مازال الاحتلال الإسرائيلي يرفض منح المصور الصحفي فادي الوحيدي، الموافقة على السفر خارج قطاع غزة من أجل العلاج.
في التاسع من أكتوبر، أصيب مصور قناة الجزيرة، فادي الوحيدي، بطلق ناري في رقبته أثناء تغطيته للأحداث في مخيم جباليا شمال قطاع غزة. خلال عمل الفريق الصحفي لقناة الجزيرة في المنطقة، استهدفت طائرة مسيرة تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي موقعهم، ما أسفر عن إصابة الوحيدي البالغ من العمر 24 عامًا. الحادثة أدت إلى دخوله في غيبوبة تامة.
رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي السماح للمصور الصحفي فادي الوحيدي، بالسفر لتلقي العلاج خارج القطاع، رغم تدهور حالته الصحية ودخوله في غيبوبة منذ إصابته في أكتوبر 2023.
اعتبرت منظمة "صحفيات بلا قيود" هذا الرفض جزءًا من استهداف ممنهج للصحفيين الفلسطينيين، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات تهدف إلى تعتيم صورة الأحداث الجارية في غزة منذ تصاعد العدوان الإسرائيلي في أكتوبر
في نوفمبر الماضي 2024، أعلنت هبة الوحيدي، والدة المصور الصحفي فادي الوحيدي، دخولها في إضراب عن الطعام وتوقفها عن تعاطي أدوية مرض السرطان، احتجاجاً على رفض الاحتلال الإسرائيلي السماح بنقل ابنها لتلقي العلاج خارج قطاع غزة. وأوضحت هبة أنها ناشدت المجتمع الدولي وكل الجهات المعنية، دون أن تلقى استجابة، مشيرة إلى أن الوضع الصحي لفادي يتدهور بشكل خطير.
أكد الدكتور خميس الأسي، استشاري الأعصاب في المستشفى المعمداني بغزة، أن فادي يعاني من شلل متقدم يتطلب علاجاً متخصصاً غير متوفر في القطاع، محذراً من فقدان حياته إذا لم يتم نقله بشكل عاجل.
كما أشار الدكتور الأسي إلى أن زميل فادي، المصور الصحفي علي العطار، الذي أصيب بشظية في الرأس خلال قصف إسرائيلي في أكتوبر أيضاً، يواجه وضعاً مشابهاً ويحتاج لنقل فوري للعلاج خارج غزة. يأتي هذا وسط مطالبات حقوقية مستمرة بضرورة منح الصحفيين الجرحى حقهم في العلاج، ووقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق العاملين في مجال الإعلام.
في السابع من أكتوبر الماضي، أصيب المصور الصحفي علي العطار بشظية في رأسه جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنطقة تؤوي النازحين بالقرب من مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط قطاع غزة. الهجوم أسفر عن سقوط عدد من الجرحى، من بينهم أطفال، وكان العطار في مكان الحادث أثناء القصف. الشظية تسببت له في نزيف داخلي بالدماغ، فيما تأكدت إصابته بإصابات خطيرة تتطلب تدخلًا طبيًا عاجلاً خارج القطاع.
رغم الوضع الصحي الحرج الذي يعانيه كل من علي العطار وفادي الوحيدي، تواصل السلطات الإسرائيلية رفض منح التصاريح اللازمة لخروجهما من غزة لتلقي العلاج في مستشفيات متخصصة، مما يزيد من تعقيد حالتهما الصحية. هذا الرفض يسلط الضوء على ما وصفته منظمات حقوق الإنسان بكونه تصعيدًا في استهداف الصحفيين ويمثل انتقامًا متعمدًا من السلطات الإسرائيلية ضد الصحفيين الفلسطينيين ، ويشكل انتهاك لحقوق الصحفيين في تلقي العلاج وتوفير الحماية لهم بموجب القانون الدولي.
