“صحفيات بلاقيود” تطالب بالإفراج الفوري عن جميع المختطفين في سجون الحوثي

اليمن- قالت منظمة “صحفيات بلا قيود” إن مليشيا الحوثي تواصل منذ سنوات انتهاج سياسة قمع ممنهجة تستهدف حرية التعبير والحق في المشاركة العامة، عبر حملات اختطاف واسعة طالت مئات المدنيين في مناطق سيطرتها لمجرد تعبيرهم عن الاحتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر أو الاشتباه في نيتهم ذلك،

في سلوك يعكس ازدراءً فاضحاً للهوية الوطنية وانتهاكاً صارخاً للحقوق والحريات الأساسية المكفولة بموجب القوانين المحلية والمعاهدات الدولية.

وأوضحت المنظمة أن حملات القمع هذا العام اتسمت بالشمول والاتساع والاستباقية، حيث طالت مئات المواطنين من مختلف الفئات، بينهم صحفيون وكتاب ومحامون وقادة سياسيون وطلاب ونساء وأطفال، سواء الذين عبروا عن الاحتفال بالعيد الوطني أو نشروا رموزاً وطنية على صفحاتهم، أو حتى أولئك الذين لم يشاركوا بأي نشاط علني، في ممارسة متعمدة تعكس سياسة مراقبة صارمة واستهدافاً جماعياً ينتهك الحقوق الأساسية والحريات المدنية.

واكدت المنظمة أن فريقها الميداني رصد خلال الاسبوعين الماضيين اختطاف ما لا يقل عن 273 مدنياً في سبع محافظات، بينهم أطفال تتراوح أعمارهم بين الخامسة والخامسة عشرة، جرى احتجاز بعضهم لمجرد حملهم العلم الوطني أو مشاركتهم في فعالية رمزية لايقاد الشعلة. كما شملت الاختطافات عدداً من الصحفيين والكتاب والمحامين والقادة السياسيين والناشطين، ومن أبرزهم الصحفي ماجد زايد والكاتب أوراس الإرياني والمحامي عبدالمجيد صبره والقيادي في الحزب الاشتراكي اليمني الدكتور عائض الصايدي، والناشط محمد اليفاعي، الذي سبق أن اعتقل في مايو الماضي بسبب مطالبه برفع الأعلام الوطنية في المؤسسات الحكومية خلال ذكرى عيد الوحدة وأفرج عنه بعد نحو شهر، قبل أن تعاود المليشيا اعتقاله قبل نحو أسبوعين، رغم أنه لم يشارك أو يعبر عن أي نشاط احتفالي في ذكرى ثورة سبتمبر هذا العام.

كما أفادت المنظمة أن مليشيا الحوثي استدعت الكاتب عبدالوهاب الحراسي عضو اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين، واحتجزته لساعات قبل الإفراج عنه، بعد أن سبق وأن اعتقلته في سبتمبر الماضي على خلفية الاحتفاء بذكرى الثورة، كما أجبرت الصحفي محمد الكوماني على توقيع تعهد بعد استدعائه وإطلاق سراحه، في ممارسات ترهيبية تهدف إلى الضغط على المدنيين والصحفيين والنشطاء ومنع أي تعبير عن الاحتفاء بالذكرى الوطنية.

وأضافت المنظمة أن مليشيا الحوثي نفذت خلال الحملة الاخيرة مداهمات واختطافات طالت المدنيين في منازلهم وفي الشوارع وفي مقار عملهم ونقل العديد منهم إلى أماكن احتجاز سرية، بينما منعت أسرهم من التواصل معهم أو معرفة مواقع احتجازهم.

كما أشارت المنظمة الى انها رصدت انتهاكات واسعة طالت النساء في نقاط التفتيش الأمنية المكثفة التي نشرتها المليشيا في شوارع وأحياء المدن الكبرى، بالتزامن مع ذكرى ثورة 26 سبتمبر، من بينها صنعاء وإب وذمار والحديدة، حيث شمل التفتيش المهين والقسري لعشرات النساء والفتيات من قبل عناصر ما يعرف بـ”الزينبيات”، بما في ذلك هواتفهن ومركباتهن وانتهاك خصوصيتهن، واوقف عدد منهن لساعات تحت ممارسات تنطوي على الإذلال والإهانة.

وأكدت المنظمة أن هذه الحملة تمثل جزء من سياسة ممنهجة تتبعها المليشيا لقمع الحريات العامة وكبح أي مظهر وطني يخالف أيديولوجيتها الطائفية، حيث سبق للمليشيا أن نفذت حملات مماثلة خلال الأعوام الماضية، استهدفت مدنيين وصحفيين، من بينهم الصحفي محمد المياحي، في إطار نمط متكرر من الانتهاكات الجسيمة والمنظمة ضد حرية الرأي والتعبير.

وشددت المنظمة على أن ما ارتكبته مليشيا الحوثي يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، كونه يشكل انتهاكاً ممنهجاً واسع النطاق لحقوق المدنيين الأساسية. كما أن الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والمعاملة المهينة للنساء والأطفال تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقيات جنيف ولأحكام اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).

أدانت منظمة “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات الحملة القمعية الواسعة التي تنفذها مليشيا الحوثي ضد المدنيين، مجددة مطالبتها بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً وعلى رأسهم الأطفال والصحفيين والناشطين والمحامين والكتاب، ووقف كافة أشكال الاعتقال والاحتجاز التعسفي والتفتيش القسري.

ودعت المنظمة الأمم المتحدة وكافة الآليات الأممية المعنية إلى إدانة تلك الانتهاكات والضغط على مليشيا الحوثي للإفراج عن المختطفين وإيقاف القمع الذي يستهدف الحريات والهوية الوطنية، مؤكدة ضرورة فتح تحقيقات دولية وضمان مساءلة مرتكبي تلك الجرائم لحماية المدنيين من آلة القمع المنهجي التي تنتهك الحرية والكرامة والانتماء الوطني.