وصفت منظمة صحفيات بلا قيود، اقتحام رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، منازل أحد الفلسطينيين في مخيم طولكرم، بالسلوك الإجرامي الذي يعكس النموذج الذي تسعى سلطات الاحتلال التوصل إليه بطرد الفلسطينيين من أرضهم والاستيلاء عليها.
وقالت صحفيات بلا قيود، بأن سلطات الاحتلال ممثلة بنتنياهو وحكومته، تُظهر ازدراءً للقانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، من بينها الحكم الصادر في 19 تموز/يوليو 2024، الذي أكدت فيه المحكمة الدولية بعدم مشروعية الوجود الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
ونشرت هيئة البث العبرية، الجمعة الماضية، صورة لنتيناهو وعدداً من جنود الاحتلال داخل أحد منازل الفلسطينيين، بعد تشريد ساكنيه، والاستيلاء عليه وتعليق الأعلام الإسرائيلية على جدرانه بعد اقتحام مماثل لوزير الدفاع كاتس، لنفس المنزل.
وأوضحت صحفيات بلا قيود، بأن نتيناهو ووزير دفاعه، اتخذوا عبوات حافلات النقل التي عثر عليها يوم الخميس الفائت، كشماعة للاقتحام وتعزيز العمليات العسكرية في الضفة الغربية كما أشار كاتس، ومن الواضح إن الحجج التي يسوقها قيادات الاحتلال واهية، ذلك بأن عنف جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية بدأ قبل اكتشاف العبوات بكثير.
ونشر مكتب "نتنياهو" بياناً مقتضباً حرض فيه الجنود للقيام بالمزيد من العمليات في الضفة الغربية المحتلة، وقال بأنهم يقومون بعمل عظيم، كما أضاف متفاخراً: "عزّزنا خلال العام الماضي، نشاطنا بشكل كبير، ندخل إلى معاقل الإرهابيين، وندمّر شوارع بأكملها يستخدمونها، وندمّر منازلهم، نقضي عليهم، وعلى قادتهم".
ويأتي هذا التفاخر في ظل تهجير سكان المخيمات الفلسطينية وتدميرها، وتخريب الطرقات، وتفجير المنازل، وإجبار أكثر من 40 ألف من السكان الفلسطينيين على النزوح، بالتوازي مع توسع سياسة الاستيطان، وتزايد حالة العنف واعتداءات المستوطنين على السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم.
وأعلن جيش الاحتلال الأحد 23 فبراير الجاري، دخول وحدة من الدبابات الإسرائيلية، للعمل داخل جنين بالضفة الغربية، وذلك لأول مرة منذ 22 عاماً.
عنف متصاعد
وقالت منظمة صحفيات بلا قيود بأن العنف المتصاعد في المحافظات الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، يندرج ضمن سلسلة الجرائم المكملة لأعمال الإبادة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة على مدى 15 شهراً.
وتنوعت الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون في الضفة الغربية، بين القتل وتدمير الممتلكات والاعتقالات الواسعة، وإصدار أوامر الهدم لمنازل الفلسطينيين، والاعتداء على الأراضي الزراعية وسرقة المواشي من قبل المستوطنين، والتهجم على المقدسات، إضافة إلى نهب الأراضي الفلسطينية وضمها إلى الأراضي المحتلة.
وبينت صحفيات بلا قيود بأن أشكال الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال والأجهزة الأمنية التابعة لها، أو تلك التي ارتكبتها المستوطنون بحماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي، في الضفة الغربية تزايدت بشكل غير مسبوق منذ السابع من أكتوبر 2023.
وبلغ عدد القتلى الفلسطينيين في الضفة الغربية، ما لا يقل عن 923، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بينهم 180 طفلاً. بينما بلغت الانتهاكات العنيفة التي ارتكبها المستوطنون أكثر من 2200 حالة، سنة 2024 من بينها مقتل 11 فلسطينياً على يد مستوطنين.
ولم تتوقف موجة الاعتقالات بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، فمنذ 7 أكتوبر 2023، اعتقل الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 12100 فلسطيني وفلسطينية في الضفة الغربية.
الهدم والاستيطان
وكان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قد كشف عن هدم قوات الاحتلال ما يزيد عن 1745 مبنى فلسطينياً خلال 2024، من بينها 750 منزلاً، ما أدى إلى تهجير 939 أسرة وأثر بشكل أو بآخر على العديد من الأسر التي تضم 164,971 شخصًا، بينهم 79,732 طفلاً.
وبلغ عدد المباني التي هدمتها قوات الاحتلال في القدس المحتلة 213 مبنى، منها 114 منزلاً.
وتوسعت عملية مصادرة الأراضي والهدم من قبل أجهزة الاحتلال للمباني والمنشآت الفلسطينية، وبالمقابل شرعت سلطات الاحتلال ببناء مستوطنات جديدة على الأراضي الفلسطينية.
خلال عام 2024، وافقت حكومة الاحتلال على بناء 27,589 وحدة سكنية في عشرات المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، من بينها 18,358 وحدة سكنية في القدس.
كما صادقت حكومة الاحتلال على أكبر عملية مصادرة للأراضي الفلسطينية منذ اتفاقية أوسلو عام 1993، حيث وافقت في يونيو 2024 على مصادرة 1270 هكتارا (3138 فدانا) قرابة 12.7 كيلو متر مربع، من مساحة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة ، والإعلان عن بناء 5,300 وحدة استيطانية، كما خصصت 77 بؤرة استيطانية لرعي الأغنام والماشية، بعد استيلاء المستوطنين على أكثر من 240 ألف دونم ـ الدونم يساوي ألف متر مربع ـ بذريعة الرعي.
