الأخبار

غزة: أحداث مستشفى كمال عدوان مهينة للإنسانية

غزة: أحداث مستشفى كمال عدوان مهينة للإنسانية

قالت منظمة صحفيات بلا قيود بأن اعتقال مدير مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، أتى ضمن تكتيك غير قانوني يستخدمه الاحتلال الإسرائيلي لاستكمال القضاء على المنظومة الصحية عمداً وذلك من أجل فرض ظروف معيشية تؤدي إلى إهلاك الفلسطينيين وحرمانهم من الرعاية الصحية المنقذة للحياة.


وأظهرت الصورة الأخيرة  للطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية، الظرف المعيشي الذي يفرضه جيش الاحتلال على القطاع الصحي في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث ظهر مدير مستشفى كمال عدوان،  بتاريخ27 كانون الأول/ ديسمبر 2024، مرتدياً المعطف الطبي  ويمشي وسط ركام المستشفى المحترق وأمامه دبابات جيش الاحتلال، حيث كان الطبيب في طريقه إلى واحدة من المدرعات التي تحاصر المستشفى  بناءً على نداءات وتعليمات يلقيها قائد المدرعة عبر مكبر صوت.


وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، قد قام بتفجير صناديق مفخخة بمحيط مستشفى كمال عدوان الخميس 26 ديسمبر، ما أدى إلى مقتل خمسة من الطاقم الطبي.
وارتفع عدد العاملين في القطاع الصحي الذين قتلهم جيش الاحتلال في غزة منذ 7 أكتوبر 2023  إلى 1068، كما ارتفع عدد المعتقلين إلى أكثر من 310، وبلغ عدد المرافق التي خرجت عن الخدمة 34 مستشفى و80 مركزاً صحياً، بينما بلغت سيارة الإسعاف المستهدفة  134 سيارة اسعاف.


وقالت صحفيات بلا قيود، بأن ما حدث من اعتداءات مستمرة على مستشفى كمال عدوان طوال شهر كامل وأمام مرأى العالم، واختتام المشهد باعتقال حسام أبو صفية، أمر مهين للإنسانية ووصمة عار في جبين المجتمع الدولي الذي عجز عن توفير الحماية للمستشفيات والعاملين فيها والنزلاء من المرضى والجرحى.

العمل في ظروف الإبادة   

وعمل الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية، والطاقم الطبي المرافق له، في ظروف صعبة للغاية، لقد استمروا بتقديم الرعاية الصحية لآلاف المرضى والجرحى، رغم المآسي الشخصية التي حلت بهم بسبب أفعال الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال.


وكان جيش الاحتلال قد اعتقل حسام أبو صفية وعدد من أفراد الطاقم الطبي الذي يعمل معه في المستشفى، بتاريخ 25 تشرين الثاني/ أكتوبر 2024، وأطلقته بعد وقت قصير، وفي اليوم التالي، 26 أكتوبر، فُجع حسام أبو صفية بمقتل ابنه إبراهيم بقصف شنه الاحتلال الإسرائيلي، ووثقت عدسات الإعلام  صدمة أبو صفية وبكائه إثر تلقيه الخبر، كما لم يتمكن الطبيب من دفن ابنه بمكان لائق فتقدم لأداء صلاة الجنازة وسط عدد قليل من زملائه، قبل أن يدفن نجله إبراهيم بساحة المستشفى. وأوضحت المصادر الطبية بأنه رغم الحالة النفسية التي مر بها  أبو صفية إلا أنه أصر على البقاء والاستمرار في تقديم الرعاية الصحية للمرضى والجرحى.


ومع استمرار القصف الإسرائيلي من مسيرات كواد كابتر، أصيب الطبيب الفلسطيني بست شظايا أثناء خروجه من غرفة العمليات،  في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وأفادت صحفيات بلا قيود بأن مستشفى كمال عدوان، بأن آليات الجيش الإسرائيلي استمرت باستهداف المستشفى دون توقف، ضمن سياسة القضاء على المنظومة الصحية، وتعرض المستشفى الذي كان يعمل بشكل جزئي خلال شهر واحد، إلى أكثر من 30 اعتداء في كانون الأول/ديسمبر 2024.


