
القاهرة- عبرت منظمة “صحفيات بلا قيود” عن صدمتها البالغة إزاء وفاة المعتقل عبد الفتاح محمد عبد المقصود عبيدو، المدرس بالأزهر الشريف، والذي توفي فجر يوم 2 أبريل 2025 داخل مستشفى المنصورة الجامعي بعد رحلة طويلة من المعاناة والإهمال الطبي، بدأت منذ لحظة اعتقاله في 15 أغسطس 2023، ضمن حملة أمنية ذات طابع سياسي، حيث أودع سجن جمصة شديد الحراسة دون محاكمة، وظل محبوسًا احتياطيًا على ذمة قضية ذات طابع سياسي، رغم حالته الصحية الحرجة التي كانت تستدعي الإفراج الفوري.
وقد عانى الفقيد من أمراض مزمنة عدة، منها السكري وتضخم الطحال والنزيف الداخلي وحصوات بولية وانسداد في مجرى البول، إلى جانب تقيؤ دموي مستمر وبواسير مؤلمة، إلا أن إدارة السجن تجاهلت كل هذه المؤشرات الواضحة للخطر، ولم تتخذ أي إجراءات جادة لنقله إلى مستشفى متخصص، مكتفية بتقديم مسكنات وعلاجات أولية لا تتناسب مع حالته المتدهورة.
وقد جاء قرار محكمة الجنايات بتجديد حبسه الاحتياطي لمدة 45 يومًا إضافية، رغم وضعه الصحي الحرج، مخالفًا بوضوح لنص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تمنع التمديد التعسفي للحبس الاحتياطي وتفتح المجال للتدابير البديلة، وكذلك مخالفًا للمادة 55 من الدستور المصري، التي تنص على وجوب احترام كرامة المحتجز وتوفير الرعاية الصحية له، والمادة 18 من قانون تنظيم السجون، التي توجب على الطبيب التوصية بنقل المريض للعلاج خارج السجن إن كانت حالته لا تسمح بالعلاج الداخلي، وهو ما لم يتم تنفيذه إلا قبل أسبوع فقط من وفاته، في خطوة متأخرة لم تمكّنه حتى من لقاء عائلته إلا لبضع دقائق من خلف باب مغلق. وترى المنظمة أن هذه الوفاة تمثل امتدادًا لنمط ممنهج من الانتهاكات داخل السجون المصرية، وخرقًا واضحًا للمعايير الدولية، لا سيما قواعد نيلسون مانديلا النموذجية لمعاملة السجناء، والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تكفل الحق في الصحة والرعاية دون تمييز.
وإزاء هذه الواقعة المؤلمة، تدعو منظمة “صحفيات بلا قيود” إلى فتح تحقيق قضائي عاجل وشفاف في ملابسات وفاة عبد الفتاح عبد المقصود، ومساءلة كل من تورط بالإهمال أو التستر عليه، وتطالب النيابة العامة المصرية بتحمل مسؤولياتها القانونية في الرقابة على أماكن الاحتجاز، كما تطالب المجلس القومي لحقوق الإنسان بالقيام بزيارات مفاجئة إلى سجن جمصة وغيره من السجون التي تشهد تدهورًا صحيًا ممنهجًا.
تدعو المنظمة كذلك المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى التدخل العاجل لمتابعة الأوضاع داخل السجون المصرية والضغط على السلطات لضمان التزامها بالمعايير الدولية، ووقف سياسة القتل البطيء والإهمال الطبي الممنهج.
تشدد “صحفيات بلا قيود” على أن صمت المجتمع الدولي إزاء تكرار هذه الجرائم يفتح الباب لمزيد من الانتهاكات ويمنح غطاءً غير مباشر للإفلات من العقاب، وأن إنقاذ ما تبقى من أرواح داخل السجون يبدأ بمحاسبة المسؤولين لا بتجاهل الضحايا.
صادر عن منظمة صحفيات بلا قيود
9 إبريل/ 2025
