
طرابلس- تدين منظمة صحفيات بلا قيود بأشد العبارات جريمة قتل الشاب الليبي شرف الدين حمدان، الذي قضى أحد عشر عامًا في معتقلات جهاز الردع بمطار معيتيقة دون أي محاكمة عادلة، قبل أن يُقتل بدم بارد عقب تسريب مقاطع مصورة كشفت عن حجم الانتهاكات الجسيمة داخل هذه السجون السرية.
إن هذه الجريمة البشعة تمثل دليلاً إضافيًا على ما أصبح عليه جهاز الردع من تحول خطير: من كيان أمني يفترض أن يحمي المواطنين إلى ميليشيا مسلحة تعمل كـ”دولة فوق الدولة”، تمارس الاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري بعيدًا عن أي رقابة قضائية.
تشير التقارير التي وثقت معاناة الضحية إلى تعرضه لتعذيب ممنهج وتجويع وإهانات متكررة، وهو ما يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما أن تسريبات مصوّرة أظهرت قيادات في الجهاز، من بينهم المدعو محمد بزيزي، وهم يعقدون صفقات لشراء المخدرات، تكشف الطبيعة الإجرامية للشبكة التي تتستر بشعارات دينية لتبرير ممارساتها.
الأخطر من ذلك هو اعتراف آمر الجهاز عبدالرؤوف كاره بوجود سجون سرية غير معلنة، في انتهاك صارخ للقوانين الليبية التي تحظر الاعتقال خارج إطار القضاء، وللالتزامات الدولية التي تجرّم الإخفاء القسري والتعذيب والاحتجاز غير القانوني.
إن استمرار عمل جهاز الردع خارج سلطة القانون لا يشكل فقط تهديدًا للأمن القومي الليبي، بل يقوّض فرص العدالة، ويكرس سلطة الميليشيات على حساب الدولة، ويعرقل أي عملية سياسية حقيقية.
وعليه، تدعو منظمة صحفيات بلا قيود إلى ما يلي:
1. إجراءات عاجلة من قبل المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية لتعليق عمل جهاز الردع وإحالته إلى القضاء.
2. إغلاق كافة السجون السرية والعلنية التابعة للجهاز فورًا، وضمان إطلاق سراح جميع المحتجزين تعسفًا.
3. تحقيق دولي مستقل تحت إشراف الأمم المتحدة لتوثيق الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
4. إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتباره يشمل انتهاكات جسيمة ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
إن صمت المجتمع الدولي على هذه الجرائم يشجع على الإفلات من العقاب ويهدد فرص السلام في ليبيا. إن دماء شرف الدين حمدان ليست حدثًا عابرًا، بل صرخة ضد الظلم، ورسالة إلى الضمير العالمي بأن بناء ليبيا العادلة والمستقرة لن يتم في ظل سجون سرية وميليشيات تتخفى وراء الدين لتمارس القتل والقمع.
صادر عن منظمة صحفيات بلا قيود
26 أغسطس 2025
