قالت منظمة صحفيات بلا قيود إن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين المجوَّعِين في قطاع غزة، قرب إحدى نقاط توزيع المساعدات التي تشرف عليها قوات الاحتلال، يكشف عن استراتيجية متعمدة لتصفية الفلسطينيين المدنيين عبر استغلال حاجتهم الماسة للمساعدات المنقذة للحياة.
وأدانت صحفيات بلا قيود، المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الأحد 1 حزيران/يونيو الجاري، حيث فتحت الآليات الإسرائيلية النيران تجاه آلاف المدنيين الذين تجمعوا قرب نقطة توزيع مساعدات وفق الآلية الجديدة المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، ما أسفر عن مقتل 30 مدنيًا في حصيلة أولية، وإصابة العشرات بجروح متفاوتة.
ووجهت قوات الاحتلال، المدنيين الفلسطينيين إلى نقطة استلام مساعدات، ستقوم بها منظمة أمريكية تشرف عليها سلطات الاحتلال، في منطقة تل السلطان جنوبي رفح، وطلب منهم الانتظار لإجراءات التفتيش قبل استلام المساعدات. وبعد تجمع الحشود، استهدفتهم طائرات كوادكوبتر بشكل مباشر، أعقبتها قذائف أطلقتها الدبابات باتجاه المدنيين، فيما قامت عناصر تابعة للشركة الأمريكية بإطلاق قنابل غاز، ما تسبب في تدافع شديد بين المجوعين الباحثين عن مساعدات توقف الموت جوعاً، ليجدوا أنفسهم يفرون من الموت قصفاً، بعد أن التهمت نيران قوات الاحتلال عددا منهم.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم الآلية التي أعلنها لتوزيع المساعدات كـ"مصائد للقتل الجماعي" وأداة لتهجير السكان قسرياً.
وبحسب البيان اليومي الذي اطلعت عليه صحفيات بلا قيود، ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 54,418، بينهم 4,149 منذ استئناف أعمال الإبادة الجماعية في 18 مارس الماضي.
وبحسب التقارير التي اطلعت عليها صحفيات بلا قيود، فقد أطلقت طائرات الاحتلال المسيّرة النار تجاه المدنيين قرب نقطة توزيع مساعدات في محيط محور نتساريم، وهو المحور العسكري الذي أنشأته قوات الاحتلال داخل غزة بعد تدمير ممتلكات السكان فيه، وإعلانه منطقة عازلة تمنع السكان من العودة إليه. وأسفر الهجوم عن مقتل وإصابة نحو 30 فلسطينيًا، بينهم 3 أطفال وفتاة و3 سيدات، بحسب إفادة مستشفى العودة.
وفي حادثة أخرى، قتلت قوات الاحتلال 6 مدنيين، بينهم امرأة، أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات شمال رفح/ يوم الثلاثاء الماضي، في مشهد يعكس انتهاكًا صارخًا للكرامة الإنسانية وتحويل آلية التوزيع إلى أداة لإذلال الفلسطينيين وإبادتهم.
وكانت صحفيات بلا قيود، قد أوضحت أن آليه توزيع المساعدات وفق رؤية الاحتلال، ليس سوى محاولة بائسة، أقرب للتضليل، تهدف إلى تبييض الصورة الدموية للاحتلال وغسل سمعته المشبعة بدماء الأبرياء، في مسعى يائس لامتصاص الضغوط الدولية المتصاعدة.
وأشارت المنظمة، بأن استراتيجية الإبادة باستخدام سياسة التجويع، ظهرت منذ الأيام الأولى للحرب، ورغم قرار محكمة العدل الدولية الذي ألزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإدخال المساعدات ضمن تدابير منع الإبادة الجماعية، إلا أن سلطات الاحتلال لم تستجب، وفي 2 من مارس الماضي أعلن نتنياهو بلغة متمادية عن منع إدخال المساعدات الضرورية لحياة أكثر من مليوني إنسان، في إعلان واضح لاستئناف الإبادة، ونقل الحرب إلى مستوى أشد ضراوة على المدنيين.
وتشمل الممارسات الإسرائيلية في تنفيذ هذه السياسة: منع دخول المواد الغذائية والطبية، قصف مطابخ الطعام، ارتكاب مجازر في طوابير الطحين وانتظار الخبز، والإجراءات التي أدت إلى إغلاق جميع أفران "المطبخ العالمي" التي يعتمد عليها معظم السكان، بالإضافة إلى منع دخول المساعدات الذي تسبب في وفاة عشرات المدنيين جوعًا أو بسبب البرد أو الحرمان من العلاج.
وأوضحت صحفيات بلا قيود، بأن الاستراتيجية الحالية تكشف عن استمرار سياسة التجويع مع محاولة التمويه لامتصاص الغضب الدولي، من خلال حزمة من الممارسات المكشوفة منها: عدم إدخال المساعدات التي تغطي احتياجات السكان الهائلة، علاوة على قصف حراس المساعدات وتشجيع اللصوص على نهبها من أفواه حشود الجوعى، وخلق صراعات بين الجوعى عبر كميات ضئيلة من المساعدات، في مشهد يجمع بين القتل البطيء والقتل المباشر.
وحذرت صحفيات بلا قيود، من استمرار استخدام هذه الآلية المهينة للكرامة الإنسانية، وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والعاجل، لوقف آلية الاحتلال لتوزيع المساعدات في غزة، ذلك بأنها تحولت لوسيلة لتصفية المجوعين.
ودعت صحفيات بلا قيود، بإلزام سلطات الاحتلال بإدخال المساعدات الإنسانية التي تكفي سكان قطاع غزة، وضمان توزيعها وفق آلية أممية بعيداً عن سيطرة قوات الاحتلال.
كما حثت المنظمة، المجتمع الدولي على تنفيذ التزاماته القانونية بوقف الإبادة الجماعية في غزة، وفرض حظر شامل على تصدير الأسلحة إلى سلطات الاحتلال، واتخاذ كافة التدابير لحماية المدنيين الفلسطينيين كما تدعو المنظمة، الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة قادة الاحتلال ومحاسبتهم على جرائمهم، وتنفيذ مذكرات الاعتقال الصادرة بحقهم، وفرض عقوبات سياسية واقتصادية وعسكرية شاملة على سلطات الاحتلال.