
اليمن - قالت منظمة “صحفيات بلا قيود” إنها تلقت بلاغاً من أسرة الجندي عبده محسن أحمد سعد الحاج الهجري(35 عام)، أحد منتسبي اللواء 63 التابع لمحور علب العسكري،
يفيد بتعرضه للإخفاء القسري منذ أواخر عام 2019 في أحد السجون التابعة للمحور شمال محافظة صعدة، دون معرفة مصيره أو السماح له بالتواصل مع أسرته.
وأفادت الأسرة في بلاغها أن آخر تواصل لها مع ابنها كان في أواخر عام 2019، وأنها منذ ذلك الحين تجهل مصيره، رغم محاولاتها المستمرة للتواصل معه، أو معرفة أي معلومات بشأن وضعه. وأكدت أن جميع مساعيها لدى قيادة محور علب العسكري، سواء بشكل مباشر أو عبر وساطات، قوبلت بالتجاهل، مشيرة إلى أنه لم يسمح له بأي تواصل مع عائلته طوال سنوات احتجازه.
كما أوضحت أنها لا تعلم حتى اللحظة سبب احتجازه، ولا الأسباب التي تحول دون الإفراج عنه أو عرضه على جهة قضائية مختصة، مؤكدة أن ما يتعرض له يعد حرمانا من الحقوق الأساسية المكفولة في الدستور اليمني والقوانين النافذة.
وأضافت الاسرة أنها تواصلت مع قائد محور علب العسكري قائد اللواء 63 مشاه العميد ياسر حسين قائد مجلي قبل عدة سنوات، وسألته عن مصير ابنهم، فأجاب بأن “لا شيء عليه” وأنه سيقوم بالإفراج عنه، إلا أنه لم يفِ بوعده وانقطع تواصله معهم كلياً بعد ذلك.
كما كشفت الاسرة في بلاغها، أنها تواصلت مع عدد من زملائه الذين كانوا محتجزين معه وتم الإفراج عنهم لاحقاً، و أفادوا بأن الهجري تعرض لتعذيب شديد خلال احتجازه، واختفى بعد عدة جلسات استجواب تحت التعذيب، ما أثار مخاوف حقيقية حول مصيره وحالته الصحية.
و اتهمت أسرة الهجري في بلاغها، قائد محور علب قائد اللواء 63 مشاة العميد ياسر حسين قائد مجلي بالمسؤولية المباشرة عن واقعة إخفاء نجلهم وتعريضه للتعذيب، محملة إياه كامل المسؤولية القانونية عن مصيره، وما تعرض له من انتهاكات جسيمة طيلة فترة احتجازه.
تجاهل مستمر لأوامر النيابة والقيادة العسكرية العليا
اطلعت المنظمة على وثيقة قانونية تقدم بها محامي اسرة الهجري إلى المحامي العام العسكري بتاريخ 15/9/2024، تضمنت شكوى تتعلق بحجز حرية الجندي المذكور منذ خمس سنوات بشكل قسري على يد قائد المحور، دون تقديمه إلى القضاء أو الكشف عن أسباب احتجازه.
وأشارت الوثيقة إلى أن النيابة العسكرية خاطبت قائد المحور بمذكرة رسمية بتاريخ 23/11/2023 تطالبه بسرعة إرسال السجين مع ملفه القانوني، غير أن مجلي تجاهل تلك التوجيهات، ما اضطر النيابة إلى الانتقال ميدانيا إلى مقر المحور أكثر من مرة، دون أن يقابل ذلك بأي تجاوب.
كما اطلعت المنظمة على وثيقة أخرى تظهر توجيه رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش اليمني الفريق الركن صغير بن عزيز، بتاريخ 19/6/2024 لقائد محور علب ياسر مجلي بالكشف عن مصير الجندي الهجري، إلا أن هذا التوجيه كسابقاته، لم يلق أي استجابة، في استمرار مثير للقلق في تجاهل أوامر الجهات العليا.
