البمن - قالت منظمة “صحفيات بلا قيود” إن مليشيا الحوثي تواصل منذ عدة أشهر تصعيد انتهاكاتها الممنهجة والخطيرة ضد المدنيين والعاملين في المنظمات الإنسانية، عبر تنفيذ حملات اختطاف وقمع واسعة.
وأكدت المنظمة أن استهداف موظفي الأمم المتحدة خلال الأيام الماضية يشكل امتداداً لهذه السياسة القمعية المتعمدة، ويمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والمعايير الحقوقية الدولية، ويرتقي إلى جرائم حرب وفق أحكام القانون الدولي
وأوضحت المنظمة، استناداً إلى معلومات تلقتها ومصادر صحفية موثوقة، أن مليشيا الحوثي نفذت منذ 31 اغسطس 2025، حملة خطيرة من الاختطافات بحق موظفي الأمم المتحدة في صنعاء والحديدة ، شملت اختطاف 15 موظفاً من العاملين في برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة ومنظمة الاامم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، بالإضافة إلى خمسة موظفين سابقين في برنامج الغذاء العالمي.
وأضافت المنظمة أن المليشيا حاصرت مقري برنامج الغذاء العالمي في صنعاء والحديدة، ومقر اليونيسيف في صنعاء، قبل أن تقتحمها وتختطف موظفيها قسراً الى جهة مجهولة، ونهبت ممتلكاتها. كما داهمت منازل الموظفين السابقين واختطفتهم أيضاً، واقتادتهم إلى جهات مجهولة.
كما أفادت المصادر أن الحوثيين احتجزوا نائب ممثل اليونيسف في اليمن، لونا شكري، وأخضعوها للتحقيق عدة مرات منذ اقتحام مقر المنظمة يوم الأحد الماضي، في انتهاك صارخ لحقها في الحماية كموظف محمي بموجب القانون الدولي الإنساني.
واوردت المنظمة أسماء المختطفين من موظفي برنامج الغذاء العالمي من العاملين الحاليين والسابقين وفقاً للمصادر، على النحو التالي:
· المركز الرئيسي- صنعاء: عمار ناصر، غانم أحمد غانم، أكرم المغربي، وسيم سلطان، سعيد حسن، إياد شمسان، أحمد السعيدي، صلاح الإرياني
· مكتب الحديدة: عبدالله القاضي، جمال قبيصي، أنس حُميد
· الموظفون السابقون: أيمن المتوكل، عبدالله القاضي، رمزي الهمداني، صالح العرباني، يحيى الحبيشي.
أشارت المنظمة إلى أن هذه الحملة تأتي في سياق استهداف ممنهج للعاملين في المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية منذ عدة سنوات، حيث كان أبرزها ما تعرض له عشرات العاملين في يونيو 2024 من اختطافات وانتهاكات جسيمة. وأكدت أن نحو 23 موظفاً من العاملين في الأمم المتحدة لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي في سجون المليشيا، بينهم مختطفون منذ أعوام 2021 و2023، الى جانب عشرات المختطفين من العاملين في المنظمات الدولية والمحلية الانسانية والبعثات الدبلوماسية ومنظمات المجتمع المدني.
وأعربت المنظمة عن بالغ قلقها إزاء مصير المختطفين، في ظل تزايد التقارير حول إصابة العديد منهم بإصابات جسدية ونفسية متفاوتة نتيجة التعذيب والمعاملة القاسية، مثل حالة المختطف عاصم العشاري الذي أصيب بعمى جزئي، وسامي الكلابي الذي تعرض لإصابة في العصب الخامس بالوجه، ما يعكس خطورة الانتهاكات ومدى تأثيرها على سلامة المختطفين. كما ذكّرت المنظمة بحالة الموظف في برنامج الغذاء العالمي بمحافظة صعدة، أحمد باعلوي، الذي فارق الحياة في سجون المليشيا في فبراير الماضي، بعد أقل من شهر على اختطافه، نتيجة التعذيب القاسي والمعاملة اللاإنسانية.
