البيانات الصحفية

بيان صحفيات بلاقيود بشأن حكم سجن راشد الغنوشي وتسييس القضاء التونسي

بيان صحفيات بلاقيود بشأن حكم سجن راشد الغنوشي وتسييس القضاء التونسي

قالت منظمة صحفيات بلا قيود إن الحكم الصادر عن الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية في تونس بسجن رئيس البرلمان التونسي الأسبق راشد الغنوشي لمدة عامين وغرامة مالية يمثل امتدادًا مقلقًا لمسار تسييس القضاء واستخدامه كأداة لملاحقة الخصوم السياسيين،

في انتهاك واضح للضمانات الدستورية والقانونية للمحاكمة العادلة.

وبحسب المعلومات المتوفرة، أُدين الغنوشي على خلفية تبرعه بقيمة الجائزة الدولية لنشر المبادئ الغاندية للسلام والتسامح التي حصل عليها عام 2016 لصالح الهلال الأحمر التونسي، وهي مبادرة علنية وموثقة جرت في حفل رسمي بحضور ممثلين عن المنظمة وشخصيات عامة. غير أنّ المحكمة مضت في إصدار الحكم رغم ما أكدته هيئة الدفاع من إخلالات إجرائية جسيمة، شملت متابعة قضية سقطت بمرور الزمن، والاعتماد على محاضر باطلة تتضمن مخالفات قانونية، وإصدار الحكم في أولى الجلسات دون تمكين الدفاع من الوقت الكافي لإعداد المرافعة، بما يخالف المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تكفل حق كل متهم في الدفاع عن نفسه وفي محاكمة عادلة أمام هيئة مستقلة ومحايدة.

وفي السياق ذاته، قالت حركة النهضة في بيان لها إنها تستنكر هذا الاستهداف المتواصل للغنوشي وإصدار الأحكام المتتالية ضده في قضايا ذات أبعاد سياسية، مؤكدة أن السلطات لم تجد وسيلة لتجريم هذا التبرع فلجأت إلى الادعاء بعدم احترام الإجراءات القانونية، بحجة تسلّم ممثلي الهلال الأحمر الصك مباشرة دون المرور بالبنك المركزي، رغم أن التبرع تم في مناسبة علنية وموثقة بحضور شخصيات سياسية وإعلامية.

وأوضحت هيئة الدفاع عن الغنوشي، في بيان سابق، أن رئيس حركة النهضة حصل على جائزة غاندي للسلام في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 من مؤسسة "جامنلال باجاج" الهندية، تكريمًا لجهوده في نشر قيم التسامح والسلام والمحبة، باعتباره أول شخصية عربية تنال هذا التكريم، مشيرة إلى أن القضية الحالية تمثل إعادة توظيف سياسي لعمل إنساني موثق منذ ما يقارب عقدًا من الزمن.

وأشارت منظمة صحفيات بلا قيود إلى أن هذه القضية لا يمكن فصلها عن السياق السياسي العام في تونس منذ 25 يوليو/تموز 2021، حين أقدم الرئيس قيس سعيّد على حلّ البرلمان وتولي السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية مجتمعة، ما أدى إلى تآكل مبدأ الفصل بين السلطات الذي نص عليه دستور الجمهورية التونسية لعام 2022. ومنذ ذلك التاريخ، شهدت البلاد اعتقالات ومحاكمات طالت معارضين سياسيين وصحفيين وقضاة ونشطاء، كما جرى تفكيك الهيئات الرقابية وإضعاف المؤسسات المستقلة، في سياق عام يتسم بتراجع الحريات وتقييد العمل الإعلامي والمدني.

وأضافت المنظمة أن ملاحقة الغنوشي – البالغ من العمر 84 عامًا – في عشرات القضايا ذات الطابع السياسي، رغم صدور أحكام بالبراءة في عدد منها، يعزز المخاوف من استخدام القضاء كأداة للتصفية السياسية، في مخالفة لمبدأ استقلال القضاء المنصوص عليه في المادة 102 من الدستور التونسي، وللالتزامات الدولية لتونس بموجب المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1985.

ودعت صحفيات بلا قيود إلى إلغاء الحكم الصادر بحق راشد الغنوشي وفتح مراجعة قضائية مستقلة ومحايدة تكفل تطبيق جميع معايير العدالة والشفافية، وضمان احترام الحق في الدفاع والإجراءات القانونية الواجبة، ووقف الملاحقات الانتقائية ضد المعارضين والصحفيين والنشطاء. كما طالبت بحماية العمل الإنساني والخيري من التسييس، باعتباره من الحقوق المكفولة في القانون الدولي الإنساني وفي المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وختمت المنظمة بيانها بالتأكيد على أن تحويل تبرع إنساني موثق منذ سنوات إلى قضية جنائية يمثل مؤشرًا خطيرًا على انحراف العدالة عن مسارها الطبيعي، ويدق ناقوس الخطر بشأن تراجع استقلال القضاء في تونس، داعية المجتمع الدولي والآليات الأممية الخاصة إلى متابعة الوضع الحقوقي المتدهور، وضمان عدم استغلال القضاء لتصفية الحسابات السياسية أو لإسكات الأصوات المعارضة.

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image