البيانات الصحفية

(بيان حقوقي صادر عن منظمة صحفيات بلا قيود بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس

(بيان حقوقي صادر عن منظمة صحفيات بلا قيود بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس

في اليوم العالمي للمرأة، تُجدّد منظمة صحفيات بلا قيود التزامها بالدفاع عن حقوق النساء ومناهضة كافة أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي في الوطن العربي، خاصة في مناطق الصراع العسكري ، والسياسي  التي تواجه فيها النساء تحديات متفاقمة  ، فإننا نؤكد على الحاجة الملحّة لاتخاذ تدابير قانونية وسياسية فعالة لضمان الحماية والعدالة للضحايا، وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

تشير التقارير الدولية والمحلية إلى ارتفاع معدلات العنف ضد النساء في عدة دول عربية، حيث تتعرض النساء لأشكال متعددة من الانتهاكات، سواء كانت أسرية، مؤسسية، اقتصادية، أو مجتمعية، بما في ذلك العنف الجسدي، النفسي، الاقتصادي، والجنسي.

ففي منذ اندلاع النزاع في اليمن، ازدادت معاناة النساء والفتيات بشكل ملحوظ. تشير التقارير إلى أن حوالي 4.5 مليون شخص نزحوا داخليًا، يشكل النساء والأطفال ثلاثة أرباعهم، وتُقاد 26% من الأسر النازحة بواسطة نساء. كما ارتفعت نسبة زواج القاصرات، حيث تتزوج ما يقرب من ثلثي الفتيات قبل بلوغهن الثامنة عشرة. بالإضافة إلى ذلك، أدى تطبيق نظام "المحرم" في بعض المناطق إلى تقييد حركة النساء وعملهن ، العنف الأسري ضد النساء تفاقم أيضًا خلال السنوات الماضية، حيث تعرضت العديد من النساء للعنف الجسدي واللفظي، وسط غياب القوانين الرادعة وتقاعس السلطات. كما انتشرت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني والمضايقة عبر الإنترنت، مما زاد من معاناة النساء في الفضاء الرق.

و في  النساء تواجه النساء السودانيات أوضاعًا كارثية منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، حيث يُستخدم العنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والاستعباد الجنسي، كأداة حرب لترهيب المجتمعات، خاصة من قبل قوات الدعم السريع وميليشياتها، مستهدفًا فتيات ونساء تتراوح أعمارهن بين 8 و75 عامًا .في المناطق الريفية، تتعرض النساء للزواج القسري والاغتصاب الجماعي وسط غياب الخدمات الصحية والدعم النفسي. إلى جانب ذلك، أُبلغ عن تجنيد النساء في معسكرات تدريب عسكرية ضمن مجموعات تُعرف بـ"الجيش الأسود"، في حين تقود مبادرات نسائية مثل "لا لقهر النساء" جهودًا لتوثيق الانتهاكات والمناصرة لحقوق المرأة. هذه الأوضاع تستدعي تدخلاً دوليًا عاجلاً لحماية النساء السودانيات وضمان محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحقهن.

شهدت المملكة العربية السعودية تقدمًا في حماية حقوق المرأة، حيث أُصدر نظام الحماية من الإيذاء عام 2013 لمكافحة العنف الأسري، وتم إنشاء مراكز إيواء وخطوط ساخنة لدعم النساء المعنفات. ومع ذلك، لا تزال تحديات قائمة، حيث كشف استطلاع وطني عام 2018 أن 46% من السعوديين يعتبرون العنف ضد المرأة منتشرًا، ويُعد العنف النفسي الأكثر شيوعًا بنسبة 46.5%، بينما 73% من حالات العنف تُرتكب من قبل الأزواج و83% تحدث داخل المنازل . كما أظهر الاستطلاع أن نصف المجتمع غير مدرك لوجود قانون يحمي المرأة من العنف، و61% لا يعرفون الجهة المختصة بتلقي البلاغات ،هذه التحديات تستدعي تعزيز الوعي المجتمعي وضمان تنفيذ القوانين بفعالية لحماية النساء من جميع أشكال العنف.

