الأخبار

غزة.. أعمال الإبادة تمتد إلى «المدن» ضمن مساعي اقتلاع الوجود الفلسطيني

غزة.. أعمال الإبادة تمتد إلى «المدن» ضمن مساعي اقتلاع الوجود الفلسطيني

قالت منظمة صحفيات بلا قيود، بأن قطاع غزة يشهد إبادة جماعية على كافة المستويات، ضمن مخطط معلن تنفذه سلطات الاحتلال الإسرائيلي لاقتلاع الوجود الفلسطيني من أرض فلسطين،

وذلك من خلال نسف الأحياء السكنية ضمن استراتيجية إبادة المدن، ومحو الآثار الثقافية ضمن إبادة الهوية، علاوة على إفراغ الأرض من أبنائها في حزمة جرائم تهدف إلى إبادة السكان.
في 15 أيلول/سبتمبر الجاري، أعلن جيش الاحتلال عن شن هجمات عسكرية مكثفة على مدينة غزة، وصفتها صحفيات بلا قيود بأنها امتداد لحملة إبادة مستمرة منذ 23 شهراً، وكانت الآليات الإسرائيلية خلال الأيام الماضية، فعلياً، قد ركزت أكثر على تدمير الأبراج السكنية والأحياء التاريخية والأسواق القديمة في المدينة، في محاولة لمحو هوية غزة المادية واللامادية وتحويلها إلى أرض بلا ذاكرة، بما يشكّل اعتداءً صارخاً على الممتلكات الثقافية المحمية بموجب اتفاقية لاهاي لعام 1954.
وأدانت صحفيات بلا قيود، بشدة الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي التي صعّدت من هجماتها على مدينة غزة، وبقية أراضي القطاع، بالقصف الجوي والمدفعي، واستخدام الروبوتات والمسيرات المفخخة، وسط صمت دولي يتأرجح بين التواطؤ الفاضح والعجز المخزي.
وأوضحت المنظمة أن الفظائع الإسرائيلية تهدف إلى خلق بيئة غير صالحة للعيش، وتعقيد عودة أبنائها المشردين والنازحين إليها على الأمدين القريب والبعيد، فضلاً عن تدمير ما تبقى من البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك شبكات الاتصالات والإنترنت، للمساهمة بإحداث تغيير ديموغرافي خطير.
وأشارت إلى أن قوات الاحتلال تبرر تدمير الأبراج السكنية بادعاءات غير مقبولة أخلاقياً ولا قانونياً، حيث تدعي بأن مسلحي المقاومة الفلسطينية يضعون أجهزة لمراقبة تحركات جيش الاحتلال، وهو مالم يثبت في عمليات التدمير والنسف التي نفذتها إسرائيل للمباني والمنشآت وأحياء سكنية بكاملها.
وتكشف الوقائع الميدانية التي تؤكدها تصريحات المسؤولين في سلطات الاحتلال، أن التدمير في غزة ممنهج ويستهدف اقتلاع الوجود الفلسطيني نفسه، إذ لم تقتصر الهجمات الإسرائيلية التدميرية على المباني المرتفعة، وإنما دمرت معظم المنشآت المدنية في كامل قطاع غزة، منذ بداية الحرب، بهدف جعل العودة وإعادة الإعمار أمراً شبه مستحيل.
وفي جلسة مغلقة للجنة الخارجية والدفاع بالكنيست (13 مايو)، أقر نتنياهو بسياسة التدمير العمد وقال: "نواصل تدمير المنازل يومياً، وفي النهاية لن يكون لديهم مكان يعودون إليه... النتيجة الوحيدة ستكون الهجرة".
ونبهت صحفيات بلا قيود، إلى تصاعد السياسية الخطيرة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي ـ  التي تسعى لتغيير الحقائق الجغرافية والديمغرافية والتاريخية في غزة الفلسطينية ـ  عقب زيارة رئيس حكومة الاحتلال المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، بنيامين نتنياهو، للبيت الأبيض في 2 فبراير الماضي، ولقائه بالرئيس الأمريكي الذي اقترح تهجير سكان غزة لأنها لم تعد صالحة للسكن، وإثر ذلك أكد المسؤولون الإسرائيليون عن بدء وضع الخطط لتنفيذ مقترح ترمب والعودة إلى مسار الحرب بصورة أشد قسوة.
وعلى امتداد الحرب، تجاوز عدد الوحدات السكنية المدمرة كلياً أو جزئياً 330 ألف وحدة، وبحسب تقديرات أممية، فإن 92% من منازل القطاع تضررت أو دُمّرت حتى مايو الماضي، فيما يعيش أكثر من 1.8 مليون إنسان بلا مأوى أو بحاجة إليه. وتشمل عمليات إبادة الأعيان المدنية؛ والمنشآت التي يلجأ إليها النازحون، وكذلك البنية التحتية للقطاعات الخدمية مثل الصحة والتعليم والزراعة والاتصالات والكهرباء والمياه،
ويستخدم الاحتلال أسلحة ذات قدرة تدميرية واسعة، بينها ذخائر شديدة الانفجار وروبوتات ناسفة، دون أي ضرورة عسكرية، وتشير التقديرات إلى أن نحو 90% من البنية التحتية في غزة دُمّرت أو تضررت بشكل كبير.
وفي 20 أغسطس/آب، أعلن جيش الاحتلال بدء عملية عربات جدعون 2 لاحتلال مدينة غزة، بالتزامن مع وصول المدنيين المحاصرين إلى مرحلة الموت جوعًا، حيث سجلت وزارة الصحة 4 حالات وفاة جديدة بسبب الجوع خلال الـ 24 ساعة الماضية، ليرتفع عدد ضحايا سياسة التجويع الإسرائيلية إلى 425 حالة وفاة، منهم 145 طفلًا.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 15 أيلول/سبتمبر الجاري، بلغ عدد الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل ووصلت جثامينهم إلى المستشفيات 64905شهيدًا (أربعة وستون ألفًا وتسعمائة وخمسة)، بينهم 2497, استشهدوا أثناء بحثهم عن المساعدات، في ظل عجز فرق الإنقاذ عن الوصول إلى العديد من الضحايا العالقين تحت الركام أو في الشوارع، وذلك بحسب التقارير الإحصائية اليومية الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
وأكدت صحفيات بلا قيود أن الجرائم الإسرائيلية في غزة، تتجاوز حدود الاستيلاء المحظور بموجب القانون الدولي، وتشكل سياسة ممنهجة لـ"إبادة المدن"، إذ تستهدف الهجمات الإسرائيلية الوحدات السكنية والمنشآت المدنية والأراضي الزراعية في انتهاك صارخ لمبدأي التمييز والتناسب، المنصوص عليهما في القانون الدولي الإنساني. فالقصف العشوائي للمباني السكنية وقطاعات الخدمات الأساسية، بما فيها المنظومة الصحية، لا يقوم على أي ضرورة عسكرية مشروعة، بل يشكّل اعتداءً منظّمًا لإحكام الحصار وتهجير السكان قسرًا، وهو ما يندرج ضمن الأفعال المكوِّنة لجريمة الإبادة الجماعية وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.

