تابعت منظمة "صحفيات بلا قيود" بقلق بالغ الإجراءات التعسفية التي تعرضت لها القاضية "رواء عبد الله مجاهد"، القائمة بأعمال رئيس نادي القضاة اليمنيين، من قبل المجلس الأعلى للقضاء، والتي تمثلت بوقف راتبها منذ 5 نوفمبر 2024.
وترى المنظمة أن هذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة مضايقات ممنهجة تهدف إلى إسكات الأصوات الشجاعة التي تطالب بإصلاح النظام القضائي وكشف الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، بما في ذلك السلطة القضائية، مما يعد انتهاكًا لحقوق القضاة واستقلاليتهم
وفقاً لما أفادت به المنظمة استناداً إلى معلومات وردت من مصدر خاص – تتحفظ المنظمة على ذكر اسمه – فإن قرار إيقاف مرتبات القاضية رواء عبدالله مجاهد للأشهر الماضية جاء نتيجة تقارير مغلوطة صادرة عن هيئة التفتيش القضائي. وأوضح المصدر أن القاضية رواء تمارس دورها النقابي كقائمة بأعمال رئيس نادي قضاة اليمن وفقاً للوائح المنظمة، وأن تفريغها من مهامها القضائية يُعد إجراءً قانونياً مشروعاً.رغم ذلك، تعرضت القاضية لممارسات عقابية تمثلت في إيقاف راتبها، وهو إجراء يتعارض مع القوانين التي تحظر المساس برواتب القضاة. إضافة إلى ذلك، أشارت المصادر إلى تعطيل ترقياتها وحرمان نادي قضاة اليمن من مخصصاته المالية، وهو ما يُعد انتهاكاً للحقوق النقابية والمهنية المنصوص عليها في القوانين النافذة.
مجلس القضاء الأعلى وفق مصادر صحفية برر قرار إيقاف راتب القاضية رواء عبدالله مجاهد بامتناعها عن مباشرة العمل في محكمة الشيخ عثمان بعد صدور قرار نقلها للعمل فيها قبل أكثر من عام. وأشار البيان إلى أن القاضية لم تلتزم بالدوام الرسمي منذ صدور القرار ، في المقابل، أوضحت مصادر قضائية مقربة من القاضية أن القرار الأصلي صدر في 22 أكتوبر 2022 باسم خاطئ، حيث كان مسجلاً باسم "رواي أحمد مجاهد"، ما دفع القاضية إلى مراجعة المجلس حينها للاستفسار عما إذا كانت المعنية بالقرار، ولطلب نسخة منه، إلا أن المجلس أفاد بأن القرار غير موجود. ونتيجة لذلك، واصلت القاضية عملها في نادي قضاة اليمن استناداً إلى وضعها الوظيفي المثبت في بطاقتها القضائية، رغم غياب أي تواصل رسمي معها على مدى العامين الماضيين بشأن القرار، تفاجأت القاضية لاحقاً بتصحيح اسمها في القرار القديم وإيقاف راتبها بحجة عدم الدوام. يُذكر أن القاضية استمرت خلال الفترة الماضية بممارسة دورها النقابي وكتابة مقالات عن الوضع القضائي، كان آخرها في 21 نوفمبر.
في مقال رصدته المنظمة للقاضية رواء عبد الله مجاهد، بعنوان “القضاء كما لا يجب أن يكون (4/4)”، سلطت الضوء فيه على ممارسات الفساد والانتهاكات التي تشهدها السلطة القضائية في اليمن، شمالًا وجنوبًا. كما تناولت التدهور الحاد في استقلالية القضاء، وتبديد الموارد المالية، وتوظيف القضاء كأداة لخدمة أجندات سياسية”.
يعكس الوضع القضائي في اليمن، شمالاً وجنوباً، حالة من التدهور الكبير نتيجة الحرب والهيمنة السياسية على مؤسساته. في جنوب اليمن، فرض المجلس الانتقالي سيطرته على النظام القضائي من خلال تعيين قضاة موالين له وتهميش القضاة المستقلين، مما أثر بشكل سلبي على استقلالية القضاء وقدرته على تقديم العدالة بشكل عادل وشفاف. يعاني القضاة في هذه المناطق من غياب الدعم المؤسسي وتعرضهم للتهميش والضغط، وهو ما يعكس مستوى الفساد الإداري والمالي في قطاع القضاء. هذه الظروف تهدد نزاهة النظام القضائي وتؤثر على حقوق المواطنين في الوصول إلى العدالة.في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، يعاني القضاء من تسييس مماثل، حيث يتم اختيار القضاة بناءً على ولائهم الأيديولوجي. وقد أدى ذلك إلى تحويل القضاء إلى أداة لخدمة أجندات المليشيا السياسية، وتبرير السياسات التعسفية، والتعدي على حقوق المواطنين. يُضاف إلى ذلك انتهاك حقوق القضاة واستغلالهم بما يخدم المصالح السياسية ، في كلا الجانبين، أدى هذا التسييس والانتهاكات إلى إضعاف دور القضاء ومؤسساته، وتعميق مشكلة الفساد وتغييب العدالة، مما يجعل من الصعب على المواطنين الحصول على حقوقهم من خلال النظام القضائي.
تدين منظمة صحفيات بلاقيود الإنتهاكات التعسفية بحق القاضية “رواء مجاهد” ، مؤكدةً، ان قرار وقف راتبها ، وحرمانها من حقوقها القانونية هو انتهاك صارخ لحقوقها المهنية والإنسانية، ومحاولة بائسة للضغط عليها للتراجع عن مواقفها.
تطالب “صحفيات بلاقيود” بإعادة صرف راتب القاضية رواء عبد الله مجاهد فورًا، وضمان حقوقها الوظيفية والقانونية، وإنهاء كل أشكال المضايقات التي تتعرض لها، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. كما تؤكد المنظمة على ضرورة احترام استقلال القضاء وعدم استخدام السلطة القضائية كوسيلة للابتزاز السياسي أو العقاب.
وتطالب أيضًا بتنفيذ إصلاحات جذرية في النظام القضائي اليمني لضمان عودة العدالة والنزاهة إلى المؤسسات القضائية، بما يشمل تحسين أوضاع القضاة، ضمان استقلاليتهم، وضمان توفير الدعم والرعاية اللازمة لهم، إضافة إلى إلغاء أي ممارسات تسيء إلى سمعة السلطة القضائية وتعيق تحقيق العدالة لجميع المواطنين.