تدين منظمة “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات الاعتداء الوحشي والمهين الذي تعرض له القاضي حمادي الرحماني يوم 2 ديسمبر 2024، حيث تم اعتقاله باستخدام القوة المفرطة أمام أسرته، في خرق واضح للدستور التونسي والمعايير الدولية.
يأتي هذا الاعتداء ضمن سلسلة من الانتهاكات الممنهجة التي تهدف إلى تقويض استقلال القضاء وترهيب القضاة المستقلين، مما يمثل خطرًا حقيقيًا على منظومة العدالة وحقوق الإنسان في تونس..
في صباح يوم 2 ديسمبر 2024، أقدمت فرق أمنية على اعتقال القاضي حمادي الرحماني بعنف من داخل سيارته بالقرب من منزله، حيث تعرض لتكبيل اليدين وتمزيق ملابسه أمام أفراد أسرته. كما طالت الاعتداءات زوجته المحامية ، عند محاولتها توثيق الواقعة، وصودِر هاتفها المحمول. وفقًا لبيان جمعية القضاة التونسيين الصادر في 4 ديسمبر 2024، فإن هذا الاعتقال تم استنادًا إلى ست بطاقات جلب أُصدرت دون أساس قانوني، رغم قرار المحكمة الإدارية في أوت 2022 بتعليق أمر إعفاء القاضي الرحماني.
قالت جمعية القضاة التونسيين إن عمليات الاعتقال الأخيرة التي طالت عددًا من القضاة تمثل "انتهاكًا صارخًا للدستور والقوانين الوطنية"، مؤكدة أن هذه الإجراءات تشكل تعديًا خطيرًا على مبدأ الحصانة القضائية التي يكفلها القانون التونسي ، فيما أكدت لجنة العدالة في بيانها أن عميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس أصدر بطاقات جلب بحق القاضي الرحماني، نفذت الفرق الأمنية عملية اعتقاله بأسلوب عنيف ومهين، شمل تمزيق ملابسه وتكبيله أمام أسرته. كما وثقت منظمة "صحفيات بلا قيود" في تقريرها اعتداءً على زوجة القاضي خلال الحادثة، حيث تعرضت للضرب وصودِر هاتفها. هذه الوقائع تعكس انتهاكات جسيمة لحقوق المحامين وضمان حرية ممارستهم لمهامهم دون مضايقات، في انتهاك واضح للمعايير الدولية الخاصة بحماية العدالة.
أكد فريق "بلا قيود" في تونس أن ما يتعرض له القاضي يوسف الحمادي يأتي في سياق محاولات السلطة بقيادة الرئيس قيس سعيد للهيمنة على القضاء والتدخل في شؤونه. وأشار الفريق إلى قرارات الرئيس بحل المجلس الأعلى للقضاء في 12 فبراير 2022، وإعفاء 57 قاضيًا في 1 يونيو 2022، مع تجاهل تنفيذ الأحكام القضائية التي صدرت لصالح 49 من هؤلاء القضاة ، بصورة تكشف حجم التدخلات التي تهدد استقلال القضاء وتقوض سيادة القانون في تونس.
اتهم بيان مشترك أصدرته عدد من المنظمات التونسية من بينهم جمعية القضاة التونسيين والرابطة التونسية لحقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وزارة العدل بالاستحواذ على صلاحيات القضاء، وفرض سيطرة كاملة على المجلس المؤقت للقضاء العدلي عبر إصدار مذكرات نقل وترقيات وتعيينات دون إطار قانوني واضح. وأشار البيان إلى أن هذه الممارسات تعزز نفوذ السلطة التنفيذية وتقوض استقلال القضاء، كما وثق الانتهاكات التي تعرض لها قضاة مستقلون نظروا في قضايا تتعلق بنشطاء سياسيين وحقوقيين، خاصة خلال السنة القضائية 2023-2024.
تشكل هذه الممارسات خرقًا واضحًا للالتزامات الدولية التي تعهدت بها تونس، بما في ذلك أحكام المادة 102 من الدستور التي تضمن استقلال القضاء " علي " القضاء سلطة مستقلة تضمن إقامة العدل ، وعلوية الدستور ، وسيادة القانون ، وحماية الحقوق والحريات . القاضي مستقل لا سلطان عليه في قضائه لغير القان، والمادة 27 التي تكفل حق الدفاع والمحاكمة العادلة " المتهم بري الي ان تثبت إدانته في محاكمة عالة تكفل له فيها جميع ضمانات الدفاع في ا١طوار التتبع والمحاكمة " ، كما تنتهك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يضمن معاملة المحتجزين بكرامة واحترام، وتتعارض مع مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال القضاء، التي تحظر أي تدخل سياسي أو أمني في شؤون العدالة، ما يعكس تراجعًا خطيرًا عن التزاماتها الحقوقية والدستورية.
توصيات منظمة “صحفيات بلا قيود”
تدعو منظمة “صحفيات بلا قيود” السلطات التونسية إلى:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن القاضي حمادي الرحماني ووقف جميع الإجراءات التعسفية بحقه وبحق أسرته.
- فتح تحقيق مستقل وشفاف في الاعتداءات والإهمال الطبي ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
- وقف التدخل السياسي والأمني في عمل القضاء وضمان استقلال السلطة القضائية.
- احترام الحصانة القضائية المنصوص عليها في الدستور التونسي والاتفاقيات الدولية.
تدعو منظمة “صحفيات بلا قيود” المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى اتخاذ خطوات عاجلة للضغط على السلطات التونسية لاحترام استقلال القضاء وحقوق الإنسان، ووقف الانتهاكات المستمرة ضد القضاة المستقلين.
صادر عن: منظمة “صحفيات بلا قيود”
11 ديسمبر/كانون الأول 2024