وفي ضوء ذلك، تطالب صحفيات بلا قيود المجتمع الدولي والهيئات المعنية، بالآتي:
* اتخاذ مواقف جادة وفاعلة وفورية، خصوصًا من الولايات المتحدة الأمريكية، لإجبار سلطات الاحتلال على فتح ممرات إنسانية آمنة ودون شروط لإدخال الغذاء والدواء ومواد الإعمار، والانسحاب الفوري من الأراضي الفلسطينية.
*فرض تدابير عاجلة لحماية الممتلكات الثقافية والمواقع التراثية وفق اتفاقية لاهاي واتفاقيات حماية التراث، وحماية المدنيين والمنشآت المدنية والوحدات السكنية وفق لاتفاقيات جنيف.
* تفعيل آليات المساءلة الدولية بتمكين فرق مستقلة من توثيق الأدلة ورفعها إلى المحاكم والهيئات الحقوقية المختصة
* فرض عقوبات رادعة على سلطات الاحتلال ووقف كل أشكال التعاون العسكري والسياسي وتعليق أي اتفاقيات معها.
وشدّدت المنظمة على أن استمرار الصمت الدولي والاكتفاء ببيانات القلق يُعتبر شراكة فعلية في الجريمة، وأن التاريخ لن يغفر لهذا التواطؤ إذا لم يتوقف هذا المسار الدموي فورًا، ونبهت إلى أن أي تقاعس عن اتخاذ هذه الإجراءات سيجعل المجتمع الدولي شريكًا في تفاقم الأزمة، ويفتح الباب لمزيد من التهجير والإفلات من العقاب، وهو ما يشكّل تهديدًا خطيرًا للنظام القانوني الدولي برمّته.

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image