“ضغاطة علب” معتقل سري وانتهاكات منهجية
في السياق، علمت منظمة “صحفيات بلا قيود” من معتقلين سابقين ومصادر خاصة – فضلوا عدم كشف هوياتهم لدواعٍ أمنية – أن قيادة محور علب تدير معتقلاً سرياً يعرف باسم “ضغاطة علب”، يقع شمالي محافظة صعدة، وتحديداً بين منفذ علب السعودي واليمني.
ووفق الشهادات، فإن هذا السجن الأرضي المغلق يستخدم منذ سنوات كموقع غير خاضع لأي رقابة قضائية أو حقوقية، لاحتجاز عشرات العسكريين من أفراد وضباط المحور على خلفية تهم كيدية أو لتصفية حسابات داخلية.
وتوثق الشهادات التي حصلت عليها المنظمة ممارسات مروعة من التعذيب الجسدي والنفسي، والإخفاء القسري، والنهب، والحرمان من الحقوق الأساسية، ومنع المحتجزين من التواصل مع ذويهم أو الحصول على محاكمة عادلة، في سجن أقيم في بدرومٍ معزول كان سابقاً مقراً عسكرياً.
ويعد ركن استخبارات المحور السابق محمد البخيتي – أحد مؤسسي هذا المعتقل – من أبرز من طالتهم تلك الانتهاكات لاحقاً، إلى جانب الجندي هود يحيى القدسي، في ظل صعوبة الوصول إلى إحصائيات دقيقة حول أعداد المعتقلين وأسمائهم، بسبب غياب الرقابة القضائية وحرمان المنظمات الحقوقية من الوصول إلى هذا السجن.
معاناة إنسانية واحتجاجات متواصلة
أشارت المنظمة إلى أن أسرة الجندي عبده الهجري، المكونة من زوجته ووالدته وأطفاله الثلاثة، بينهم طفلة تعاني من إعاقة جسدية، تعيش أوضاعاً نفسية وإنسانية بالغة الصعوبة منذ اختفائه القسري، في ظل انعدام الأمل وانسداد السبل القانونية أمامهم، مما فاقم من معاناتهم اليومية وتركهم في حالة من القلق والترقب المستمر.
وخلال السنوات الماضية، نظمت أسرة الجندي عبده الهجري عدة وقفات احتجاجية في مدينة مأرب، طالبت فيها بالكشف عن مصيره والإفراج الفوري عنه، كما وجهت مناشدات متكررة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي وقيادات الدولة ووزارة الدفاع، داعية إياهم إلى التدخل العاجل وإنصافه ووضع حد لمعاناته ومعاناة أسرته، الا ان تلك التحركات لم تلق اي استجابة.
موقف المنظمة
أكدت منظمة “صحفيات بلا قيود” أن ما تعرض له الجندي عبده محسن الهجري من إخفاء قسري وحرمان من الحرية دون مسوغ قانوني، وتعذيبه في معتقل تابع لمحور علب، يمثل انتهاكاً جسيماً للحقوق والحريات الأساسية المكفولة في الدستور اليمني والقوانين النافذة، وخرقاً صارخاً للاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري.
كما اعتبرت المنظمة أن ما وثقته من شهادات حول وجود معتقل سري يعرف باسم “ضغاطة علب”، تمارس فيه صنوف متعددة من الانتهاكات، بينها التعذيب الجسدي والنفسي، والاحتجاز دون مسوغ قانوني، وانتزاع اعترافات بالقوة، يمثل نموذجاً خطيراً للاعتقال خارج إطار القانون ويفضح نمطاً ممنهجاً من الانتهاكات والإفلات من المساءلة داخل المؤسسة العسكرية بمحور علب.
