
في مثل هذا اليوم من عام 2015، أقدمت مليشيا الحوثي على اقتحام منزل السياسي اليمني البارز محمد قحطان في صنعاء، واقتادته إلى جهة مجهولة دون أي مسوغ قانوني. ومنذ تلك اللحظة، لا تزال أسرته ومحبوه يجهلون مصيره، وسط تجاهل تام لكافة القوانين الوطنية والمعايير الدولية التي تحظر الإخفاء القسري وتجرّمه.
عشر سنوات مضت، وملف محمد قحطان لا يزال شاهداً صارخاً على الانحدار الحقوقي والسياسي في اليمن، حيث تحوّلت الكلمة الحرة والموقف السلمي إلى تهم، والمطالبة بدولة مدنية إلى جريمة تستدعي السجن والإخفاء.
قحطان لم يكن يوماً مقاتلاً في ساحة صراع، بل كان من أبرز دعاة التغيير السلمي والحوار الوطني، ومن رموز ثورة فبراير 2011 التي رفعت شعار “لا للعنف، نعم لدولة المواطنة والقانون”. لقد دفع ثمن تمسكه بنهج الحوار والسلام، فكان الإخفاء القسري جزاءه.
إننا في منظمة “صحفيات بلا قيود”، لا نتحدث فقط عن فرد مغيّب، بل عن ضمير وطني جرى تغييبه قسراً، وعن جريمة مستمرة لا تسقط بالتقادم. نرفض تحويل الإنسان إلى “ملف تفاوضي” يُتاجر بمعاناته في صفقات سياسية، ونعدّ هذه الممارسة امتهاناً سافراً للكرامة الإنسانية، وتكريساً لسياسة الإفلات من العقاب.
نؤكد أن الإفراج عن محمد قحطان ليس منّةً، ولا يجوز أن يخضع لأي شرط أو مساومة؛ بل هو استحقاق إنساني وقانوني عاجل. فمرور عشر سنوات من الغياب هو عقدٌ من الألم والصمت، يُحمّل المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية عن هذا القصور المريع في حماية الحقوق.
إننا نؤمن أن حرية الإنسان ليست شعاراً يُرفع، بل حق غير قابل للتفاوض، وأن الإخفاء القسري وصمة عار في جبين كل من يمارسه أو يصمت عنه. فقحطان ليس مجرد سياسي مختفٍ، بل أحد وجوه النضال السلمي في اليمن، وشاهد حي على معركة اليمنيين من أجل العدالة والدولة المدنية.
وبناءً على ما سبق، تطلق منظمة صحفيات بلا قيود هذه الدعوة العاجلة:
1. الإفراج الفوري وغير المشروط عن محمد قحطان، والكشف عن مصيره ومكان احتجازه.
2. تحميل مليشيا الحوثي المسؤولية الكاملة عن سلامته، ومطالبتها بإنهاء سياسة الإخفاء القسري بحق السياسيين والنشطاء.
3. دعوة الأمم المتحدة، ومبعوثيها إلى اليمن، والمجتمع الدولي، إلى الالتزام الجاد بتنفيذ ما ورد في قرار مجلس الأمن 2216 بشأن الإفراج عن محمد قحطان، وضمان عدم تغييب قضيته أو تجاوزها في أي مسار تفاوضي قادم.
4. مطالبة وسائل الإعلام، والمنظمات الحقوقية، والأحزاب السياسية، بتكثيف التوعية بخطر الإخفاء القسري، واعتباره جريمة لا يجوز الصمت عنها.
6. دعوة الدولة اليمنية وكل القوى الوطنية إلى تخليد ذكرى محمد قحطان كرمز للنضال السلمي، من خلال الفعاليات، والإنتاج الوثائقي، وتدريس سيرته كجزء من الوعي الوطني.
صادر عن:
منظمة “صحفيات بلا قيود”
5 إبريل 2025