وفي تونس  منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد عن الإجراءات الاستثنائية في يوليو 2021، تواجه حقوق المرأة في تونس تحديات متزايدة، حيث تراجع التمثيل النسائي في المجالس المنتخبة بعد تعديل القانون الانتخابي لعام 2022، مما أثر على مشاركة النساء في الحياة السياسية ، ورغم وجود قانون شامل لمناهضة العنف ضد المرأة منذ 2017، إلا أن ضعف تطبيقه ونقص الموارد حالا دون تحقيق حماية فعلية، خاصة مع تسجيل 69,000 شكوى عنف ضد النساء في 2021، وسط تقديرات بوجود حالات أخرى لم يتم الإبلاغ عنها،  في المقابل، تصاعدت حملات الكراهية والتضليل ضد الناشطات النسويات عبر الإنترنت، مما يهدد المكتسبات الديمقراطية ويدفع الحركة النسوية إلى مواصلة النضال للحفاظ على حقوق المرأة في ظل بيئة سياسية واجتماعية متوترة.

تواجه النساء في قطاع غزة أوضاعًا إنسانية كارثية نتيجة للحرب المستمرة، حيث يشكلن مع الأطفال نسبة كبيرة من الضحايا. ووفقًا لتقارير حقوقية، فقد بلغت حصيلة الشهيدات حتى مارس 2025 حوالي 12,316 امرأة من إجمالي 48,346 شهيدًا، فيما أصيبت 111,759 امرأة، مما يؤكد أنهن أكثر الفئات تضررًا من هذا النزاع. علاوة على ذلك، اشارة تقارير الي ان  النزوح الجماعي أدي  إلى تفاقم معاناة النساء، حيث اضطر حوالي مليوني شخص إلى الفرار من منازلهم، نصفهم من النساء، مما أدى إلى ارتفاع عدد الأرامل إلى 13,901 امرأة، ما جعلهن المسؤولات الوحيدات عن إعالة أسرهن وسط انهيار اقتصادي وإنساني حاد . من جانب آخر، تعاني 46,300 امرأة حامل في غزة من مستويات حادة من الجوع، بينما تواجه 155,000 امرأة حامل ومرضع صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة في ظل انهيار المنظومة الصحية، وغياب الخدمات الطبية الأساسية، مما يهدد حياتهن وحياة أطفالهن. وأشاره تقارير صحفية الي ان  المخيمات المكتظة، تفاقمت معاناة النساء بسبب نقص الخصوصية، وانعدام مرافق النظافة الأساسية، مما يجبرهن على استخدام مرافق صحية غير صالحة تفتقر إلى المياه النظيفة ومتطلبات النظافة الشخصية، وهو ما يعرضهن لخطر الأمراض. وإلى جانب كل هذه الأزمات، أفادت تقارير حقوقية بوجود انتهاكات خطيرة، حيث تعرضت بعض النساء للعنف الجنسي أثناء الاحتجاز، مما يضيف بُعدًا جديدًا للمعاناة التي تعيشها نساء غزة في ظل الصراع المستمر في ظل هذه الظروف، تتزايد الدعوات العاجلة للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لاتخاذ إجراءات فورية لتقديم المساعدات الضرورية، وضمان الحماية القانونية والإنسانية للنساء في غزة، خاصة فيما يتعلق بالرعاية الصحية، الدعم الغذائي، والمأوى الآمن.

