قالت منظمة "صحفيات بلا قيود" إنها تدين بشدة اعتقال المحامي بالنقض والمرشح السابق لمنصب نقيب المحامين المصريين، أسامة فتحي الششتاوي، الذي أوقفته قوة يُعتقد أنها تابعة لجهاز الأمن الوطني بالقرب من منزله في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2025،
واقتادته إلى جهة غير معلومة قبل أن يُعرض على نيابة أمن الدولة العليا، التي قررت حبسه 15 يومًا على ذمة القضية رقم 844 لسنة 2025، بتهم وصفتها المنظمة بالفضفاضة، من بينها “الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف القانون” و“نشر أخبار كاذبة”.
وأضافت المنظمة في بيانها الصادر في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 أن هذا الاعتقال جاء بعد يومين فقط من نشر الششتاوي بلاغًا رسميًا أشار فيه إلى أن أشخاصًا مجهولين يراقبونه وأن حياته مهددة، قبل أن يختفي قسريًا في ظروف غامضة، وسط تقارير عن تعرضه للسب والضرب أثناء احتجازه. وأكدت أن ما جرى لا يمكن عزله عن النمط المتصاعد في السنوات الأخيرة من استهداف المحامين والمدافعين عن الحقوق في مصر، عبر استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لتكميم الأصوات المهنية المستقلة وتجريم الأنشطة القانونية المشروعة، بما يقوّض ثقة المواطنين في العدالة وسيادة القانون.
وترى "صحفيات بلا قيود" أن توقيف الششتاوي ومثوله أمام نيابة أمن الدولة العليا يشكل انتهاكًا واضحًا للمادة (54) من الدستور المصري التي تنص على أن الحرية الشخصية حق أصيل لا يُمسّ، وأن أي تقييد لها يجب أن يكون بأمر قضائي مسبب، كما تضمن حق المحتجز في الاتصال بمحاميه فورًا. كما يخالف هذا الإجراء المادة (98) من قانون المحاماة المصري التي تحظر مساءلة المحامي بسبب أقواله أو دفاعه أثناء ممارسة عمله، فضلًا عن مخالفته التزامات مصر الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحظر الاعتقال التعسفي ويكفل الحق في المحاكمة العادلة وحرية الرأي والتعبير. وأشارت المنظمة إلى أن استخدام القوانين الأمنية لتجريم ممارسات مهنية مشروعة يمثل خرقًا لمبدأ الشرعية الجنائية ولمعايير الأمم المتحدة بشأن استقلال مهنة المحاماة، والتي تنص على وجوب حماية المحامين من أي تهديد أو تدخل أو انتقام بسبب أدائهم لمهامهم.
ولفتت المنظمة إلى أن قرار حبس الششتاوي أثار ردود فعل واسعة داخل نقابة المحامين المصرية، حيث أصدر عدد من أعضاء مجلس النقابة ومحامون بارزون بيانات تضامن معه، معتبرين أن ما حدث يشكل تعديًا خطيرًا على المهنة واستقلالها. وقال عضو مجلس النقابة العامة عمرو الخشاب: "تم تقديم بلاغ للنائب العام بشأن الانتهاكات التي تعرض لها الزميل أسامة الششتاوي. نقابة المحامين تمرض ولا تموت، ووحدتنا هي السند. كفى قبضًا وتعديًا وظلمًا، فالمحامون سيظلون رجالًا في وجه الانتهاك". وكتب المحامي الحقوقي محمد رمضان تعليقًا على الواقعة: "أصبحت فئة المحامين أكثر الفئات تعرضًا للاعتقال. كان المحامي صمام الأمان لموكليه، واليوم بات يخشى الدفاع عنهم خشية الزج به في السجن. لقد جعلوا من مهنة المحاماة جريمة".
وأشارت المنظمة إلى أن منظمات حقوقية مصرية ودولية، من بينها منظمة عدالة ولجنة الدفاع عن سجناء الرأي، اعتبرت أن الاتهامات الموجهة إلى الششتاوي واهية وتهدف لإسكات الأصوات المهنية المستقلة وتقويض العمل القانوني الحر، مؤكدة أن ملاحقة المحامين تمثل تهديدًا مباشرًا للعدالة نفسها. فحين يتحول المدافع عن القانون إلى ضحية لانتهاكه، تصبح منظومة العدالة بأكملها على المحك، ويتراجع مفهوم سيادة القانون أمام ممارسات تقوم على الترهيب وتكميم الأصوات.
وطالبت "صحفيات بلا قيود" بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المحامي أسامة فتحي الششتاوي، وفتح تحقيق مستقل وشفاف في ظروف احتجازه وما تعرض له من انتهاكات، وضمان سلامته الجسدية والنفسية والقانونية. كما دعت السلطات المصرية إلى وقف الملاحقات الأمنية بحق المحامين والحقوقيين، وإلى احترام استقلال مهنة المحاماة باعتبارها أحد الأعمدة الأساسية للعدالة وحماية حقوق المواطنين.
وختمت المنظمة بيانها بالتأكيد على أن كرامة المحامي من كرامة العدالة نفسها، وأن استمرار استهداف المدافعين عن القانون يقوّض أي حديث رسمي عن احترام الحقوق والحريات، مشيرة إلى أن حماية المحامين واجب على الدولة، لأنها حماية للحق في الدفاع، وللمجتمع في وجه تغوّل السلطة.

Ar
En
