عدن - قالت منظمة "صحفيات بلا قيود"، الخميس (19 ديسمبر/كانون الأول 2024)، إن على مجلس القضاء الأعلى مراجعة وإلغاء القرار رقم (97) لسنة 2024، كونه يتعارض مع مبدأ أصيل من مبادئ الحياة المدنية، وهو حرية التعبير، التي تعد قيمة إنسانية جوهرية.
وأكدت المنظمة أنه لا ينبغي التوسع في فرض القيود تحت مبررات مثل أخلاقية العمل أو تجويده، حيث إن هذا القرار يقوض حق القضاة في التعبير ويؤثر سلبًا على استقلالهم، وهو ما يتنافى مع المعايير الدولية لضمان استقلال القضاء وكرامة القضاة.
وأكدت المنظمة أن القرار يعد تراجعًا خطيرًا عن المكتسبات الوطنية والدولية التي كرست حرية التعبير واستقلال القضاء، مما يضعف سمعة اليمن أمام المجتمع الدولي ويثير الشكوك حول التزامها بحقوق الإنسان. في مجمل الأمر، يمثل القرار مساسًا بجوهر العدالة وخطوة استبدادية تتناقض مع المبادئ الدستورية والقانونية، وتعرض النظام القضائي لمزيد من الانهيار والضغط السياسي. وشددت "صحفيات بلا قيود" على أن هذا التوجه غير المسبوق يشكل وصمة في جبين القضاء، ومساسًا بجوهر العدالة، ولا يمكن القبول به أو السكوت عنه.
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى "محسن يحيى طالب ابوبكر" قد اصدر يوم الاحد ، 15 ديسمبر 2024 ، قراراً ، يحظر على منتسبي السلطة القضائية النشر أو التعليق على المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي في الشأن العام والأحداث السياسية والاجتماعية. و في بلاغ لرئيس هيئة التفتيش القضائي يوم الاثنين ، 16 ديسمبر 2024، قال أمين عام مجلس القضاء الأعلى علي طعبوش عوض: " مرفق لكم طي خطابنا هذا صورة من قرار رئيس مجلس القضاء الأعلى رقم (97) لسنة 2024م ، بشأن نشر ومشاركة أعضاء السلطة القضائية بالمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي ، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة".
وقالت "صحفيات بلا قيود" إن القرار ينتهك مواد الدستور اليمني ، فضلاً عن كونه انتهاكًا لحقوق القضاة المكفولة عالميًا، حيث تؤكد المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية (1985) ومبادئ بنغلور للسلوك القضائي (2002) على حق القضاة في حرية التعبير والمشاركة المجتمعية، مع مراعاة واجباتهم القضائية. كما تنص المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص، بما في ذلك القضاة، الحق في التعبير بحرية، ولا يجوز تقييد هذا الحق. علاوة على ذلك، يشدد إعلان الأمم المتحدة بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان (1998) ، على أن أي قيود تُفرض على القضاة يجب ألا تتعارض مع حقوقهم الأساسية، بما في ذلك التعبير عن الرأي. وعليه، فإن القرار يُعد مخالفًا لهذه المعايير الدولية، التي تضمن التوازن بين حقوق القضاة واستقلالية القضاء، دون تكميم للأفواه أو انتهاك للحقوق الدستورية والقانونية.
قالت "صحفيات بلا قيود" إن القرار رقم (97) لسنة 2024 يمثل انتهاكًا خطيرًا لحقوق القضاة المكفولة دستوريًا ودوليًا، وتجسيدًا لمحاولة صارخة لتكميم الأفواه وتحويل القضاء إلى أداة تابعة بعيدًا عن استقلاله المفترض. وأكدت المنظمة أن القرار يهدف إلى منع القضاة من التعبير عن آرائهم بشأن القضايا العامة، بما في ذلك الفساد المستشري والاختلالات الهيكلية داخل السلطة القضائية، مما يعمق أزمة الثقة بين القضاء والمجتمع ويهدد استقلاليته. كما يعكس هذا القرار نزعة استبدادية تهدد أسس القضاء المستقل والنزيه، وتفتح الباب أمام فساد أعمق وهيمنة على السلطة القضائية، في وقت يتنصل فيه مجلس القضاء من مسؤولياته تجاه تحسين أوضاع القضاة المعيشية، وتأمينهم طبيًا، وضمان ترقياتهم، ومعالجة الاختلالات البنيوية في النظام القضائي.
