(بغداد)- قالت منظمة صحفيات بلاقيود، يوم الجمعة، إن تسليم العراق للناشط السياسي "سلمان الخالدي" (23 عاماً) لدولة الكويت، انتكاسة وانتهاك لالتزامات بغداد للقانون الدولي الإنساني الدولي.
في خطوة أمنية لافتة، أعلنت السلطات الكويتية، يوم الأربعاء (الأول من يناير/كانون الثاني2025) عن تسلّمها سلمان الخالدي من العراق، الذي يُعتبر واحداً من أبرز المعارضين الكويتيين في المنفى. وقالت الداخلية الكويتية إنها حققت "انجازاً" بتسلم ما وصفته "بالمتهم الهارب والمُعمَّم عليه عربياً ودولياً" اعتباراً من الرابع من ديسمبر/ كانون الأول بناءً على أحكام قضائية. أي قبل أقل من شهر على اعتقاله في العراق.
وقالت صحفيات بلاقيود "لا يوجد أي انجاز باختطاف ناشط سياسي وتعريضه للتعذيب والسجن لمدة طويلة وربما الموت، بل هو استمرار لسلوك الأجهزة والأمنية والمخابراتية الكويتية في إرهاب المدافعين عن حقوق الإنسان والمعبرين عن آرائهم داخل البلاد والمنفيين خارجه".
من جهتها، دافعت الداخلية العراقية عن القرار، زاعمة "دولة العراق عضو في منظمة (الإنتربول) الدولية، وأنها تعمل بحرص كبير على تنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات والتعاون التام مع الدول العربية والصديقة في هذه المنظمة، وفي مختلف المجالات الأمنية، وهي ملزمة لها". على الرغم أن القضايا التي حُكم بسببها "الخالدي" هي قضايا رأي.
وبحسب ما ورد، كان الخالدي، الذي نشر مؤخرًا تعليقات انتقادية حول أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح والعائلة الحاكمة على وسائل التواصل الاجتماعي، يزور العراق كسائح.
وترى "صحفيات بلاقيود" أن "عملية مخابراتية سوداء، استدرجت بموجبها العراق سلمان الخالدي إلى بغداد بمنحه الموافقة الأمنية بأوراق اللجوء البريطانية بعد أن قدم طلباً للسفارة في لندن، لاعتقاله وتسليمه للكويت". وعادة ما تلجأ الحكومات الخليجية لهذا النوع الضغط على الدول العربية. وسبق قامت الأردن بتسليم "المعارض الإماراتي خلف الرميثي" إلى أبوظبي في مايو/أيار 2023م.
مغالطات العراق
وقالت صحفيات بلاقيود إن بيان الداخلية العراقية يحتوي على عديد من المغالطات منها: أن منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) ليس منظمة سياسية، وهذا يعني أنه لا يصدر نشرات اعتقال لأسباب سياسية، مثل المعارضة السياسية أو الآراء المختلفة. إذ أن ذلك يخالف القانون الأساسي للانتربول الذي ينص المادة (3) من: "يُمنع منعاً باتاً على المنظمة القيام بأي تدخل أو نشاط ذي طابع سياسي أو عسكري أو ديني أو عنصري" والمادة (2) التي تنص على أن المنظمة يجب أن تضطلع بأنشطتها "بروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
كما أنه يتعارض مع الاتفاقيات الأمنية للجامعة العربية متعلقة بالموضوع وهي "اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية 1954م"؛ "اتفاقية الرياض للتعاون القضائي1982م". فاتفاقية (1954) المادة (4) تحظر تسليم المطلوبين في القضايا السياسية. والمادة (3) التي تشترط "أن يكون الشخص المطلوب من رعايا الدولة طالبة التسليم". وسبق أن أعلنت الكويت سحب الجنسية من "الخالدي" في ابريل/نيسان2024، وتشير التقارير إلى أنه حصل على حق اللجوء في المملكة المتحدة قبل أشهر من اعتقاله.
أما اتفاقية الرياض للتعاون القضائي1982، فعلاوة على أنها تحظر "تسليم المطلوبين" في القضايا السياسية. فإنها تقدم توصيفاً أدق في المادة (41) التي تقول إنه لا يوجب التسليم إذا كانت "جريمة لها صبغة سياسية". لذلك لا يوجد غطاء سياسي وأمني وقضائي، خاصة وأن روح الدستور العراقي تحظر تسليم المعارض السياسي قسراً إلى البلد الذي فرّ منه (المادة 21).
خرق لالتزامات العراق الدولية
بالمقابل، قالت منظمة صحفيات بلاقيود إن العراق ملزمة بتطبيق الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، ويمثل تسليم "سلمان الخالدي" انتهاك صارخ لالتزامات بغداد للمادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي صادقت عليها الحكومة العراقية في يوليو/تموز 2011م.
وتنص المادة الثالثة على "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده ("أن ترده") أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".