قالت لجنة حماية الصحفيين في تقرير حديث لها إنها لم تتلقَ أي رد من السلطات الإسرائيلية بشأن الدعوات المتكررة للسماح بتوفير العلاج للصحفيين المصابين في غزة. هذا بينما تشير الأرقام الصادرة عن نقابة الصحفيين الفلسطينيين إلى مقتل 183 صحفياً في غزة خلال عام واحد من العدوان الإسرائيلي الأخير، وهو ما وصفته النقابة بأنه "حرب إبادة جماعية". كما أكدت النقابة أن عدد الصحفيين الذين قتلوا في غزة خلال هذه الفترة يتجاوز ضعف عدد الصحفيين الذين يقتلون في العالم بأسره في عام واحد.
من جانبها، قال خبراء امميون في بيان نشر الخميس الموافق الأول من فبراير 2024 إن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة أصبحت "أكثر النزاعات دموية وخطورة على الصحفيين في التاريخ الحديث". وأضاف بيان الخبراء إلى أن الصحفيين أصبحوا أهدافاً سهلة للتعرف عليهم بسبب ارتدائهم سترات وخوذات تحمل علامة "صحافة" وتنقلهم في سيارات تحمل علامات واضحة. ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن الصحفيين في غزة أصبحوا عرضة للاعتداءات المتعمدة من قبل القوات الإسرائيلية، وهو ما يعكس استراتيجية متعمدة لعرقلة وسائل الإعلام وحجب التغطية الصحفية، خاصة التقارير التي تتناول الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية.
هذه الاعتداءات المستمرة على الصحفيين تشير إلى محاولة إسرائيلية متعمدة لإسكات الأصوات المعارضة وإخفاء الحقائق عن المجتمع الدولي. وقد دعت منظمات حقوقية ودولية إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، بما في ذلك تقديمهم للمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
استهداف الصحفيين في النزاعات المسلحة يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ويشمل ذلك الهجمات المتعمدة على الصحفيين مثل حالة فادي الوحيدي وعلي العطار في غزة. تنص اتفاقيات جنيف، وخاصة البروتوكول الإضافي الأول (المادة 79)، على حماية الصحفيين خلال النزاع المسلح، بينما يفرض العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (المادة 19) حماية حق الصحفيين في التعبير. كما يضمن القانون الدولي حق الصحفيين في العلاج، خاصة عندما يتعرضون لإصابات أثناء أداء مهامهم. في هذه الحالة، يمكن محاسبة مرتكبي الاعتداءات أمام المحكمة الجنائية الدولية، وفقًا للمواد 7 و8 من نظام روما الأساسي التي تجرم الاعتداء على الصحفيين وعرقلة عملهم.
طالبت منظمة "صحفيات بلا قيود" المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة لتمكين الصحفيين المصابين، فادي الوحيدي وعلي العطار، من تلقي العلاج الضروري خارج قطاع غزة. جاء ذلك في ضوء استمرار تعرض الصحفيين الفلسطينيين لانتهاكات خطيرة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تصل إلى حد استهدافهم بشكل متعمد خلال أداء مهامهم الصحفية.
وأوضحت المنظمة أن عدم تمكين الصحفيين من الحصول على العلاج اللازم يعكس سياسة ممنهجة لتقويض حرية الصحافة وتقليل قدرة وسائل الإعلام على نقل الحقائق من غزة إلى العالم. في هذا السياق، دعت "صحفيات بلا قيود" إلى وقف الحملات المتعمدة ضد الصحفيين الفلسطينيين، والتي تندرج ضمن انتهاكات حق الحياة وتستهدف تقاريرهم التي تسلط الضوء على فظائع الأحداث في غزة.
كما أكدت المنظمة ضرورة توثيق الاعتداءات الخطيرة ضد الصحفيين الفلسطينيين من قبل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ومساءلة المسؤولين عنها لضمان عدم إفلاتهم من العقاب. وتدعو المنظمة إلى تطبيق مبدأ المحاسبة على جرائم الحرب، خصوصاً تلك التي تشمل الصحفيين، في سياق النزاعات المسلحة وفقاً للقانون الدولي.
هذا ويشكل الاستهداف المتعمد للصحفيين في مناطق النزاع، بما في ذلك منعهم من تلقي العلاج، انتهاكاً صارخاً للحقوق الأساسية لهم، ويتطلب تحركاً دولياً عاجلاً لضمان حماية الصحفيين ومنع تكرار هذه الانتهاكات.