الأخبار

فلسطين.. المذبحة الأكثر وحشية على الصحفيين في التاريخ الحديث

فلسطين.. المذبحة الأكثر وحشية على الصحفيين في التاريخ الحديث
بدعوة من الاتحاد الدولي للصحفيين ونقابات الصحفيين حول العالم، فإن يوم 26 فبراير/شباط هو اليوم العالمي للتضامن مع الصحفيين الفلسطينيين. في وقت يواجهون نهجاً للقتل، يعتبر أكثر الحروب الدموية على الصحفيين في التاريخ الحديث، حيث قُتل أكثر من 125 صحفياً منذ 07 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في قطاع غزة، بفعل آلة التدمير الوحشية للاحتلال الإسرائيلي.
رغم تحديات القتل والإصابة والاعتقال والمضايقات؛ يواصل الصحفيون والصحفيات الفلسطينيين عملهم لنقل الحقيقة للعالم، حقائق جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحق السكان المدنيين، وانتهاكات سلطات الاحتلال والمستوطنين في البلدات الفلسطينية المُحتلة.
توكل كرمان رئيسة منظمة "صحفيات بلاقيود" الحائزة على جائزة نوبل قالت: "قوات الاحتلال تشن حربا شاملة ضد الصحفيين الفلسطينيين، وتنفذ منهجية واضحة المعالم لقتل الحقيقة واغتيال الصحافة في العالم".
وأضافت كرمان: "يُعد عمل الصحفيين الفلسطينيين هامًا للغاية، حيث يُساهم في نقل الحقيقة للعالم وكشف الانتهاكات التي تُمارس ضد شعبهم، إنه يوم حزين مصبوغ بدم هؤلاء الأبطال الذين قدموا أرواحهم فداء للحقيقة، وتذكيرٌ بما يعانيه الصحفيون حول العالم من تحديات لنقل الحقائق.
 
أكبر مقتلة صحفيين في التاريخ
 
يواجه الصحفيون في قطاع غزة مخاطر كبيرة أثناء تغطية الهجوم البري الإسرائيلي وتكثيف الغارات الجوية الأكثر فتكاً، وقطع التيار الكهرباء، وانقطاع الاتصالات، والتنقل، والاحتياجات الإنسانية الأخرى مع منع دخول الإمدادات الإنسانية.
منذ أكتوبر/تشرين الأول وحتى 19 فبراير/شباط أحصى قسم الرصد في وحدة الحقوق والحريات في "صحفيات بلاقيود" مقتل أكثر من 125 صحفياً بينهم 7 صحفيات فلسطينيات، بعضهم تعرضوا للقتل مع عائلاتهم بالكامل، فيما تم تدمير أكثر من 75 مؤسسة ومكاتب صحافية وإذاعية وتلفزيونية، إضافة إلى عشرات الانتهاكات الأخرى، منها الإصابة والمنع من العمل.
الصحفيون وعائلاتهم في مناطق النزاع أو الحرب محميون بموجب القانون الدولي، واستهدافهم أثناء النزاع يعتبر جريمة حرب-حسب المادة 79 من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف، التي تعرف الصحفيين الذين يقومون "بمهمات مهنية خطيرة" بأنهم مدنيون؛ وعلى الرغم من أن إسرائيل ليست طرفاً في البروتوكول الأول، إلا أن فلسطين ولبنان طرفان، ويعتبر انتهاكًا واضحًا لنص قرار مجلس الأمن رقم "2222" والذي يؤكد على ضرورة حماية مهنيي الصحافة والأفراد المرتبطين بهم باعتبارهم مدنيين، وتنظر محكمة العدل الدولية في احتمال جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة في وقت يستمر الجيش الإسرائيلي في رفض تقديم ضمانات لسلامة الصحفيين الذين يعملون داخل القطاع.
إن عدم التزام إسرائيل بالقوانين الدولية خلال الحرب والسلم بما في ذلك ضمان وتجنب استهداف الصحفيين والصحفيات في قطاع غزة، خطر على النظام العالمي القائم على القواعد، باعتبارها حليفاً للغرب وتقدم نفسها بالدولة الديمقراطية المتقدمة في المنطقة!
 
