اليمن - قالت منظمة “صحفيات بلا قيود” إن حادثة مقتل المواطن أمين ناصر باحاج في محافظة شبوة تمثل نموذجاً مؤسفاً للانتهاكات المرتبطة بالعنف القبلي خارج نطاق القضاء الرسمي،
وتعكس هشاشة منظومة حماية الحقوق المدنية والقانونية في مناطق واسعة من اليمن، بما يشكل إخلالاً جسيماً بمسؤولية الدولة وواجباتها الدستورية الحصرية في إنفاذ العدالة وتطبيق القانون.
وأوضحت المنظمة، استناداً إلى معلومات تلقتها من فريقها الميداني، أن الواقعة وقعت صباح الأربعاء 10 ديسمبر 2025م في وادي حبان – مديرية حبان بمحافظة شبوة، إثر نشوء نزاع حول ملكية أرض بين أمين ناصر باحاج وباسل المرواح البابكري، ما أسفر عن مقتل الأخير. وأضافت المنظمة أن أسرة الجاني سلّمته، بعد ساعات من وقوع الحادثة، إلى أهل المجني عليه، الذين قاموا باعدامه مباشرة، خارج إطار أي إجراءات قضائية رسمية، وهو ما يشكّل انتهاكاً جسيماً للحق في الحياة، ومساساً مباشراً بحق الضحية في العدالة، فضلاً عن كونه تعدياً خطيراً على الاختصاص الدستوري والقانوني الحصري للدولة في حماية الحق في الحياة وإنفاذ العدالة من خلال القضاء الرسمي.
وأشارت المنظمة الى أن المشاهد المتداولة للواقعة تحمل صدمة بالغة وتؤكد حجم الانتهاك، كما تعكس التهديد المستمر لسلامة المدنيين وضعف سيادة القانون، وما قد ينشأ عن ذلك من مخاطر تهدد الأمن والاستقرار المجتمعي.
واكدت منظمة “صحفيات بلا قيود” ان القانون اليمني الجنائي (القانون رقم 12 لسنة 1994م المعدل) ينص على معاقبة كل من يقتل عمداً، ويحدد إجراءات التحقيق والمحاكمة العادلة وحق الضحية في القصاص، مشددة على أن أي تنفيذ للقصاص خارج القضاء الرسمي يشكل انتهاكاً صريحاً للقانون، وتعدياً على الاختصاص الدستوري الحصري للدولة في إنفاذ العدالة وتطبيق القانون، ويعد جريمة قتل ثانية مهما كان مبرر الأعراف القبلية.
وأضافت المنظمة أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يعزز هذا المبدأ، حيث تنص المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على الحق في الحياة، والمادة 14 على حق كل فرد في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ونزيهة، وهو ما يؤكد حصرية الدولة في تطبيق القانون وإنفاذ العدالة، ويعتبر أي قصاص خارج القضاء انتهاكاً مزدوجاً للحق في الحياة وضمانات المحاكمة العادلة ويهدد الأمن والاستقرار ويقوض سلطة الدولة ومؤسساتها القضائية.
أدانت منظمة “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات تنفيذ حكم الإعدام خارج القضاء الرسمي، داعية السلطات المحلية والقضاء اليمني إلى فتح تحقيق قضائي عاجل يشمل توثيق الواقعة الحالية والتحقق من ملابسات الواقعة السابقة المرتبطة بها، ومحاسبة كل من ساهم في تنفيذ الإعدام خارج القانون وضمان حماية المدنيين من العنف القبلي وتعزيز سيادة القانون والعدالة للجميع.
كما طالبت المنظمة المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية بالضغط على السلطات لضمان سيادة القانون ووقف أي ممارسات انتقامية خارج القضاء وتعزيز آليات حماية الحقوق الأساسية.
واكدت “صحفيات بلا قيود” في ختام بيانها أن أي تقاعس أو غض نظر عن التحقيق والمحاسبة في هذه الواقعة والوقائع المماثلة، يشكل إخلالاً جسيماً بمسؤولية الدولة وواجباتها الدستورية الحصرية في إنفاذ العدالة وتطبيق القانون، وهو ما يؤدي إلى إضعاف مؤسسات الدولة وتقويض سيادة القانون.
وحذرت المنظمة من أن غياب تدخل الدولة لحماية الحقوق وفرض القانون يفضي إلى انحلال دور الدولة، ويجبر المجتمع على ممارسة ما يعرف بالعدالة الذاتية، مما يفضي بدوره إلى دوامة انتقامية ممتدة، ويمثل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين.

Ar
En