والخميس 12 كانون الأول/ديسمبر قتل الاحتلال الإسرائيلي، طبيب العظام الوحيد الموجود في شمال قطاع غزة، عندما كان متجهاً من مستشفى كمال عدوان إلى مستشفى العودة لتقديم الرعاية للمرضى.


وبتاريخ 26 ديسمبر، فجر جيش الاحتلال صناديق مفخخة في محيط مستشفى كمال عدوان  ما أدى إلى مقتل 5 من الطاقم الطبي، هم: "أحمد سمور"، طبيب أطفال، و"إسراء أبو زايدة"، أخصائية مختبرات، و"عبد المجيد أبو العيش"، مسعف، و"ماهر العجرمي"، مسعف، و"فارس الهودلي"، أخصائي صيانة.


وفي 27 ديسمبر/كانون الأول 2024 اقتحمت قوات الاحتلال مستشفى كمال عدوان، بعد أن أحرقت أقسامه وأجبرت المرضى والجرحى ومرافقيهم والكادر الطبي على إخلائه واعتقال عدد منهم، ومنهم الطبيب حسام أبو صفية.


ووثق المرصد الأورومتوسطي شهادات مروعة تؤشر على ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم خطيرة ضد المدنيين خلال اقتحامه مستشفى "كمال عدوان"، من بينها ممارسات خطيرة بحق النساء والفتيات ترقى للتحرش الجنسي، ومعاملتهن على نحو حطّ من كرامتهن الإنسانية، وإجبارهن على خلع الحجاب والملابس، وضربهن.


وطلب جيش الاحتلال من الذين كانوا في المستشفى خلع ملابسهم ورفع الايدي إلى الأعلى، كما قتلوا طفلاً يعاني من اضطرابات نفسية.


في الأثناء كشفت تقارير المنظمات الدولية، جزءاً من حجم التدمير المروع للمرافق الصحية، وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الثلاثاء 31 كانون الأول/ ديسمبر، إن التدمير الإسرائيلي "المتعمد للمرافق الصحية «يرقى إلى شكل من أشكال العقاب الجماعي، ويشكل جريمة حرب». وقالت المفوضية الأممية بأن الاعتداءات التي وثقتها تثير مخاوف جديدة بشأن امتثال إسرائيل "للقانون الدولي".


وأشارت صحفيات بلا قيود إلى أن ما يحدث للإنسانية في غزة أمر مخز للدول التي مازالت تقدم الدعم والإسناد لسلطات الاحتلال الإسرائيلي مع استمرارها بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، رغم قرار محكمة العدل الدولية  قبل نحو عام والذي يلزم إسرائيل باتخاذ تدابير تمنع أفعال الإبادة. وتعتقد صحفيات بلا قيود، إن إفلات القادة الإسرائيليين من العقاب، والدعم الذي تتلقاه حكومة الاحتلال وجيشها، هو ما يشجع الاحتلال على التمادي في أفعال الإبادة واستهداف المدنيين بلا هوادة.

التحقيق الفوري

وتُعد هذه الهجمات المتعمدة على المنظومة الصحية، انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المستشفيات والمرافق الحيوية، إذ ينص قرار الأمم المتحدة 2675 على أن «منطقة المستشفى أو أي ملجأ مماثل لا ينبغي أن تكون هدفاً للعمليات العسكرية» ولهذا «لا يسمح أبدا بالهجمات العشوائية أو المستهدفة على المستشفيات والوحدات الطبية والعاملين الطبيين الذي يعملون بصفة إنسانية».


كما تنص المادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه: «لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء، ويجب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات». بينما تنص المادة 19 من الاتفاقية نفسها على: «عدم جواز وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية».

وجددت صحفيات بلا قيود، دعوتها المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته والضغط  العاجل على إسرائيل لإيقاف أفعال الإبادة وحماية المدنيين فوراً، بما في ذلك حماية المنشآت المدنية، ومنها المنشآت الصحية والعاملين في القطاع الصحي.

وتطالب المنظمة بالتحقيق الفوري بالادعاءات الواردة والمروعة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي يكشفها الناجون من المجازر والاعتداءات الي يرتكبها جيش الاحتلال، ومحاسبة المتورطين بارتكاب هذه الانتهاكات، وتقديم المسؤولين المطلوبين لمحكمة العدل الدولية.

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image