وفي سوريا منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، اعتمد النظام السوري السابق على العنف المفرط والاعتقالات التعسفية لقمع المعارضة، حيث واجهت الاحتجاجات السلمية بالقوة المميتة، مما أدى إلى تصاعد العنف وتحول الثورة إلى نزاع مسلح . خلال العقد الماضي، تعرض عشرات الآلاف من المدنيين للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، وتعرض العديد منهم للتعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي، أو الموت أثناء الاحتجاز، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة التي تؤكد أن الاعتقال والإخفاء القسري أصبحا أدوات رئيسية لقمع المعارضة في سوريا. وتشير التقارير إلى أن قوات النظام اعتقلت ما لا يقل عن 1.2 مليون سوري، واستخدمت 72 وسيلة تعذيب في أكثر من 50 سجنًا ومركز اعتقال، مما يعكس حجم الانتهاكات الممنهجة التي تمارسها الأجهزة الأمنية لترهيب المجتمع والسيطرة علية ، هذه الممارسات تعكس استراتيجية النظام السوري في ترسيخ سلطته من خلال القمع الممنهج، مما أدى إلى معاناة إنسانية واسعة النطاق وتفاقم الأزمة السورية.

القصور القانوني واستمرار الإفلات من العقاب

على الرغم من التقدم التشريعي في بعض الدول العربية، مثل إقرار تونس لقانون القضاء على العنف ضد المرأة عام 2017، إلا أن التنفيذ لا يزال محدودًا، كما أن بعض القوانين القائمة لا توفر حماية كافية للنساء من العنف. ففي مصر والسودان وغزة، لم يتم حتى الآن إصدار قوانين شاملة لمكافحة العنف الأسري. كما لا تزال هناك معوقات قانونية تعرقل محاسبة الجناة، ومنها ضعف آليات تنفيذ القوانين، غياب الحماية الكافية للضحايا، واستمرار الأعراف الاجتماعية التي تعزز ثقافة الإفلات من العقاب.

التزامات الحكومات العربية بموجب القانون الدولي

تؤكد منظمة صحفيات بلا قيود على أن الدول العربية ملزمة بموجب الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، بتوفير الحماية القانونية للنساء وضمان بيئة خالية من العنف والتمييز. كما أن قرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن يلزم الدول باتخاذ إجراءات لضمان حماية النساء في النزاعات المسلحة، وهو ما لم يتحقق في غزة والعراق والسودان.

استنادًا إلى ما سبق، تطالب صحفيات بلا قيود الحكومات العربية والمنظمات الإقليمية والدولية بما يلي:

  1. الإصلاح التشريعي: الإسراع في إقرار وتفعيل قوانين وطنية شاملة تجرّم جميع أشكال العنف ضد المرأة، بما يتماشى مع المعايير الدولية.
  2. ضمان آليات إنفاذ القانون: إنشاء وحدات متخصصة في إنفاذ القانون للتحقيق في قضايا العنف ضد المرأة، وضمان محاسبة الجناة دون استثناء.
  3. توفير الدعم والحماية للضحايا: إنشاء مراكز إيواء وخدمات دعم نفسي وقانوني للناجيات، مع ضمان سهولة الوصول إليها دون قيود اجتماعية أو قانونية.
  4. حماية النساء في مناطق النزاعات: اتخاذ تدابير لحماية النساء في المناطق المتضررة من النزاعات المسلحة، لا سيما في غزة والعراق والسودان، وتوفير ممرات آمنة للناجيات.
  5. تمكين المرأة اقتصاديًا: تعزيز فرص عمل المرأة ودعم استقلالها الاقتصادي، باعتبار ذلك عاملًا رئيسيًا في الحد من تعرضها للعنف الاقتصادي والمجتمعي.
  6. إطلاق حملات توعية مجتمعية: تعزيز الثقافة الحقوقية ونشر الوعي حول مخاطر العنف ضد المرأة من خلال الإعلام والتعليم والمناهج الدراسية.

ختامًا

إن استمرار العنف ضد النساء في الوطن العربي يمثل تهديدًا خطيرًا لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة. وفي اليوم العالمي للمرأة، تؤكد صحفيات بلا قيود على ضرورة تحمّل الحكومات العربية لمسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاه النساء، واتخاذ خطوات جادة وملموسة لضمان بيئة آمنة تحترم كرامة المرأة وحقوقها.

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image