اليمن - أعربت منظمة “صحفيات بلا قيود” عن قلقها البالغ إزاء التقارير الواردة بشأن تدهور الحالة الصحية للفنانة والمعتقلة انتصار الحمادي، التي لا تزال تقبع في سجون مليشيا الحوثي منذ 20 فبراير 2021، في ظروف احتجاز تعسفي، اعتبرتها المنظمة مخالفةً صارخة للقوانين الوطنية والمعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
وأفادت المنظمة، استناداً إلى معلومات موثوقة تلقتها، بأن الحمادي تعرضت لتدهور صحي خطير خلال الفترة الماضية نتيجة الإهمال الطبي المتعمد داخل السجن، حيث ظهرت عليها أعراض مرضية حادة، من بينها ورم في الغدة الدرقية، عقب خضوعها لعملية جراحية لم تُستكمل متابعتها الطبية كما تقتضي البروتوكولات العلاجية.
وكشفت مذكرة رسمية صادرة عن مستشفى الشرطة العام التابع للحوثيين – اطلعت عليها المنظمة – أن الحمادي خضعت في ديسمبر 2023 لعملية إزالة ورم دهني من منطقة الإبط الأيسر، مع توصية بمتابعة يومية وفتح الخيوط الجراحية بعد عشرة أيام، إلا أن تلك التوصيات لم تُنفذ، ولم تُعد إلى المستشفى منذ العملية، ما أدى إلى تدهور حالتها الصحية في بيئة احتجاز قاسية وغير إنسانية.
وأوضحت “صحفيات بلا قيود” أن استمرار احتجاز الحمادي لأكثر من أربع سنوات، في ظل ما تعرضت له من إخفاء قسري وتعذيب نفسي وإهمال طبي، ومنعها من الحصول على محاكمة عادلة أو رعاية صحية مناسبة، يشكل جريمة قانونية وأخلاقية مكتملة الأركان.
وأكدت المنظمة أن الحكم الصادر بحق الحمادي هو حكم تعسفي، صدر عن محكمة لا تتوافر فيها أدنى معايير العدالة، في ظل غياب الضمانات القانونية، وحرمانها من حق الدفاع والتمثيل القانوني. وأضافت أن استمرار احتجازها رغم قضائها أكثر من ثلاثة أرباع مدة الحكم ومع تدهور حالتها الصحية، يرقى إلى عقوبة انتقامية وانتهاك صريح للحق في الحياة والرعاية الصحية، ويمثل خرقاً للاتفاقيات الدولية، منها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب.
وسلطت المنظمة الضوء على أن حالة الحمادي تكشف عن الأوضاع المأساوية التي تعيشها النساء المعتقلات في سجون الحوثيين، حيث يتعرضن لانتهاكات جسيمة تشمل التعذيب النفسي والجسدي، الإهمال الطبي، الحرمان من الزيارات والرعاية، واستخدام السجون كأدوات للقمع السياسي والانتهاك الأخلاقي بحق النساء. وأشارت إلى أن شهادات عديدة تؤكد احتجاز الكثير من النساء دون محاكمة أو توجيه تهم واضحة، وإجبارهن على الاعتراف بتهم ملفقة تحت الضغط والتهديد، في انتهاكات ممنهجة تستوجب المساءلة.
وبيّنت المنظمة أن الإهمال الطبي الذي تتعرض له الحمادي يمثل انتهاكاً للمادة (10) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تؤكد ضرورة معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم بكرامة، وكذلك المادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تكفل الحق في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة. كما يخالف هذا الإهمال قواعد نيلسون مانديلا النموذجية لمعاملة السجناء، ويُعد شكلاً من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية، المحظورة بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.
دانت “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات استمرار مليشيا الحوثي في ممارسة الانتهاكات الممنهجة ضد النساء، بما في ذلك احتجاز انتصار الحمادي تعسفياً، وحرمانها من الرعاية الطبية، واستخدام السجون كأداة للابتزاز والقمع. كما استنكرت المنظمة الصمت الدولي إزاء هذه الانتهاكات، مشددة على أن العدالة لا تتحقق إلا بكشف الحقيقة، ومحاسبة المسؤولين، وإنصاف الضحايا، وفي مقدمتهم انتصار الحمادي.
وطالبت المنظمة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن انتصار الحمادي، وتمكينها من تلقي الرعاية الطبية العاجلة، محمّلة مليشيا الحوثي المسؤولية الكاملة عن أي أذى نفسي أو جسدي تعرضت له خلال فترة احتجازها. كما دعت المجتمع الدولي، والآليات الأممية، والمنظمات الحقوقية إلى ممارسة أقصى درجات الضغط من أجل ضمان إطلاق سراح الحمادي وكافة المعتقلين والمعتقلات تعسفياً في سجون الحوثيين.
وفي ختام بيانها، أكدت “صحفيات بلا قيود” أن استمرار تعنت الحوثيين في احتجاز انتصار الحمادي وحرمانها من حقها في العلاج والرعاية، يُعد جزءاً من سياسة قمع ممنهجة ضد النساء في اليمن، تنتهك أبسط حقوقهن الإنسانية. ودعت المنظمة إلى تحرك دولي عاجل لضمان احترام حقوق الإنسان، ووضع حد للانتهاكات المستمرة التي تطال المعتقلات في سجون الجماعة المسلحة.