في تعليقه على القرار ، أدان نادي قضاة اليمن ـ هيئة نقابية- في بيانه القرار رقم (97) لسنة 2024م الصادر عن مجلس القضاء الأعلى، معتبرًا أنه يمس حرية القضاة في الرأي والتعبير بشكل تعسفي وينتهك المادة (42) من الدستور اليمني، التي تكفل حرية الفكر والرأي. وأكد أن القرار يمثل تراجعًا خطيرًا عن الالتزامات الوطنية والدولية، مثل مبادئ بنغلور للسلوك القضائي، ويهدف إلى تكميم الأفواه للتنصل من مسؤوليات تحسين أوضاع القضاة المعيشية والصحية ومعالجة اختلالات القضاء. واعتبر النادي القرار انعكاسًا لإدارة مركزية استبدادية تسعى إلى فرض قيود غير مبررة على القضاة، مما يهدد استقلال القضاء ويفتح المجال للفساد. ودعا البيان القضاة إلى التمسك بحقوقهم الدستورية، وطالب القيادة السياسية بإلغاء القرار ومواجهة الفساد، كما حث المنظمات المحلية والدولية على التدخل لحماية استقلال القضاء وحقوق القضاة، مؤكدًا أن القضاة سيظلون أحرارًا لا سلطان عليهم إلا القانون.
ترى منظمة "صحفيات بلاقيود" أن قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (97) لسنة 2024 جاء على خلفية مواقف القاضية رواء عبدالله مجاهد الصريحة وانتقادها للاختلالات داخل النظام القضائي، وما نتج عن ذلك من تضييق وتهديدات تعرضت لها من قبل المجلس. كما شكلت حالة التضامن الواسعة معها، إضافة إلى الانتقادات التي وجهتها للفساد داخل القضاء، مصدر قلق كبير لدى القائمين على السلطة القضائية. هذا القلق تجسد في إصدار القرار الذي يفرض قيودًا شديدة على حرية التعبير للقضاة، ويحظر عليهم المشاركة في النقاشات المتعلقة بالشأن العام أو القضايا السياسية والاجتماعية، مما يعكس توجهًا استبداديًا يهدف إلى إسكات أي أصوات نقدية أو إصلاحية داخل النظام القضائي.
التوصيات:
تدعو “صحفيات بلاقيود”:
- السلطات الرسمية في اليمن الى :
- إلغاء قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (97) لسنة 2024 ، لكونه يتعارض مع حقوق القضاة في التعبير عن آرائهم بحرية ويمثل انتهاكًا للمبادئ الدستورية والدولية.
- مراجعة القوانين التي تفرض قيودًا على حرية القضاة في التعبير والنقد بما يتوافق مع المعايير الدولية لاستقلال القضاء.
- حماية القضاء من التدخلات السياسية وضمان أداء القضاة لمهامهم بحرية واستقلال.
- محاسبة المسؤولين عن أي تهديدات أو ضغوطات على القضاة وفتح تحقيقات مستقلة في هذه الحالات.
- تحسين الظروف المعيشية والمهنية للقضاة، بما في ذلك التأمين الصحي والترقيات، لضمان أداء مهامهم بكفاءة وحيادية.
- ضمان حق القضاة في التعبير بحرية وفق ابمبادئ الدستورية والدولية.
- دعم ثقافة الحوار المفتوح بين القضاة والجهات المعنية لإصلاح النظام القضائي.
- تعزيز التعاون مع المنظمات المحلية والدولية لضمان استقلال القضاء وحماية حقوق القضاة.
- المجتمع الدولي إلى:
- الضغط على السلطات اليمنية لإلغاء القرار.
- تقديم الدعم الفني والمالي للهيئات القضائية لتعزيز استقلال القضاء.
- مراقبة الانتهاكات التي يتعرض لها القضاة وتوفير آليات حماية لهم.
- تكثيف الدعم للمنظمات التي تدافع عن حقوق القضاة واستقلالهم.
ختامًا، تؤكد "صحفيات بلا قيود" على ضرورة تكاتف الجهود المحلية والدولية لضمان استقلال القضاء وحماية حقوق القضاة في اليمن. إن معالجة الانتهاكات التي تهدد العدالة تتطلب اتخاذ خطوات حاسمة من قبل السلطات اليمنية والمجتمع الدولي، فضلاً عن دعم القضاة في الحفاظ على نزاهتهم وممارسة مهامهم في بيئة قضائية خالية من التدخلات السياسية.
صادر عن منظمة صحفيات بلاقيود
19 ديسمبر / كانون الاول 2024