وقالت صحفيات بلاقيود: عندما انضمت العراق لاتفاقية مناهضة التعذيب كان رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني وزيراً لحقوق الإنسان، في إهانة للانجاز التي حققتها جهوده ووزارته في ذلك الوقت".
وتشير إلى أن حكومة محمد شايع السوداني تنتهك مبدأ عدم تسليم الملاحقين سياسياً الذي على أنه لا يجوز تسليم شخص إلى دولة أخرى إذا كان هناك خطر تعرضه للاضطهاد بسبب آرائه السياسية.
وأضافت أن "إعادة سلمان الخالدي قسراً إلى الكويت، مع تأكدها بوجود تهديد على حياته وحريته بتعرضه للإخفاء القسري والتعذيب لمدة طويلة أو الموت، إجراء قاسٍ وانتهاك فاضح لالتزامات العراق بالقانون الدولي الإنساني".
تساور صحفيات بلاقيود الشكوك حول تعرض "سلمان الخالدي للتعذيب أو الاعتداء على يد أجهزة الأمن العراقية، كما توضح صورته المتداولة على "منفذ العبدلي" الحدودي بين البلدين.
تدعو صحفيات بلاقيود آليات وفرق العمل بالأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان – خاصة المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان؛ المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب؛ الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي؛ المقرّرة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين؛ الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي؛ المقررة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير؛ المقررة الخاصة المعنية بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات- والمنظمات الحقوقية الأخرى إلى التدخل في قضية اختطاف "الخالدي" وتسليمه للكويت، وإدانة سلوك بغداد والكويت، والضغط للإفراج عنه.
تطالب منظمة صحفيات بلا قيود بالآتي:
- على العراق تحمل مسؤولياتها بموجب القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات والمعاهدات التي وقعتها، ومعالجة وضع "سلمان الخالدي" مع الحكومة الكويتية فوراً دون إبطاء.
- فتح تحقيق واسع حول تسليم "الخالدي" ومحاسبة المسؤولين الرئيسيين عن انتهاك القانون الدولي الإنساني والتزامات العراق وفق الاتفاقيات التي جرى توقيعها. وعدم السماح لهذه القضية بالإفلات.
- على الكويت الإفراج الفوري عن الخالدي، وحتى تحقيق ذلك يجب ضمان سلامته الجسدية والنفسية، وضمان وصوله إلى محام والتواصل مع عائلته.
- على الكويت السماح لمقرري الأمم المتحدة، ووفد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان زيارة "سلمان الخالدي" والمعتقلين السياسيين في البلاد والمسحوبة جنسياتهم.
خلفية قضية سلمان الخالدي
وكان يعيش في قطر منذ سنوات لكنه انتقل إلى العاصمة البريطانية لندن، عام 2022، وحصل على حق اللجوء قبل أشهر حسب التقارير.
في يونيو/حزيران 2022 أصدرت محكمة الجنايات الكويتية حكم غيابي ضد سلمان الخالدي بالسجن خمس سنوات مع الشغل والنفاذ، بتهمة تتعلق بأمن الدولة وهي "التطاول على الذات الأميرية وذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي".
وفي 18 يناير/ كانون الثاني 2023، صدر عفو رسمي عن الخالدي من قبل دولة الكويت.
في 15 مايو/ أيار 2023، على الرغم من العفو، جرى إعادة الحكم السابق عليه بالسجن 5 سنوات بعد اتهامه بالتغريد ونشر "شائعات كاذبة حول الشؤون الداخلية للبلاد". بعد ذلك
في 27 سبتمبر/أيلول 2023، حُكم على الخالدي غيابياً بالسجن لمدة 13 عاماً، بالإضافة إلى منعه من السفر لمدة 25 عاماً بسبب نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي.
في 19 نوفمبر/تشرين الأول 2023، حُكم على الخالدي بالسجن لمدة 5 سنوات إضافية أثناء وجوده في بريطانيا، بتهمة "نشر شائعات كاذبة" حول الكويت من خارج البلاد، ولتغريدات فيها "إهانة" لأمير الكويت، والاحتجاج في مكان عام ضد الحكومة بالتظاهر أمام السفارة الكويتية في لندن (سبتمبر/أيلول).
في 23 يناير/كانون الثاني 2024، أصدرت محكمة كويتية عليه حكماً بالسجن لمدة 3 سنوات أخرى بسبب أفعال تتعلق بحرية التعبير، بسبب انتقاد الحكومة الكويتية علناً على وسائل التواصل الاجتماعي وتنظيم اعتصام أمام السفارة الكويتية في لندن.
في 9 أبريل/نيسان 2024، أعلنت السلطات الكويتية تجريد الخالدي من جنسيته الكويتية بموجب المرسوم رقم 66.
صادر عن منظمة صحفيات بلاقيود
3 يناير /كانون الأول 2025