وبلغ عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، ما يقارب من 740 ألف مستوطن بحسب تقرير نشرته دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، وبحسب التقرير فإن إسرائيل صممت مجموعة جديدة من التدابير لتشديد سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتعزيز ضمّ المنطقة (ج) الخاضعة للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية خلال عام 2025.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، صادق كنيست الاحتلال على مشروع قانون يسمح للإسرائيليين بتسجيل أنفسهم كمالكي أراض فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، ضمن سلسلة من الإجراءات الاستيطانية غير القانونية.
تدمير مخيمات اللاجئين
ومنذ 21 كانون الثاني/ يناير الماضي، يشن الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية على محافظات الضفة الغربية. وتركزت الأعمال العدائية على مخيمات اللاجئين، بدءاً بمخيم جنين ثم مخيمات طولكرم ومدينة طوباس وبلدة طمون ومخيم الفارعة، ما أدى إلى تشريد نحو 40 ألف فلسطيني.
ووصفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، عمليات التهجير التي يتعرض لها الفلسطينيون في مخيم جنين بأنها الأطول منذ الانتفاضة الثانية. وتستخدم قوات الاحتلال الجرافات المدرعة لتخريب البنية التحتية بما فيها الشوارع العامة، كما تشن الضربات الجوية على المنشآت المدنية والمنازل، والقيام بتدابير وإجراءات بغرض تشريد الفلسطينيين وتهجيرهم.
وتحاول سلطات الاحتلال إعادة هندسة مخيم جنين بما يتماشى مع استراتيجيتها التوسعية ومخططات التهجير، حيث أجبرت آلاف العوائل على مغادرة منازلها، وتجريف المخيم وتخريب شوارع المدينة، وشق شوارع جديدة، وأكد رئيس بلدية جنين بأن الاحتلال أخطر البلدية والغرفة التجارية أنه يعمل على تحويل المخيم إلى حي من أحياء المدينة، بحسب وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا".
وحذرت صحفيات بلا قيود من محاولات الاحتلال تصفية رمزية المخيمات باعتبارها دليلاً على جريمة التهجير والنزوح القسري التي تعرض لها الفلسطينيون منذ نكبة 1947، وقالت إن استمرار المأساة الفلسطينية منذ أكثر من 70 عاماً مع زيادة توحش الاحتلال وهجماته التوسعية، يجب أن تتوقف فوراً، بموجب القوانين الدولية وقرارات محكمة العدل.
إنهاء الاحتلال
كانت محكمة العدل الدولية قد دعت إسرائيل لإنهاء الاحتلال المستمر منذ 57 سنة، بالكامل وبأسرع ما يمكن. وأوضحت أن المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن هذا الوجود غير القانوني. وأصدرت المحكمة حكماً تاريخياً، في 19 تموز/يوليو 2024، أكد على عدم مشروعية وجود الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وأشارت إلى إن احتلال قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، غير مشروع. وقال رئيس المحكمة بأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والنظام المرتبط بها، قد أقيمت ويجري الإبقاء عليها في انتهاك للقانون الدولي. وألزمت محكمة العدل الدولية إسرائيل بإنهاء احتلالها وتفكيك مستوطناتها وتقديم تعويضات كاملة إلى الضحايا الفلسطينيين وتسهيل عودة النازحين.
وكان خبراء أمميون قد رحبوا باعتراف المحكمة بأنّ تحويل احتلال الأراضي الفلسطينية إلى ضمها لأراضي الاحتلال، عن طريق هدم منازل الفلسطينيين وحرمانهم من تراخيص السكن والبناء، إضافة إلى الاستيلاء على الأراضي، ينتهك القاعدة الآمرة التي تحظّر استخدام القوة لضم الأراضي المحتلة. وأشاروا إلى إنه ومنذ صدور حكم المحكمة، كثّفت إسرائيل من اعتداءاتها على السكان المدنيين في غزة ومواردهم الطبيعية.
وقالت منظمة صحفيات بلا قيود إن سلطات الاحتلال، تنتهك القانون الدولي صراحةً، بالاعتداءات الهمجية والمتكررة على السكان المدنيين وحقوقهم المدنية. وأشارت إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة تحظر تدمير المنشآت المدنية والمنازل.
وتحظر المادة (49) من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949 النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه. كما تعد فرض تدابير معيشية تؤدي إلى إهلاك المدنيين من أعمال الإبادة الجماعية، بينما تهدف تدابير الاحتلال في الضفة الغربية إلى تهجير الفلسطينيين، وتحقيق الهدف من الإبادة، وهو خلو الأرض الفلسطينية من سكانها الفلسطينيين.
المحاسبة
تعتقد صحفيات بلا قيود، بأن تهاون المجتمع الدولي مع جرائم الإبادة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وكذلك استمرار تقديم الدعم والأسلحة لسلطات الاحتلال وجيشها، قد شجع نتيناهو وقيادات الجيش على نقل الجرائم إلى الضفة الغربية وتنفيذ مخططات غير قانونية تهدف إلى تهجير الفلسطينيين.
تدعو صحفيات بلا قيود المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا، إلى الضغط الفاعل والمؤثر لإيقاف حدة العنف التي يرتكبها جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية فوراً.
كما تطالب المنظمات الدولية، بالعمل على التحقيق في الانتهاكات التي تشهدها الضفة الغربية وتوثيقها، بالتزامن مع اتخاذ موقف صارم وعلني تجاه أنشطة الاستيطان المحمومة.
وتجدد صحفيات بلا قيود، دعوتها لتقديم المسؤولين والمتورطين بارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين إلى العدالة الدولية. وتحديداً المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية على ذمة الجرائم المرتكبة في قطاع غزة.