وأكدت المنظمة أن التراخي الدولي وعدم اتخاذ إجراءات حاسمة ضد هذه الانتهاكات على مدى السنوات الماضية أسهم في اتساع نطاقها وتكرارها، مما أتاح للمليشيا تنفيذ حملاتها القمعية والاختطافات دون محاسبة، وزاد من معاناة المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.
وحذرت المنظمة من أن استمرار هذا الوضع يشكل تهديداً مباشراً للسلامة الجسدية والمعنوية للمدنيين ويزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية في اليمن، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل وفرض آليات رقابة ومساءلة فعّالة لضمان حماية المدنيين والعاملين الإنسانيين ومنع إفلات المسؤولين عن هذه الجرائم من العقاب.
تصعيد ممنهج: أكثر من 300 انتهاك موثق خلال شهرين
أكدت منظمة “صحفيات بلا قيود” أن حملة استهداف موظفي الأمم المتحدة الأخيرة تشكل جزءاً من تصعيد خطير وانتهاكات جماعية وممنهجة تنفذها مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها، حيث تقوم منذ عدة أشهر بحملات اختطاف واسعة طالت المئات من المدنيين، من بينهم أكاديميون وأطباء ومعلمون ومحامون وناشطون وموظفون ورجال دين وطلاب ومواطنون عاديون، في حملة شاملة امتدت إلى عدة محافظات.
وفي هذا السياق، اوضحت المنظمة أنها رصدت ووثقت خلال شهري يوليو وأغسطس 2025 نحو 312 انتهاكاً، شملت: الاختطاف الجماعي، الإخفاء القسري، التعذيب الممنهج، القتل خارج نطاق القانون، الحصار وتجويع المدنيين، المداهمات غير القانونية، نهب الممتلكات، تدمير المنازل والمزارع، حرق السيارات والممتلكات، التهجير القسري، والترويع المتعمد للسكان المدنيين.
وأكدت المنظمة أن هذه الانتهاكات تشكل أعمالاً جسيمة تنتهك القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مشيرة الى أنها بصدد إصدار بيان موسع يوضح تفاصيل تلك الانتهاكات.
اختطاف العاملين الإنسانيين: جريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية
اكدت المنظمة أن اختطاف الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الإنسانية يعد انتهاكاً جسيماً لاتفاقيات جنيف لعام 1949 (المادة 147) ويصنف جريمة حرب بموجب المادة 8(2)(c)(i) و8(2)(e)(i) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما يرتقي إلى جريمة ضد الإنسانية وفق المادة 7 من النظام ذاته، كونه جزءاً من حملة واسعة تستهدف العاملين المحميين وتقوض حماية المدنيين وضمان استمرار العمل الإنساني.
وقف القمع فوراً: دعوة للتحقيق الدولي وحماية العاملين الإنسانيين
أدانت منظمة “صحفيات بلا قيود” بشدة اختطاف موظفي الاأمم المتحدة واستمرار مليشيا الحوثي في حملات القمع والاختطاف المنهجية التي تستهدف المدنيين والعاملين في المنظمات الإنسانية، محملة المليشيا المسؤولية الكاملة عن سلامة المختطفين وحياتهم.
وطالبت المنظمة بالإفراج الفوري عن جميع المختطفين وضمان حمايتهم من أي سوء معاملة، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لحماية موظفيها و العاملين في المنظمات الإنسانية وفرض آليات رقابة فعالة لمنع تكرار هذه الانتهاكات، بما يضمن احترام القانون الدولي وحماية المدنيين.
وشددت المنظمة على ضرورة فتح تحقيقات دولية مستقلة وشفافة في هذه الانتهاكات، وفي كل الانتهاكات التي تمارسها المليشيا ضد المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، ومساءلة المسؤولين عنها وفق القوانين الدولية.
وجددت “صحفيات بلا قيود” في ختام بيانها، التأكيد على أن استمرار هذه الانتهاكات الممنهجة يشكل تهديداً مباشراً للسلامة الجسدية والنفسية للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني، ويزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية في اليمن، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات دولية عاجلة لمساءلة المسؤولين وحماية الضحايا وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
