البيانات الصحفية

في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة: صرخة حقوقية لحماية النساء وتعزيز العدالة

في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة: صرخة حقوقية لحماية النساء وتعزيز العدالة

تحيي صحفيات بلا قيود جميع نساء العالم في هذا اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، اليوم الذي خصصته الأمم المتحدة في ال ٢٥ من نوفمبر ، ليكون تذكيرا عالميا بأن النساء ما زلن يواجهن أخطر أشكال الإيذاء والتمييز، وأن حماية المرأة ليست التزاما أخلاقيا فحسب، بل واجبٌ قانوني يقع على عاتق الدول والمجتمعات والمؤسسات.

ويمثل هذا اليوم فرصة للتوقف أمام واقع يتغير ببطء شديد، رغم مرور عقود على إقرار اتفاقيات دولية مثل اتفاقية سيداو والإعلان الأممي للقضاء على العنف ضد المرأة. فعلى الأرض، ما تزال النساء يواجهن عنفا متعدد الأوجه—من العنف الأسري والمجتمعي، إلى الإقصاء من مواقع صنع القرار، إلى التمييز القانوني، وصولًا إلى العنف الرقمي الذي بات يشكل أحد أخطر ساحات الإيذاء في العالم المعاصر.
إن العنف ضد المرأة ليس حدثا فرديا ولا سلوكا طارئا، بل ظاهرة متجذرة في البنية الثقافية والاجتماعية والقانونية، ولا يمكن مواجهتها دون تشريعات قوية قادرة على الردع، وسياسات حماية فعّالة، ومناهج تعليمية تُرسّخ قيم المساواة وحقوق الإنسان منذ السنوات الأولى، وخطاب إعلامي مسؤول يكفّ عن إعادة إنتاج الصور النمطية التي تُبرّر الإيذاء وتضعف مكانة المرأة في المجتمع. كما أن تمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا يمثل ركيزة أساسية للوقاية من العنف؛ فالنساء الأكثر قدرة على الوصول إلى التعليم والعمل والتمثيل السياسي هن الأقل تعرضا للانتهاكات والأكثر قدرة على الإبلاغ وطلب الحماية.
وانطلاقًا من هذا الأساس، تسلّط المنظمة الضوء على أشكال العنف الأكثر قسوة في مناطق النزاع، حيث تختفي الحماية القانونية وتصبح النساء أولى الضحايا. ففي فلسطين—غزة والضفة—تعرضت النساء لانتهاكات جسيمة تشمل القتل المباشر، والاعتقال، والتعذيب، والحرمان من المأوى، والانتهاكات النفسية والجسدية التي خلفتها الحرب. وتوثق التقارير الحقوقية ومنها تقارير صحفيات بلا قيود  ارتفاعا غير مسبوق في معدلات قتل النساء وإصابة الأمهات والأطفال، نتيجة القصف العشوائي وانهيار منظومات الحماية والخدمات الصحية والنفسية.
وفي السودان، تواجه النساء فصولا قاسية من العنف الجنسي والاستغلال داخل المخيمات ومناطق النزوح، وسط انهيار شبه كامل لمؤسسات العدالة وغياب المساءلة. وتشير الشهادات الميدانية إلى أن العنف القائم على النوع الاجتماعي أصبح جزءًا من الحياة اليومية للنساء والفتيات في ظل انتشار المجموعات المسلحة وغياب الدولة، وهو ما يجعل مواجهة هذه الجرائم مسؤولية دولية بقدر ما هي مسؤولية وطنية.
ولا يقل العنف الرقمي خطورة عن العنف الميداني، إذ تتعرض آلاف النساء في الدول العربية للابتزاز الإلكتروني، وتسريب الصور، والتشهير، وانتهاك الخصوصية. وهذه الجرائم لا تنتهي بالتعرض الرقمي فحسب، بل تؤدي إلى دمار كامل في الحياة الاجتماعية والأسرية والنفسية للضحايا، وقد تدفع بعضهن إلى الانتحار، في ظل غياب تشريعات متخصصة، وضعف وحدات التحقيق، وغياب التدريب اللازم للأجهزة الأمنية على التعامل مع القضايا الرقمية الحساسة.
ففي اليمن، تتعرض النساء لأشكال متزايدة من العنف في ظل غياب الدولة وتفكك منظومات العدالة، وتصاعد نفوذ الخطاب المتشدد، وتراجع الحماية القانونية والاجتماعية. وتبرز جرائم الابتزاز الإلكتروني كأحد أخطر التحديات التي تواجه النساء والفتيات، حيث تسجّل منظمات محلية زيادة كبيرة في البلاغات المتعلقة بتسريب الصور والتهديد والتشهير، وهي جرائم تُدمّر الحياة الأسرية والمستقبل الدراسي والمهني للضحايا، في مجتمع ما تزال الثقافة الذكورية المتشددة فيه تُحمّل المرأة مسؤولية الجريمة بدلًا من مساءلة الجاني. ويجد الكثير من الضحايا أنفسهن محاصرات بالخوف والعار والوصم الاجتماعي، في ظل غياب وحدات متخصصة للتحقيق، وضعف التشريعات التي لا تزال عاجزة عن مواكبة حجم وخطورة هذا النوع من العنف، الأمر الذي يجعل النساء في اليمن من بين الفئات الأكثر هشاشة في مواجهة العنف الرقمي والمجتمعي على السواء

إن صحفيات بلا قيود تؤكد أن أي مواجهة جادة للعنف ضد المرأة يجب أن تبدأ بإصلاح التشريعات الوطنية لتصبح أكثر صرامة وفاعلية، وبإنشاء منظومات حماية متكاملة تشمل مراكز إبلاغ آمنة، وحماية فورية، ودعما نفسيا وقانونيا دون تمييز أو وصم. كما تدعو المنظمة إلى إدماج التربية الحقوقية والمساواة الجندرية في المناهج المدرسية والجامعية، وتحديث الخطاب الإعلامي ليكون شريكًا في الحماية لا جزءًا من المشكلة، عبر تبني مدونات سلوك تمنع خطاب الكراهية والتحريض والتمييز.
وتشدد المنظمة على ضرورة تمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا، وضمان وصولها إلى مواقع صنع القرار، فغيابها عن دوائر التشريع والسياسات يعمّق دائرة العنف ويُبقي حقوقها رهينة المواقف الذكورية التقليدية. كما تدعو البرلمانات العربية إلى سنّ قوانين متقدمة لمكافحة العنف الرقمي، وإنشاء وحدات متخصصة للرصد والتحقيق، وتوفير حماية فورية للضحايا.
وتطالب المنظمة المجتمع الدولي بوضع حماية النساء في قلب الجهود الإنسانية وبرامج الإغاثة وإعادة الإعمار، وتخصيص تمويلات حقيقية لبرامج الحماية، وبناء منظومات عدالة تراعي النوع الاجتماعي وتضمن ملاحقة الجناة دون حصانة أو استثناء.
وفي هذا اليوم، تجدد صحفيات بلا قيود التزامها بالدفاع عن حقوق النساء، ورصد الانتهاكات، ورفع صوت الضحايا، والعمل مع الشركاء الوطنيين والدوليين لصياغة سياسات أكثر عدلًا وإنصافًا، بما يضمن لكل امرأة الحق في حياة آمنة، كريمة، خالية من العنف بكل أشكاله.

 

صادر عن صحفيات بلاقيود 

25 نوفمبر 2025

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image