
اليمن - قالت منظمة “صحفيات بلا قيود” إن مليشيا الحوثي تمضي في تصعيد خطير لانتهاكاتها الجسيمة بحق المدنيين في مناطق سيطرتها، في تحدٍ سافر لأحكام القانون الدولي الإنساني.
وأشارت المنظمة إلى أن المليشيا نفذت خلال الأيام الماضية حملات اختطاف جماعية طالت العشرات من المواطنين في عدة محافظات، مستغلة تصاعد الهجمات الأمريكية على مواقعها لتوجيه اتهامات ملفقة للمختطفين، أبرزها “التخابر مع جهات أجنبية”.
وأوضحت المنظمة، استناداً إلى معلومات أولية جمعها فريقها الميداني، أن مليشيا الحوثي اختطفت خلال الأيام الماضية نحو 163 مواطناً، في سياق حملات ممنهجة نُفذت في ثلاث محافظات هي: الحديدة، صعده، وصنعاء.
وبيّنت المنظمة أن مليشيا الحوثي أقدمت خلال الأيام الماضية على اختطاف نحو 50 مدنياً في محافظة الحديدة، بزعم تورطهم في أعمال تجسس، وذلك عقب تلقيهم مساعدات إنسانية مقدمة من أحد رجال الأعمال، في سلوك يُظهر توظيف التهم الأمنية كذريعة لاستهداف المدنيين والنشطاء في العمل الإنساني.
وفي محافظة صعدة، اختطفت المليشيا نحو 90 مدنياً، معظمهم من العمال والباعة المتجولين في الأسواق العامة، لا سيما من أبناء محافظات ريمة، تعز، وإب. وقد تم اختطافهم بتهم تتعلق بـ”التخابر مع أمريكا وإسرائيل”. كما أفادت تقارير صحفية أن المليشيا نفذت، صباح الأربعاء، 9 ابريل 2025، حملة مداهمات واسعة في عدد من أحياء مدينة صعدة، بزعم ملاحقة “خلايا استخباراتية”، حيث شملت الحملة تفتيش عشرات المنازل والشقق السكنية والمحال التجارية، إضافة إلى مصادرة وتفتيش الهواتف المحمولة للرجال والنساء وحتى الأطفال، في انتهاك صارخ للخصوصية وحرمة المساكن، وضمن نمط تصعيدي خطير في الانتهاكات.
أما في صنعاء، فقد أقدمت المليشيا على اختطاف نحو 23 مدنياً من شوارع المدينة، بذريعة التخابر. ووفقاً لمصادر ميدانية، تم اختطافهم أثناء استخدامهم لهواتفهم المحمولة في الأماكن العامة، في انتهاك صارخ للحق في الخصوصية والحرية الشخصية، ودون أي إجراءات قانونية تحترم حقوقهم الأساسية.
أكدت منظمة “صحفيات بلا قيود” أن حملات الاختطاف الجماعية التعسفية التي تنفذها مليشيا الحوثي تعد انتهاكاً فاضحاً لحقوق الإنسان، وتتعارض بشكل صارخ مع المواثيق والمعاهدات الدولية التي تضمن حق الأفراد في الحرية والأمان الشخصي. وأوضحت المنظمة أن الاتهامات المتكررة بالتخابر أصبحت أداة ممنهجة تستخدمها المليشيا لقمع المدنيين وتصفية الحسابات مع المعارضين، مما أسهم في خلق مناخ من الخوف والرقابة الذاتية، وتقويض الحريات العامة.
كما اعربت المنظمة عن قلقها البالغ من استهداف الفئات الأشد ضعفاً في المجتمع، مثل العمال، الباعة المتجولين، الفقراء، والمستفيدين من المساعدات الإنسانية، معتبرة أن هذا النهج يعكس سياسة منظمة تهدف إلى إخضاع المجتمع المدني وإسكات أي صوت مستقل أو معارض داخل مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.
وعبرت منظمة “صحفيات بلا قيود” عن مخاوفها الجدية من تعرض المختطفين لممارسات قاسية ومهينة، في ظل سجل مليشيا الحوثي الحافل بانتهاكات جسيمة بحق المحتجزين، شملت التعذيب الممنهج، والإخفاء القسري، والحرمان من الرعاية الطبية والحقوق الأساسية.
وأكدت المنظمة أن هذه المخاوف تستند إلى سوابق موثقة راح ضحيتها مئات المختطفين الذين فارقوا الحياة في ظروف غامضة أو نتيجة التعذيب وسوء المعاملة داخل مراكز الاحتجاز، مشيرةً إلى أن هذه الممارسات تعكس نمطاً ممنهجاً من الانتهاكات، مما يستدعي تدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل لحماية أرواح المدنيين وضمان سلامتهم.
دانت منظمة “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات حملات الاختطاف التعسفية التي تنفذها مليشيا الحوثي، معتبرة إياها انتهاكاً فاضحاً لحقوق الإنسان وخروجاً سافراً عن المواثيق والمعاهدات الدولية، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وأكدت المنظمة أن استخدام الاتهامات بالتخابر كأداة لقمع المدنيين الأبرياء يُعد انتهاكاً صارخاً للحق في الحرية الشخصية، ويشكل جريمة ضد الإنسانية وفقاً للمادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مشددةً على ضرورة المحاسبة الفورية للمسؤولين عن هذه الانتهاكات، واتخاذ إجراءات قانونية عاجلة من قبل المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم وحماية الحقوق الأساسية للأفراد.
طالبت منظمة “صحفيات بلا قيود” بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطفين في الحديدة، صعدة، وصنعاء، وباقي المحافظات وضمان سلامتهم وحمايتهم من التعذيب والمعاملة القاسية.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، إلى فتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات المرتبطة بحملات الاختطاف والتعذيب والإخفاء القسري التي تقوم بها مليشيا الحوثي، واتخاذ خطوات حاسمة لمحاسبة المتورطين في هذه الجرائم.
وشددت المنظمة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لضمان حماية المدنيين في اليمن، ووقف التصعيد الخطير الذي يستهدف الحقوق الأساسية للأفراد، خصوصاً في ظل تدهور الوضع الأمني والإنساني في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.
وأكدت “صحفيات بلا قيود” في ختام بيانها، أن الانتهاكات المستمرة بحق المدنيين في اليمن لا يمكن أن تمر دون محاسبة، مشددة على أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية في الضغط من أجل وقف هذه الانتهاكات وحماية حقوق الإنسان في اليمن، وفقاً للمعايير الدولية.