في الأراضي المحتلة
 
وحتى في خارج القطاع يرفض "الاحتلال الإسرائيلي" تقديم أي ضمانات لحماية وسلامة الصحفيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذين يتعرضون للقتل والاعتقال بشكل متكرر ويُتعرضون للتعذيب والتنكيل. كما يتعرضون للاعتداءات الجسدية من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي، ومن المستوطنين بشكل متكرر، وتمنع سلطات الاحتلال الصحفيين من تغطية الأحداث في الأراضي المحتلة، وتصادر بشكل دائم معدات الصحفيين الفلسطينيين دون إعادتها.
 
لا يواجه الصحفيون الفلسطينيون انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وحدة، بل حتى السلطة الفلسطينية ترتكب العديد من الانتهاكات، حيث تعتقل الصحفيين الذين ينتقدونها، كما تمارس ضغوطا على وسائل الإعلام والصحفيين لمنع انتقادها في وسائل الإعلام! وهي انتهاكات لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال مع انتهاكات الاحتلال، لكن حتى مع السلطة التي يفترض بها حمايتهم والوقوف في صفهم تمارَس انتهاكات مماثلة.
 
أمرٌ مروع
 
وقالت توكل كرمان: "ما يحدث للصحفيين الفلسطينيين أمرٌ مروع ومفزع لمجتمع الصحافة في المنطقة والعالم".
وأضافت: "بهذه الجرائم يرتقي الاحتلال الإسرائيلي كأخطر أعداء الصحافة طوال التاريخ الحديث، إنها مذبحة غير مسبوقة ولا يمكن أن يتنصل العالم من محاسبة مرتكبيها".
في اليوم العالمي للتضامن مع الصحفيين الفلسطينيين، لا ننسى أن نرفع قبعات الإجلال والإكبار والإعظام للصحفيات الفلسطينيات، اللواتي يعانين في وضع سيء للغاية، بين عملهن الصحفي، ومواجهة اللجوء، باعتبارهن أمهات وأخوات في ظل اللجوء بقطاع غزة، حيث يعشن وضعاً مأساوياً بحثاً عن الطعام لأطفالهن الجوعى، والعيش في الخيام، وانعدام الأدوية والمستلزمات النسائية، إنهن رمز خالد للصحفيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول العالم الحر.
 
تدعو منظمة صحفيات بلا قيود إلى المجتمع الدولي:
أولاً، يجب على العالم التحرك العاجل لتوفير الحماية للصحفيين والصحفيات المتبقين في الأراضي الفلسطينية وفي قطاع غزة على وجهة خاص.
ثانياً، يجب ألا يفلت الاحتلال الإسرائيلي -منظومة وقادة عسكريين وسياسيين- من العقاب، فهم من وجهوا باستخدام القوة المميتة ضد الصحفيين والصحفيات والمؤسسات الصحفية والإعلامية في غزة.
ويجب أن يتم ذلك دون تأخير؛ إن التأخير في محاسبة إسرائيل والقادة الإسرائيليين عن جرائم القتل الممنهجة يعود لإفلاتهم طوال سنوات من العقاب.
ثالثاً، دعم صمود الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث يفتقر زميلاتنا وزملاؤنا في القطاع إلى كل شيء من أساسيات الحياة من الطعام والماء والملابس والبطانيات والخيام، وندرة هذه الأساسيات في منطقة تعاني حصاراً خانقاً يمنع وصول المستلزمات لهم يجعلها مرتفعة الأسعار لدرجة لم يعد بإمكان الصحفيات والصحفيين تحمل تكاليفها؛ إن الوقوف معهم واجب إنساني وشرط لاستمرار التغطية وتزويدنا بالحقائق.
رابعاً، على شركاء "إسرائيل" مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والدول التي تعتبر النظام العالمي القائم على القواعد قائم في سياستها، وحرية الصحافة جزء من نهجها، أن تضغط على الحكومة الإسرائيلية بوقف المذبحة غير المسبوقة بحق الصحفيين، والالتزام بحمايتهم.
 
صحفيات بلاقيود
26 شباط / فبراير 2024.

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image