اليمن- حذرت منظمة "صحفيات بلا قيود" من تصاعد الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها مليشيا الحوثي ضد الجامعات والمعاهد التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مؤكدة أن هذه الممارسات تهدد مستقبل التعليم في اليمن وتقوض الحريات الأكاديمية.
وأوضحت المنظمة في بيان صادر عنها أنها وثقت، خلال الفترة من أكتوبر 2024 حتى يناير 2025، سلسلة من الانتهاكات التي طالت 23 جامعة حكومية وخاصة، إلى جانب 7 معاهد تعليمية في عدد من المحافظات، وهي: صنعاء، الحديدة، إب، ذمار، عمران، صعدة، حجة، والبيضاء.
وبحسب ما رصده فريق المنظمة، قامت المليشيا بتحويل الجامعات والمعاهد إلى مراكز تعبئة عسكرية وفكرية، حيث فرضت التجنيد الإجباري على آلاف الطلاب ضمن ما يسمى "دورات طوفان الأقصى"، والتي تضمنت تدريبات على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، كما أدرجت العديد منهم في ما يُعرف بـ"قوات التعبئة العامة"، مما أدى إلى تحويل المؤسسات التعليمية من بيئات للعلم والمعرفة إلى ساحات لتجنيد المقاتلين.
وأشارت المنظمة إلى أن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس تعرضوا لضغوط متزايدة لإجبارهم على تبني أيديولوجية الحوثيين، حيث فرضت المليشيا محاضرات ودورات فكرية إلزامية، وهددت الرافضين بالفصل من الدراسة أو الاعتقال، وهو ما يشكل اعتداءً صارخاً على الحريات الأكاديمية والفكرية.
وأضاف البيان أن النساء لم يكنّ بمنأى عن هذه الانتهاكات، حيث أجبرت المليشيا الطالبات في الجامعات المستهدفة على الخضوع لدورات عسكرية وفكرية تحت إشراف عناصر الزينبيات، وهو ما اعتبرته المنظمة انتهاكاً خطيراً لحقوق المرأة في التعليم والحرية الشخصية، وتصعيداً في عسكرة المجتمع عبر استغلال الطالبات في التجنيد والتعبئة الأيديولوجية.
كما وثقت المنظمة حالات ابتزاز أكاديمي مارسته المليشيا، حيث ربطت منح الشهادات الجامعية والوظائف الأكاديمية ودرجات الطلاب بالمشاركة في الأنشطة العسكرية والفكرية التي تفرضها. وأدى ذلك إلى فصل العديد من أعضاء هيئة التدريس قسراً، وحرمان الآلاف من الطلاب من حقهم في تعليم أكاديمي عادل ومستقل.
وأكدت المنظمة أن هذه الانتهاكات ليست جديدة، لكنها تصاعدت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، حيث استغلت مليشيا الحوثي التصعيد في غزة وأحداث المنطقة لتعزيز تحشيدها وتعبئتها داخل الجامعات، مما حول المؤسسات التعليمية إلى أدوات دعاية طائفية وعسكرية، حيث أجبر الطلاب على المشاركة في فعاليات سياسية وعسكرية تحت شعارات تدعم أجندة المليشيا.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً للقوانين الدولية، بما في ذلك المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تكفل حق التعليم دون إكراه، والمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحمي حرية الفكر والمعتقد، والمادة 10 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي تضمن للنساء حقوقهن التعليمية دون قيود، إضافة إلى انتهاكها لاتفاقيات جنيف التي تحظر إجبار المدنيين على المشاركة في النزاعات المسلحة.
وأمام هذه الانتهاكات الخطيرة، طالبت "صحفيات بلا قيود" المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهتها، داعية الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى توثيق هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها. كما دعت مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد القيادات الحوثية المتورطة، وشددت على ضرورة فرض عقوبات صارمة لردع استمرار هذه الممارسات.
وحثت المنظمة الجهات المحلية والمنظمات الحقوقية اليمنية على تكثيف جهودها لحماية العملية التعليمية، وتوعية الطلاب بحقوقهم، والعمل على مقاومة عسكرة الجامعات والمعاهد لضمان حق الأجيال القادمة في تعليم حر وآمن.
وأكدت "صحفيات بلا قيود" التزامها المستمر برصد وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها الطلاب والأكاديميون في اليمن، والدفاع عن حقهم في تعليم مستقل وآمن بعيداً عن الاستغلال السياسي والعسكري، مشددة على أن الاعتداء على الحق في التعليم يمثل جريمة لا يمكن السكوت عنها، داعية إلى تحرك دولي جاد لإنقاذ مستقبل التعليم في اليمن.