
اليمن - قالت منظمة "صحفيات بلا قيود" أن التصعيد الخطير والمتواصل الذي تشنه مليشيا الحوثي ضد المنظمات الدولية والعاملين الإنسانيين في مناطق سيطرتها يشكل انتهاكاً صارخاً ومتعمداً للقانون الدولي الإنساني
، ويعكس سياسة ممنهجة لتهديد سلامة الموظفين وتعطيل أداء العمل الإنساني، بما يزيد من معاناة المدنيين ويعرضهم للخطر.
وأكدت المنظمة أن استهداف الموظفين الإنسانيين لا يمثل جريمة ضد أفراد فحسب، بل ضد المبادئ الإنسانية والقانون الدولي برمته، مشددة على أن التقاعس الدولي وغياب آليات فعالة لمساءلة المليشيا أسهما في استمرار الانتهاكات، وآخرها حصار واقتحام مجمع (UNCAF) بصنعاء، واقتحام مكاتب ثلاث منظمات دولية في محافظة حجة، وما تعرض له الموظفون من إذلال ومعاملة مهينة تشكل انتهاكاً صارخاً لحقوقهم وللقانون الدولي الإنساني.
وأوضحت المنظمة، استناداً إلى معلومات موثوقة من مصادر متعددة، أن الاقتحام الأخير لمجمع الأمم المتحدة (UNCAF) بحي حدة في صنعاء وقع فجر السبت 18 أكتوبر 2025، حين حاصرت قوة مسلحة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات الحوثي المجمع، وقطعت التيار الكهربائي والاتصالات، ثم اقتحمت المباني واحتجزت عشرين موظفاً، بينهم خمسة يمنيين وخمسة عشر أجنبياً.
وأضافت المنظمة أن المليشيا صادرت أجهزة الكمبيوتر والسيرفرات والهواتف والوثائق وأجهزة تسجيل كاميرات المراقبة، وأجبرت الموظفين على التواجد في ساحات خارجية قبل إخضاعهم لاحقاً للتحقيقات، فيما احتجز الموظفون اليمنيون في الطابق السفلي للمبنى خلال تحقيقات تعسفية، قبل أن يتم الإفراج عن المحتجزين بعد ثلاثة أيام من المعاملة القاسية والاستجوابات، في ممارسة مهينة وإذلال علني للموظفين الأمميين.
وأشارت المنظمة إلى أن هذا الاقتحام جاء بعد يومين من تصريحات زعيم مليشيا الحوثي، التي اتهم فيها موظفين بالأمم المتحدة بالتجسس، في تصعيد خطير يشكل تحريضاً متعمداً ضد العاملين الإنسانيين، ويعكس نمطية وسياسة ممنهجة من أعلى هرم المليشيا في استهداف العمل الإنساني وفرض الخوف على موظفيه.
وفي سياق متصل، نقلت المنظمة عن تقارير صحفية موثوقة أن مليشيا الحوثي قامت صباح الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 باقتحام مكاتب كل من منظمة أوكسفام (Oxfam)، والمجلس النرويجي للاجئين (NRC)، والمجلس الدنماركي للاجئين (DRC) في محافظة حجة، حيث قامت بتفتيشها بدقة وصادرت عدداً من الأجهزة والخوادم.
و أكدت المنظمة أن الحوادث الأخير تشكل جزءاً من حملة طويلة وممنهجة استهدفت العاملين في المنظمات الدولية والمحلية وموظفي البعثات الدبلوماسية، كان أبرزها في أواخر أغسطس 2025، عندما نفذت المليشيا مداهمات لمقار الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي واليونيسف في صنعاء والحديدة، واختطفت خلالها نحو 24 موظفاً أممياً، مشيرة الى ان العشرات من العاملين الانسانيين وموظفي البعثات الدبلوماسية لايزالون قيد الاخفاء القسري منذ سنوات، من بينهم مختطفون منذ العام 2021.
ولفتت المنظمة إلى أن الحملات المستمرة على العاملين الإنسانيين، بما في ذلك الاختطاف والملاحقة والتهديد المباشر، خلفت ضغوطاً نفسية بالغة أثرت بشكل كبير على صحة العديد من موظفي هذه المنظمات، وأسفرت عن تداعيات خطيرة على حياتهم. وأوضحت أن من بين هذه التداعيات وفاة الموظف في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في صنعاء، عبدالله أحمد عبدالله شمسان الأكحلي، قبل ايام، إثر سكته قلبية ناجمة عن الضغط النفسي والخوف من الاعتقال، وفق مصادر مقربة، بالتزامن مع حملات المليشيا لاختطاف وملاحقة زملائه. وأكدت المنظمة أن هذه الحوادث تعكس حجم المخاطر والضغوط التي يواجهها العاملون في بيئة العمل الإنسانية، وتبرز خطورة استمرار الانتهاكات الممنهجة ضدهم، وما تشكله من تهديد مباشر لحياتهم وسلامتهم النفسية والجسدية.
شددت منظمة "صحفيات بلا قيود" على أن الاستهداف المتكرر لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنشآتها من قبل مليشيا الحوثي، بما في ذلك الاختطافات والاعتداءات على المباني والأصول، يشكل جريمة حرب واضحة بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لتهديده المباشر لسلامة العاملين الإنسانيين وتقويض حيادهم واستقلالية عملهم، ويعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وخرقاً فاضحاً لاتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946.
وأدانت المنظمة بأشد العبارات هذا الهجوم الممنهج، مؤكدة على ضرورة إجراء تحقيق دولي عاجل ومستقل في جميع هذه الانتهاكات، وضمان الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين، ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليتهم عن هذه الانتهاكات وفق القانون الدولي.
كما طالبت المنظمة المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم تجاه هذه الانتهاكات، والعمل على تأمين بيئة آمنة ومحايدة للعمل الإنساني، ووقف سياسة الصمت أو المهادنة التي شجعت المليشيا على التمادي في جرائمها ضد المدنيين والعاملين في المجال الإغاثي.
وأكدت "صحفيات بلا قيود" أن الصمت الدولي لم يعد مقبولاً أمام الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها مليشيا الحوثي ضد المنظمات الدولية وموظفيها في مناطق سيطرتها، مشددة على أن حماية العاملين الإنسانيين ليست خياراً سياسياً، بل واجباً قانونياً وأخلاقياً ملقى على عاتق المجتمع الدولي، ويستدعي تحركاً عاجلاً لوقف الانتهاكات ومساءلة المسؤولين عنها.
كما جددت المنظمة دعوتها لكافة الأطراف الدولية لتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، والعمل على إنهاء معاناة اليمنيين وصون كرامتهم الإنسانية في ظل انتهاكات الحوثيين المستمرة.
