السلطات الجزائرية مطالَبة بوقف الملاحقات الأمنية ضد ناشطي الحراك وفي مقدمتهم الشاعر محمد تجاديت
قالت منظمة صحفيات بلا قيود إنها تتابع بقلق بالغ التطورات المرتبطة بمحاكمة 13 ناشطا من الحراك الجزائري، من بينهم الشاعر والناشط البارز محمد تجاديت،
والمقررة في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 أمام محكمة الدار البيضاء في الجزائر العاصمة، في قضية يواجه فيها مع 12 ناشطاً آخر تهما خطيرة تتعلق بأمن الدولة، قد تصل عقوبتها إلى ثلاثين عاما أو حتى الإعدام. وترى المنظمة أن هذه المحاكمة تأتي في سياق تصعيد قضائي ممنهج يستند إلى نصوص مبهمة وفضفاضة في قانون العقوبات، ويعتمد على منشورات في وسائل التواصل الاجتماعي ومحادثات خاصة وتعبيرات شعرية لا تدخل ضمن أي فعل جرمي، بل تندرج في إطار حرية التعبير المكفولة دستورياً ودولياً.
وأضافت المنظمة أن تجاديت لا يزال يقضي حكما سابقا صدر ضده في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 بالسجن خمس سنوات، بناءً على تهم من قبيل “الإشادة بالإرهاب” و“استخدام وسائل الاتصال لدعم جماعة إرهابية”، وهي تهم سبق لمنظمة العفو الدولية ومنظمات دولية أخرى أن اعتبرتها تعسفية، لافتقارها لأي أساس واقعي واعتمادها على نشاطه الأدبي ومواقفه السياسية السلمية. وتشير متابعات صحفيات بلا قيود إلى أنّ السلطات قد خضعت تجاديت منذ 2019 لسلسلة محاكمات وعمليات توقيف متكررة شملت خمسة اعتقالات خلال خمس سنوات، استنادا إلى اتهامات مثل “إهانة رئيس الجمهورية” و“المساس بالوحدة الوطنية” و“نشر منشورات تحريضية”، في نمط يعبّر عن استخدام القانون كأداة لإسكات الأصوات المعارضة وضرب الفضاء المدني.
وأكدت المنظمة أن القضية تكشف خللا هيكليافي الإطار القانوني الجزائري، إذ تُستخدم المواد 77 و78 و79 و95 مكرر من قانون العقوبات لتجريم تعبيرات سلمية، في مخالفة واضحة للمادة 54 من الدستور الجزائري، وأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولا سيما المادة 19 المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، والمادة 14 الخاصة بالمحاكمة العادلة، والمبدأ الدولي الذي يحظر محاكمة الشخص مرتين على الفعل نفسه. وقد أصبح “تدوير القضايا” ممارسة متكررة؛ إذ تُعاد محاكمة ناشطين بناء على منشورات سبق البت فيها قضائياً.
وقالت صحفيات بلا قيود إن السنوات الأخيرة شهدت اتساع دائرة الملاحقات بحق النشطاء والصحفيين في الجزائر، بما في ذلك إعادة فتح ملفات قديمة وافتعال قضايا جديدة بهدف تكريس الاحتجاز المستمر. وتطابق هذه الممارسات ما ورد في تقارير منظمات دولية مثل العفو الدولية وPEN America التي اعتبرت أن ملاحقة تجاديت تستهدف آراءه وأنشطته السلمية، لا أفعالا تشكل تهديدا حقيقيا للأمن العام. وقد تحول تجاديت — الذي كان يلقي قصائده في الشوارع مرددا : “لا أملك لا علما ولا حزبا سياسيا، بل فقط كلمات من أجل وطني” — إلى رمز لهذا التضييق، بعدما اعتُبرت كلماته ذاتها مادة اتهام تضعه أمام احتمال أحكام جديدة قاسية.
وتطالب منظمة صحفيات بلا قيود السلطات الجزائرية بإسقاط جميع التهم الموجهة إلى محمد تجاديت والناشطين الاثني عشر فوراً، والإفراج غير المشروط عن كل من يُحتجز بسبب آرائه أو مشاركته السلمية في الشأن العام، ووقف استخدام قوانين الإرهاب والجرائم الإلكترونية لتجريم المعارضة المدنية. كما تدعو المنظمة الآليات الأممية المختصة، بما فيها المقرر الخاص بحرية الرأي والتعبير، إلى مراقبة جلسة 30 نوفمبر وضمان احترام معايير العدالة والشفافية، وتحميل السلطات الجزائرية المسؤولية الكاملة عن أي انتهاكات قد يتعرض لها المتهمون أثناء المحاكمة.
وتؤكد المنظمة أن سجن شاعر بسبب قصيدة أو ناشط بسبب منشور لا يشكل انتهاكا فرديا فحسب، بل يمسّ الحق الجماعي لشعب كامل في التفكير والتعبير والمشاركة. وتشدد صحفيات بلا قيود على التزامها المستمر بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير ومتابعة وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون والناشطون في الجزائر، والوقوف إلى جانب الضحايا دون تمييز، انحيازاً لقيم الحرية والعدالة وكرامة الإنسان.
صادر عن منظمة صحفيات بلا قيود
27 نوفمبر 2025

Ar
En
