تابعت منظمة “صحفيات بلا قيود” ببالغ القلق والاستنكار، الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها. حيث تشير التقارير الميدانية إلى تصعيد مروع لعمليات الاختطاف والإخفاء القسري التي طالت الأكاديميين، النساء، النازحين، والتجار، في انتهاك فاضح للقوانين والمواثيق الدولية.
وفقًا للمعلومات التي تلقتها المنظمة ، قامت مليشيا الحوثي في 19 ديسمبر 2024 باختطاف فاطمة عايش أحمد (45 عامًا) من داخل مخيم “مركوضه” للنازحين في مركز مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة. حيث اقتحمت عناصر مسلحة المخيم واختطفتها، قبل أن تقتادها إلى جهة مجهولة، في جريمة تشكل انتهاكًا صارخًا للمعايير الإنسانية والقوانين الدولية.
منذ مطلع ديسمبر 2024، رصدت منظمة “صحفيات بلا قيود” سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق المدنيين، مما يعكس نمطًا ممنهجًا من الجرائم التي تتعارض مع مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. شملت هذه الانتهاكات عمليات اختطاف وإخفاء قسري لمدنيين من بينهم أكاديميون ونساء ونازحون وتجار. ففي محافظة الحديدة، قامت المليشيا باختطاف التربوي إبراهيم عايش الرزيقي، عضو المجلس المحلي في مديرية الحوك، بتاريخ 17 ديسمبر 2024، وأودعته أحد سجونها دون معرفة الأسباب.
وفي صنعاء، اختطفت مليشيا الحوثي الدكتور باسم محمد زغير قائد العامري، مدير مستشفى “يوني ماكس الدولي”، يوم 19 ديسمبر 2024، من شارع القيادة، واقتادته نحو جهة مجهولة. وفي 9 ديسمبر 2024 ، اختطفت عناصر حوثية مسلحة بقيادة “سعيد حمد مجلي مسفوه”، التابع للقيادي في المليشيا “عبدالله الرزامي”، رجل الأعمال “ماهر عبدالله قائد السدعي” من داخل مكتب المفتش العام بوزارة الداخلية التابعة للمليشيا، واقتادته إلى مكان مجهول. وفقًا لشكوى تقدمت بها أسرة السدعي للنائب العام التابع للحوثيين، اطلعت المنظمة على صورة منها، تم اختطاف السدعي أثناء تقديمه شكوى ضد مدير أمن منطقة حدة، الذي رفض تنفيذ أوامر النيابة بإجبار عصابة على تسليم سيارته المسروقة. وتفيد الشكوى بأن مدير مكتب المفتش العام، المدعو “أبو حسين دومان”، تواصل مع زعيم العصابة، الذي أرسل مسلحين لاختطافه.
وفي محافظة إب، إختطفت المليشيا يوم 15 ديسمبر 2024 المواطن منصور مهيوب أحمد السالمي، في سياق محاولة القيادي في المليشيا أبو احمد العصري السطو على مبنى سكني وقطعة أرض مجاورة له. كما اختطفت المليشيا يوم 6 ديسمبر 2024 الأكاديمي الدكتورعلي نور الدين، أحد أبرز الكفاءات التعليمية، بعد انتقاده لممارساتهم. وفي 10 ديسمبر 2024 قامت مليشيا الحوثي بإختطاف أربعة أشخاص في مديرية المخادر شمال محافظة إب، ونقلتهم إلى سجونها في مركز المديرية، تمهيداً لنقلهم لسجن الامن السياسي وسط مدينة إب. عملية الاختطاف جاءت بمزاعم مواقفهم المساندة للشعب السوري. وبتاريخ 17 ديسمبر 2024، قامت ميليشيا الحوثي باختطاف عدد من التجار والباعة في سوق “مفرق حبيش” بمديرية المخادر شمال محافظة إب، بعد رفضهم دفع جبايات مالية مفروضة عليهم. وفقًا للمعلومات، تعرضوا للاختطاف والاعتداء من قبل عناصر الحوثي، الذين استخدموا القوة وأطلقوا النار في السوق لترهيب التجار.
وفي محافظة تعز، شنت المليشيا بتاريخ 18 ديسمبر 2024 حملة اختطافات واسعة طالت شباناً في قرى مختلفة بمديرية خدير. أما في محافظة عمران، فقد اقدمت مليشيا الحوثي في 4 ديسمبر 2024، على اختطاف التاجر محمد حزام الأشول من داخل محله التجاري في مدينة ريدة، على خلفية خلاف تجاري بينه وأفراد تربطهم علاقات خاصة بقيادات في المليشيا.
هذه الانتهاكات، التي تنوعت بين الاختطاف والإخفاء القسري والاعتداء على الممتلكات، تُظهر نمطًا ممنهجًا من الجرائم التي تهدف إلى قمع الحريات وترهيب المجتمع، والسطو على الممتلكات في انتهاك صارخ للمعايير والقوانين الدولية.
تعد هذه الجرائم انتهاكًا صارخًا للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 7 من نظام روما الأساسي. كما تتضمن الاعتداءات استخدام العنف والترهيب والنهب المنظم للممتلكات الخاصة، وهي أعمال تمثل انتهاكًا للمادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتُعد جرائم حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي. إضافة إلى ذلك، استهدفت المليشيا حرية الرأي والتعبير من خلال اعتقال شخصيات أكاديمية بارزة كالدكتور علي نور الدين، في انتهاك واضح للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما لجأت المليشيا إلى فرض جبايات مالية بالقوة وإطلاق النار لترهيب التجار والباعة، وهو سلوك يرقى إلى الابتزاز والسرقة المنظمة، ما يتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني. علاوة على ذلك، فإن استهداف النساء، كما في حالة اختطاف النازحة فاطمة عايش أحمد، يُشكل انتهاكًا لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). هذه الانتهاكات، التي تتراوح بين جرائم الاختطاف والنهب وانتهاكات الحقوق الأساسية، تُصنف كجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب تستدعي تحقيق العدالة والمساءلة الدولية العاجلة.
تدين منظمة “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات استمرار الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها مليشيا الحوثي ضد المدنيين، مؤكدةً أن اختطاف المدنيين، بما فيهم النساء والنازحين، واستهداف الأكاديميين والتجار، وفرض جبايات قسرية، إنما يعكس استمرارًا للسياسات القمعية التي تنتهجها المليشيا . إن هذه الأفعال تمثل انتهاكًا فاضحًا لجميع المعايير الإنسانية والقوانين الدولية، ما يستدعي تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم وضمان تحقيق العدالة للضحايا.
تدعو “صحفيات بلا قيود” إلى إجراء تحقيقات دولية في كافة حالات الاختطاف والإخفاء القسري، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم التي تندرج ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. كما تطالب بإطلاق سراح كافة المختطفين، وتوفير الحماية للنساء والأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا.
صادر عن منظمة صحفيات بلاقيود
22 ديسمبر/ كانون الأول 2024