اليمن - تتابع منظمة “صحفيات بلا قيود” بقلق بالغ تصاعد واستمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، والتي تستهدف الناشطين والإعلاميين والفنانين،
وكان آخرها ما تعرض له الفنان خليل فرحان من اختطاف تعسفي في محافظة ذمار، في انتهاك صارخ لحقه في الحرية والأمان الشخصي وحرية التعبير الفني، المكفولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ووفقاً للمعلومات التي تلقتها المنظمة، أقدمت عناصر مسلحة تابعة لميليشيا الحوثي، مساء الأحد، 27 أبريل 2025، على اختطاف الفنان الشعبي خليل فرحان في مدينة ذمار، عقب مشاركته في إحياء حفل زفاف قدّم فيه مجموعة من الأغاني والمقطوعات الوطنية. وقد تم اقتياده إلى جهة مجهولة دون أي مسوغ قانوني، فيما تعرض عدد من أقاربه وأصدقائه لاحقاً إلى التهديد والتضليل أثناء محاولاتهم الاستفسار عن مكان احتجازه.
و يُعد الفنان خليل فرحان من أبرز الأصوات الفنية المحلية التي كان لها حضور لافت ومؤثر في المناسبات الاجتماعية، حيث عُرف بتقديمه أغانٍ ومقطوعات ذات طابع وطني وجمهوري في حفلات الأعراس والفعاليات العامة، وحرصه الدائم على افتتاح عروضه بأعمال تعبر عن الانتماء الوطني والهوية الجمهورية. ويرجح أن هذا التوجه الفني الملتزم كان السبب الرئيسي وراء اختطافه من قبل مليشيا الحوثي، في سياق سياسة القمع الممنهجة التي تنتهجها المليشيا ضد حرية التعبير الفني والثقافي، وسعيها المستمر لتكميم الأصوات التي لا تتماشى مع توجهاتها الأيديولوجية.
وفي سياق التصعيد المتواصل للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين، تشير المنظمة إلى أن المليشيا نفذت خلال الأسابيع الماضية، حملات اختطاف واسعة في محافظات صنعاء، الحديدة، صعدة، المحويت، وذمار، استهدفت مئات المواطنين بتهم ملفقة مثل التخابر، أو تحديد المواقع للغارات الجوية الأمريكية. وقد جرى اقتياد هؤلاء الأشخاص إلى أماكن احتجاز غير معلومة، في مشهد يعكس تصعيداً ممنهجاً يستهدف الحريات الأساسية ويقوض الحقوق المكفولة للمواطنين بموجب القانون الوطني والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
و كانت منظمة “صحفيات بلا قيود” قد كشفت في بيان سابق عن قيام مليشيا الحوثي باختطاف نحو 163 شخصاً من محافظات صنعاء، الحديدة، وصعدة، خلال الأيام العشرة الأولى من شهر أبريل المنصرم. ووفقاً لتقارير الرصد الميداني التي يجريها فريق المنظمة، تصاعدت هذه الحملات لاحقاً لتشمل مناطق إضافية، ما رفع عدد المختطفين إلى المئات. كما رافقت تلك العمليات مداهمات واقتحامات لمنازل المواطنين، في انتهاك فاضح لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يكفلها القانون.
تشدد منظمة “صحفيات بلا قيود” على أن اختطاف الفنان خليل فرحان يمثل انتهاكاً صارخاً لجملة من المعايير والمواثيق الدولية، في مقدمتها المادة (9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة (9/1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى المادة (19) من العهد ذاته التي تضمن الحق في حرية الرأي والتعبير، بما يشمل التعبير الفني. كما أن إخفاء مصيره وعدم الكشف عن مكان احتجازه يعد انتهاكاً للمادة (2) من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وترقى هذه الممارسة، التي تنفذ بشكل ممنهج، إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية بموجب المادة (5) من الاتفاقية نفسها.
وفي السياق ذاته، تؤكد المنظمة أن حملات الاختطاف الواسعة التي طالت مئات المدنيين خلال الأسابيع الأخيرة تمثل نمطاً متعمداً من الانتهاكات الجسيمة، تستدعي تحقيقاً دولياً مستقلاً ومحاسبة عاجلة لكل المتورطين، باعتبارها جرائم ممنهجة ضد حقوق الإنسان لا يجوز التساهل معها أو السماح بإفلات مرتكبيها من العقاب.
تدين منظمة “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات جريمة اختطاف الفنان خليل فرحان، وتعدها اعتداءً سافراً على حرية الفن والتعبير، وجزءاً من نمط قمعي متصاعد تنتهجه ميليشيا الحوثي لقمع الأصوات الحرة وتكميم الأفواه.
وترى المنظمة أن هذه الجريمة تأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات المنهجية التي طالت مئات المدنيين، بينهم فنانون، إعلاميون، وناشطون، عبر حملات اختطاف ومداهمات واقتحامات تمثل خرقاً جسيماً لحقوق الإنسان المكفولة بموجب القانون الوطني والمواثيق الدولية.
وتحمل “صحفيات بلا قيود” مليشيا الحوثي كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن هذه الانتهاكات، وتؤكد أن ممارساتها ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية تتطلب محاسبة عاجلة، وعدم السماح بالإفلات من العقاب.
تطالب منظمة “صحفيات بلا قيود” بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الفنان خليل فرحان، ووقف كافة أشكال القمع الثقافي والملاحقات التي تستهدف الفنانين والمبدعين. كما تدعو إلى إنهاء حملات الاختطاف والانتهاكات المنظمة التي تطال المدنيين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، وضمان احترام الحق في التعبير والرأي والمشاركة الثقافية.
تناشد المنظمة المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والمبعوث الأممي إلى اليمن، باتخاذ خطوات عاجلة وفعالة للضغط على مليشيا الحوثي من أجل وقف هذه الانتهاكات، والامتثال الكامل للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. كما تشدد على ضرورة فتح تحقيق دولي شفاف ومستقل في كافة الجرائم المرتكبة، ومحاسبة المسؤولين عنها، باعتبار ذلك خطوة جوهرية نحو تحقيق العدالة، ومنع الإفلات من العقاب، وحماية الحريات الأساسية في اليمن.
تؤكد “صحفيات بلاقيود”، تضامنها الكامل مع جميع الفنانين والمبدعين اليمنيين، وتجدد التزامها بمناصرة حقوقهم، والدفاع عن حرية الكلمة والتعبير في مواجهة القمع والاستبداد، ودعم كل الأصوات الحرة التي تقف في وجه سياسات التكميم والقهر.