وحملت المنظمة قائد محور علب، العميد ياسر مجلي، المسؤولية القانونية المباشرة عن الانتهاكات التي تعرض لها الجندي عبده الهجري، وكذا ما يجري داخل معتقل “ضغاطة علب” من ممارسات ممنهجة خارجة عن القانون، داعية إلى محاسبته وكل من تورط أو تواطأ في ارتكابها أو التستر عليها.
كما حملت المنظمة قيادة وزارة الدفاع والقضاء العسكري والقيادات العليا مسؤولية التقصير والتراخي في تنفيذ أوامر النيابة والجهات القضائية، وإخفاقها في اتخاذ إجراءات فعالة للكشف عن مصير الجندي، وإغلاق معتقل “ضغاطة علب” أو إخضاعه للرقابة القانونية، ما أسهم في ترسيخ الإفلات من العقاب واستمرار الانتهاكات الجسيمة.
دانت منظمة “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات جريمة الإخفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي التي يتعرض لها الجندي عبده محسن الهجري. كما دانت وبشدة وجود معتقل سري في “ضغاطة علب” يمارس فيه الاعتقال التعسفي، التعذيب، الإخفاء القسري، وحرمان المحتجزين من حقوقهم القانونية، معتبرةً هذه الممارسات انتهاكات صارخة تستدعي فتح تحقيق دولي مستقل ومساءلة جميع المتورطين.
مطالب المنظمة
طالبت منظمة “صحفيات بلا قيود” بالكشف الفوري وغير المشروط عن مصير الجندي عبده محسن الهجري ومكان احتجازه، والإفراج عنه دون تأخير، أو إحالته إلى القضاء المختص في حال وجود أي تهم ضده، مع ضمان التزام الإجراءات القانونية التي تكفل له حق الدفاع والمحاكمة العادلة.
كما دعت المنظمة إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف في واقعة الإخفاء القسري والانتهاكات التي تعرض لها، بما في ذلك ممارسات التعذيب، ومساءلة كل من تثبت مسؤوليته وفقاً للقانون، وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
وفي السياق ذاته، طالبت المنظمة بالكشف العاجل عن كافة أماكن الاحتجاز غير القانونية التابعة لمحور علب، وعلى رأسها معتقل “ضغاطة علب” السري، وتمكين الجهات القضائية والمنظمات الحقوقية من الوصول إليها، وتوثيق أوضاع المحتجزين فيها، ووقف الانتهاكات الممنهجة التي تجري بعيداً عن أي رقابة.
وشددت المنظمة على ضرورة الإغلاق الفوري لهذا المعتقل السري وجميع السجون المماثلة، وضمان حصر سلطة الاحتجاز بالأجهزة القانونية المختصة، وتحت رقابة القضاء، بما يحول دون استمرار جرائم الإخفاء القسري والتعذيب والابتزاز.
وأكدت المنظمة أهمية إنصاف الضحايا وأسرهم، بما في ذلك التعويض عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بهم، واتخاذ تدابير قانونية وإدارية عاجلة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً، وتعزيز الرقابة والمساءلة داخل المؤسسات العسكرية.
كما دعت المنظمة كافة الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وعلى رأسها المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان واللجنة الدولية المعنية بحالات الاختفاء القسري، إلى التدخل الفوري للتحقيق في الجرائم المرتكبة داخل المعتقلات غير القانونية التابعة لمحور علب، وممارسة الضغط من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات وضمان العدالة للضحايا.
وفي ختام بيانها، أكدت “صحفيات بلا قيود” تضامنها الكامل مع أسرة الجندي عبده الهجري، ومع كل المخفيين قسراً، مجددةً التزامها بمناصرة الضحايا والدفاع عن حقوق الإنسان، والاستمرار في رصد وتوثيق كافة الانتهاكات المرتبطة بحقوق الإنسان، بما في ذلك الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي، والعمل على إيصال صوت الضحايا إلى الجهات المعنية محلياً ودولياً، بما يسهم في وضع حد لحالة الإفلات من العقاب وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.