولية، في ظل صمت دولي يفاقم معاناة الضحايا وأسرهم.
و أوضحت المنظمة وفقاً لمعلومات تلقتها من مصادر خاصة، أن عناصر مسلحة ملثمة تابعة لمليشيا الحوثي، اختطفت على متن عربتين عسكريتين، القاضي أبو الفضل العزي عبد الله الشاوش (52 عاماً)، عند الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الجمعة 21 مارس 2025، من منزله في قرية الكديد بمديرية السلفية، محافظة ريمة. وأوضحت المنظمة أن القوة الحوثية حاصرت المنزل واعتلت سطحه قبل اقتياد القاضي الشاوش إلى جهة مجهولة، دون السماح له بارتداء ملابسه أو أخذ أدويته الضرورية، رغم حاجته اليومية لها بسبب معاناته من أمراض مزمنة. كما تسببت المداهمة في حالة من الهلع بين أفراد أسرته، خصوصاً النساء والأطفال، في انتهاك صارخ للحقوق الإنسانية والقانونية. وأشارت المنظمة إلى أن القاضي الشاوش شخصية اجتماعية معروفة بحل النزاعات بين المواطنين، مما يثير المخاوف من استهداف الشخصيات الاجتماعية ضمن حملة قمع وترهيب منظمة.
وفي سياق متصل، أفادت المنظمة وفقاً لمعلومات تلقتها ، أن مليشيا الحوثي اختطفت قبل أيام الشقيقين محمود وعلي من منزلهما في حي هبرة بصنعاء، بعد اقتحام قوة مسلحة ملثمة ومدججة بالسلاح ترافقها امرأة المنزل فجراً. وأكدت المنظمة أن العملية أدت إلى ترويع الأسرة، بما في ذلك النساء والأطفال، وتسببت في إصابة والدتهم المريضة بحالة هلع حادة استدعت ملازمتها للفراش. واعتبرت المنظمة أن هذا السلوك يعكس نهج الترهيب والاستعراض الأمني غير المبرر، خاصة خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، حيث يفترض أن تسود أجواء السلام والتسامح بدلاً من القمع والتنكيل.
وحذرت “صحفيات بلا قيود” من أن سجل مليشيا الحوثي الموثق في ممارسة التعذيب وسوء المعاملة داخل أماكن الاحتجاز السرية يشكل تهديداً خطيراً لحياة القاضي الشاوش وجميع المختطفين. وذكّرت المنظمة بأن العديد من المختطفين تعرضوا سابقاً لانتهاكات جسدية ونفسية قاسية، واحتُجزوا في ظروف غير إنسانية، وحُرموا من الرعاية الطبية، ما أدى في كثير من الحالات إلى وفاتهم نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي المتعمد.
وفي هذا السياق، أشارت المنظمة إلى انها وثقت خلال شهر فبراير الماضي وفاة أربعة أشخاص تحت التعذيب في سجون الحوثي، بينهم شخصان فارقا الحياة بعد أيام فقط من الإفراج عنهما بسبب ما تعرضا له من تعذيب ممنهج. وأكدت أن استمرار هذه الجرائم في ظل غياب أي مساءلة أو رادع يعرض المختطفين لخطر داهم، ويؤكد استخدام المليشيا للتعذيب والإخفاء القسري كأدوات قمع وترهيب.
وأكدت المنظمة أن اختطاف القاضي الشاوش والشقيقين محمود وعلي يشكل انتهاكاً جسيماً للمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، حيث تعد هذه الممارسات جرائم إخفاء قسري واعتقال تعسفي بموجب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. كما تصنف وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية كجرائم ضد الإنسانية، لكونها جزءاً من سياسة ممنهجة تستهدف المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، ضمن نهج قمعي يقوض أبسط الحقوق الإنسانية.
ودانت “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات جرائم الاختطاف والاعتقال التعسفي التي ترتكبها مليشيا الحوثي، وحمّلتها المسؤولية الكاملة عن سلامة جميع المختطفين. واعتبرت أن هذه الممارسات تأتي ضمن سياسة قمع منظمة تهدف إلى تقييد الحريات وترهيب المجتمع.
وطالبت المنظمة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن القاضي الشاوش والشقيقين محمود وعلي، وجميع المختطفين لدى مليشيا الحوثي، والكشف عن أماكن احتجازهم وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية. كما شددت على ضرورة تمكين المختطفين من الحصول على رعاية طبية عاجلة، خاصة لمن يعانون من أمراض مزمنة أو ظروف صحية متدهورة.
ودعت المنظمة الأمم المتحدة، والمبعوث الأممي إلى اليمن، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمنظمات الحقوقية الدولية إلى اتخاذ موقف حازم إزاء هذه الجرائم، والضغط على المليشيا للإفراج عن كافة المختطفين، ووقف هذه الانتهاكات الممنهجة ضد المدنيين.
كما جددت المنظمة مطالبتها بفتح تحقيق دولي مستقل في جرائم الاختطاف والتعذيب التي ترتكبها المليشيا، واتخاذ خطوات جادة لوقف هذه الانتهاكات الممنهجة التي تقوض مبادئ العدالة وحقوق الإنسان. كما أكدت على أهمية إدراج هذه الجرائم ضمن التقارير الحقوقية الدولية، والعمل على محاسبة المسؤولين عنها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك فرض عقوبات على المتورطين في عمليات الاختطاف والتعذيب، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وأكدت “صحفيات بلاقيود” في ختام بيانها على أن استمرار هذه الانتهاكات بحق المدنيين يشكل تهديداً خطيراً لمستقبل العدالة وحرية التعبير في اليمن، ويتطلب تحركاً دولياً عاجلاً لوقف هذه الجرائم وحماية الضحايا، وضمان عدم تكرارها ومحاسبة المسؤولين عنها.