البيانات الصحفية

بيان بمناسبة اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات (9 سبتمبر 2025)

بيان بمناسبة اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات (9 سبتمبر 2025)
في اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات، تعرب منظمة صحفيات بلا قيود عن قلقها العميق إزاء تصاعد الانتهاكات التي تستهدف المؤسسات التعليمية والمعلمين والطلاب في مناطق النزاع، ولا سيما في فلسطين – قطاع غزة، اليمن، والسودان. ويأتي هذا البيان في ظل أرقام صادمة تشير إلى أن الهجمات على التعليم بلغت مستويات غير مسبوقة، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لحقوق الإنسان وللمستقبل المشترك للشعوب.
 
عام 2025، وبعد ست سنوات على إحياء هذا اليوم لأول مرة، ما زال العنف ضد التعليم في تصاعد خطير. ففي الفترة بين 2022 و2023 سُجِّلت نحو 6,000 هجمة استهدفت الطلبة والمعلمين والمؤسسات التعليمية. كما ارتفع استخدام المدارس لأغراض عسكرية بنسبة 20%، وقُتل أو اختُطف أو اعتُقل أو أُصيب أكثر من 10,000 طالب. وقد شهدت المدارس خلال العام الماضي وحده زيادة بنسبة 44% في عدد الهجمات، ما أدى إلى مقتل واختطاف وإصابة آلاف الطلبة والمعلمين.
 
ويقدّم التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة عن الأطفال والنزاع المسلح لعام 2024 رواية مقلقة لما يكابده الأطفال، إذ يوثّق 41,370 حادثة تم التحقق منها، وهو العدد الأعلى منذ إنشاء ولاية «الأطفال والنزاع المسلح» قبل ما يقارب ثلاثة عقود. وقد سُجّلت أعلى معدلات الانتهاكات في فلسطين المحتلة، ولا سيما قطاع غزة، إلى جانب دول أخرى مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال ونيجيريا وهايتي. كما ارتفعت الهجمات على المدارس بنسبة 44%، والعنف الجنسي ضد الأطفال بنسبة 34%، فيما ارتفع عدد الأطفال ضحايا الانتهاكات المتعددة بنسبة 17%.
 
إن هذه الأرقام لا تمثل مجرد بيانات إحصائية، بل تعكس معاناة إنسانية يومية يعيشها ملايين الأطفال الذين حُرموا من حقهم في التعليم وتحولت مدارسهم إلى ساحات قتال أو أطلال مدمرة. وفي هذا السياق، تؤكد المنظمة أن استمرار الانتهاكات في فلسطين – غزة، واليمن، والسودان يفرض على المجتمع الدولي مسؤولية مضاعفة لتفعيل آليات المساءلة وضمان احترام القانون الدولي الإنساني وإعلان المدارس الآمنة.
 
فلسطين – قطاع غزة
 
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن فلسطين المحتلة سجلت عام 2024 أكثر من 8,500 انتهاك جسيم ضد الأطفال. في غزة وحدها، تم تدمير أو تضرر ما يزيد عن 70% من البنية التعليمية، بما في ذلك مدارس تابعة للأونروا، مما أدى إلى حرمان أكثر من 600 ألف طفل من حقهم في التعليم. وقد قُتل آلاف الطلبة والمعلمين نتيجة الهجمات، في انتهاك صارخ لاتفاقية جنيف الرابعة، ما يرقى إلى جرائم حرب تمثل سياسة ممنهجة تستهدف محو مستقبل جيل كامل.
 
اليمن
 
منذ اندلاع النزاع في 2015، خرج نحو ثلث المدارس اليمنية عن الخدمة بسبب القصف المباشر أو الاستخدام العسكري أو الإغلاق القسري. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من مليوني طفل خارج مقاعد الدراسة، فيما استُخدمت مئات المدارس كثكنات عسكرية أو مراكز احتجاز. كما يشكل التلاعب بالمناهج الدراسية وزرع خطاب الكراهية وتجنيد الأطفال من داخل المدارس انتهاكًا صارخًا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة.
 
السودان
 
منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، يشهد السودان واحدة من أكبر الأزمات التعليمية في العالم، حيث يواجه أكثر من 19 مليون طفل خطر الانقطاع الدائم عن التعليم. أُغلقت آلاف المدارس والجامعات، وتحوّلت العديد منها إلى ملاجئ للنازحين، فيما يفتقر المعلمون إلى الدعم والموارد الأساسية. إن انهيار المنظومة التعليمية في السودان يهدد جيلًا كاملًا بالحرمان من حقه في التعليم، ويزيد من هشاشة المجتمع على المدى الطويل.
 
سوريا
على امتداد أكثر من اثني عشر عامًا من النزاع، تعرضت آلاف المدارس في سوريا للقصف والتدمير أو لاستخدامها كمقار عسكرية، ما أدى إلى خروج جزء كبير من البنية التعليمية عن الخدمة. وتشير التقديرات الأممية إلى أنّ ما يقارب ثلث المدارس في سوريا لم تعد صالحة للتعليم بسبب الدمار أو الأضرار الجسيمة. إن إعادة إعمار المدارس وترميمها تمثل خطوة محورية لضمان عودة ملايين الأطفال إلى مقاعد الدراسة، وهي مسؤولية جماعية تتطلب دعمًا دوليًا وإقليميًا عاجلًا، إذ لا يمكن الحديث عن أي عملية تعافٍ أو سلام مستدام دون استثمار جاد في إعادة بناء النظام التعليمي وضمان بيئة مدرسية آمنة.
 
“إن ما تشهده فلسطين واليمن والسودان وسوريا ليس مجرد أزمات محلية، بل هو مرآة لأزمة عربية أوسع عنوانها هشاشة المنظومات التعليمية في زمن النزاعات. إن المدارس التي تُقصف في غزة، أو تُغلق في صنعاء، أو تتحول إلى ملاجئ في الخرطوم، تكشف أن العالم العربي يقف أمام مسؤولية تاريخية في حماية أجياله من الضياع. إن الصمت العربي على استهداف التعليم، والاكتفاء ببيانات الإدانة، يساهم في إطالة أمد المأساة. فالتعليم ليس قضية إنسانية فقط، بل هو شرط لبقاء المجتمعات وقدرتها على النهوض من تحت الركام.”
 
توصيات
1. فتح تحقيقات دولية مستقلة في الهجمات التي طالت المؤسسات التعليمية في غزة واليمن والسودان، ومساءلة المسؤولين عنها باعتبارها جرائم حرب.
2. الوقف الفوري لاستخدام المدارس لأغراض عسكرية من قبل جميع الأطراف في النزاعات المسلحة.
3. ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن بما في ذلك الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب والمعلمين المتضررين.
4. إعادة تأهيل البنية التعليمية وتوفير التعليم البديل للأطفال المحرومين، بما ينسجم مع المعايير الدولية للتعليم في حالات الطوارئ.
5. فرض تدابير رادعة على الأطراف التي تستمر في انتهاك التزاماتها الدولية، بما في ذلك العقوبات المستهدفة.
 
تؤكد صحفيات بلا قيود أن حماية التعليم تمثل ركيزة أساسية لضمان حقوق الإنسان وحماية مستقبل المجتمعات المتضررة من النزاعات. وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لضمان أن لا يبقى التعليم هدفًا للهجمات، وأن يُصان باعتباره حقا غير قابل للتصرف وجسرا  نحو السلام والتنمية.
 
صادر عن منظمة صحفيات بلا قيود
9  سبتمبر 2025

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image