صحفيات بلاقيود ترحّب بالعقوبات الأميركية وتدعو لتحرك دولي يوقف فظائع الدعم السريع
قالت منظمة صحفيات بلا قيود إنّها ترحّب بالعقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية ضد جهات تساهم في إذكاء الحرب في السودان وتجنّد الأطفال للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع،
معتبرةً هذه الخطوة مسارًا صحيحًا في الاتجاه المطلوب، تمامًا كما ترحّب بالحكم التاريخي الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية والقاضي بسجن قائد ميليشيا الجنجويد علي كوشيب لمدة 20 عامًا لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور. وترى المنظمة أن هذا الحكم يبعث رسالة واضحة مفادها أن العدالة لا تسقط بالتقادم، وأن الإفلات من العقاب يظلّ وهمًا مؤقتًا مهما طال الزمن.
لكن المنظمة شدّدت على أن هذه الإجراءات، على أهميتها، تبدو غير كافية قياسًا بحجم الجرائم الراهنة. فالمشهد الحالي في السودان يكشف بوضوح أن قوات الدعم السريع—الامتداد المباشر لميليشيا الجنجويد—تعيد إنتاج المأساة نفسها التي وثّقها العالم قبل عقدين، لكن على نطاق أوسع وبوتيرة أعنف، الأمر الذي يجعل العقوبات خطوة أولى فقط، تستوجب تحركًا أشد صرامة من المجتمع الدولي.
وأشارت المنظمة إلى التحذيرات الخطيرة التي أطلقها المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، والذي أكد أن السودان يواجه خطر موجة جديدة من الفظائع، موثقًا مقتل ما لا يقل عن 269 مدنيًا منذ سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة بارا، إلى جانب تقارير عن إعدامات ميدانية، واعتقالات تعسفية، وعنف جنسي، وتجنيد قسري للأطفال، وحصار مدن كاملة ومنع دخول المساعدات الإنسانية. وقال المفوض إن ما يجري في كردفان “يكرر بصورة مرعبة ما وقع في الفاشر”، ودعا إلى وقف تدفق السلاح ومطالبة الدول المؤثرة بالتدخل الفوري.
وفي السياق ذاته، استشهدت المنظمة بتقرير صادم صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، اعتبر أن “الحرب لو كان لها وجه، لكان وجه امرأة”، في إشارة إلى معاناة نساء حوامل تمت محاصرتهن في الفاشر لمدة 540 يومًا دون رعاية طبية، وفقدن أزواجهن وممتلكاتهن، ووصلن إلى مخيمات تفتقر إلى المراحيض والإضاءة والخدمات الأساسية، وهو ما يعدّ انتهاكًا ممنهجًا لحقوق النساء والفتيات بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
وترى “صحفيات بلا قيود” أن هذه الشهادات الأممية، إلى جانب العقوبات الأميركية والحكم الدولي، تشكّل معًا أساسًا قانونيًا وأخلاقيًا صارخًا يفرض الانتقال من الإدانة اللفظية إلى التدابير العملية الملزمة.
وفي ضوء ذلك، تدعو المنظمة المجتمع الدولي إلى اتخاذ جملة من الإجراءات العاجلة، من بينها:
- فرض عقوبات فورية على الدول والجهات التي تموّل أو تزوّد قوات الدعم السريع بالسلاح، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة
- توسيع العقوبات الأميركية والأوروبية لتشمل شبكات تمويل الذهب والتجارة غير المشروعة المرتبطة بقوات الدعم السريع.
- فرض حظر شامل على تدفق السلاح إلى جميع أطراف النزاع، استنادًا إلى المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة.
- إنشاء آلية دولية مستقلة لتوثيق الانتهاكات الجارية في الفاشر وكردفان ودارفور، وحفظ الأدلة للملاحقة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
- ضمان ممرات إنسانية آمنة بإشراف دولي إلى المناطق المحاصرة.
- مراقبة مراكز الاحتجاز والتحقيق في الوفيات الناتجة عن المرض والتعذيب والإعدام الميداني.
- حماية النساء والفتيات عبر دعم خدمات الصحة الإنجابية والمساحات الآمنة.
- وقف تجنيد الأطفال ومحاسبة المتورطين فيه.
- دعم مسار العدالة الدولية وملاحقة القيادات العسكرية المسؤولة عن الجرائم الجارية.
- تحرك عاجل من مجلس الأمن لفرض تدابير ملزمة تمنع الانزلاق نحو مزيد من الإبادة والتطهير العرقي.
وأكدت المنظمة أن ما يجري في السودان اليوم ليس أزمة عابرة، بل امتداد مباشر لسلسلة طويلة من الإفلات من العقاب منذ جرائم الجنجويد قبل أكثر من عشرين عامًا. ولذلك، ترى “صحفيات بلا قيود” أن لحظة المساءلة الدولية الحقيقية قد حانت، وأن التردد أو الصمت الدولي سيُسجَّل بوصفه جزءًا من الجريمة، لا موقفًا خارجها.
صادر عن منظمة صحفيات بلا قيود
8 / ديسمبر / 2026


Ar
En