عقدت منظمة صحفيات بلا قيود، اليوم السبت، حلقة نقاشية بعنوان "اتفاق المبادئ وفرص إجراء انتخابات نزيهة"، بحضور الصف الأول من قيادات أحزاب تكتل اللقاء المشترك وتغيب ممثل حزب المؤتمر الشعبي العام رغم الاتفاق والتنسيق المسبق معه.
وفي افتتاح الحلقة عبرت رئيس منظمة صحفيات بلا قيود توكل كرمان عن خيبة أملها لتغيب ممثل حزب المؤتمر عن الندوة التي نظمت لبحث مضامين الاتفاق وفرص إجراء انتخابات حرة ونزيهة على ضوئه.
كما عبرت توكل كرمان عن خيبة أملها أن تظل الصورة منقوصة خلال الحلقة بتغيب الممثل المفترض للمؤتمر الشعبي (الأمين العام عبدالقادر باجمال أو مساعده وزير الإعلام عبد الرحمن الأكوع) كما كان متفقا، في حين اعتبر الحاضرين ذلك تعاليا من قيادات حزب المؤتمر عن الإصغاء لمرارات شريكهم في الاتفاق "اللقاء المشترك".
ورسمت قيادات "اللقاء المشترك" خلال الحلقة صورة سوداوية للجانب التنفيذي من الاتفاق الذي تعتبر تطبيقه الحد الأدنى لمتطلبات إقامة انتخابات نزيهة فإنها ما برحت أيضا التأكيد على أنها لن تدفع إلى خيارات سلبية قد يكون المقاطعة إحداها.
ورغم ما صاحب توقيع الاتفاق في الـ 18 من يناير الماضي بين الجانبين من ترحيب فإن تفاؤلا مشوبا بالحذر ظل هو السائد لدى قيادات المشترك فيما اعتبر المؤتمر والمسؤولين قياداته الاتفاق سيرا مع المشترك حتى آخر ذرائعه حد تصريحات مسؤولية.
ورأى الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ياسين سعيد نعمان فترة ما قبل توقيع الاتفاق والفترة التي تلته ان الصورة متشابهة مع ما لا يتجاوز في توصيفه بأنه "موافقة شكلية لتنفيذ بعض بنود الاتفاق".
وقال ياسين سعيد نعمان في مداخلة قصيرة "نحن أمام سلطة كل مؤهلاتها التزوير والعمل على تقسيم الأحزاب والعبث بها والتفسير الخاطئ للقانون والوظيفة العامة".
وأشار نعمان إلى أن السلطة واللجنة العليا للانتخابات لا تفهم حيادية الإعلام والمال العام والقوات المسلحة إلا بأنها "مسخرة لصالح مرشح المؤتمر".
وأكد نعمان أنه ليس في الأفق مؤشرات دالة سوى أن "هناك إصرارا مسبقا على ضرورة تزوير الانتخابات ودفع المشترك لاتخاذ موقف سلبي من المشاركة في الانتخابات".
وجزم نعمان أن العمل جار على قدم وساق لتزوير الانتخابات لصالح المؤتمر الشعبي العام.
وأكد نعمان أن كل ما يجري "لن يدفعنا لاتخاذ موقفا سلبيا تجاه الانتخابات"، معتبراً أن الانتخابات المقبلة "منعطفا تاريخيا بالنسبة لليمن ونقطة انطلاق لصنع المستقبل".
من جانبه، لمح عضو الهيئة التنفيذية لتكتل أحزاب اللقاء المشترك إلى محاولات لدفع الأحزاب إلى مقاطعة الانتخابات.
وقال الصبري "من خلال ما يجري بت متأكدا أنه لا يوفر قاعدة لانتخابات حرة ونزيهة"، معتبراً أن تلك المقدمات تجعل الانتخابات الرئاسية والمحلية المقبلة "مجرد استبيان فاشل".
إلى ذلك أيد القيادي في حزب التجمع اليمني للاصلاح حميد الأحمر، طرح أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني بالمضي في الانتخابات، مؤكداً أن "المشترك" سيشارك في الانتخابات ولن "نسلم بنتيجتها إن تم التزوير ولن يكون بامكانها إجبارنا على التعامل مع هذه النتيجة والقبول بها"، حسب قوله.
وحذر الاحمر من التداعيات التي قد تنجم عن تزوير نتائج الانتخابات أو محاولات فرضها، محملا الحزب الحاكم (المؤتمر) المسؤولية عن ذلك ومسئولية إغلاق أبواب التغيير في اليمن سلميا.
من جهته قال الأمين العام المساعد لحزب التجمع اليمني للإصلاح عبدالوهاب الآنسي، إن الدستور والقانون منح اللجنة العليا مهاما وصلاحيات تمكنها من القيام بواجبها على أكمل وجه.
وعبر الآنسي عن أسفه في أن "اللجنة تدار من خارجها تماما".
وأضاف "هناك وقائع سياسية لا تدع مجالا للشك بأن اللجنة ليست هي صاحب تلك القرارات في تلك الوقائع"، مؤكدا بأن ما وصفها بـ"الثقافة الأمنية" تظهر واضحة في تصرفات اللجنة.
واعتبر الآنسي اتفاق المبادئ تعزيزا للنصوص القانونية باتفاق سياسي يمثل الحد الأدنى من ضمانات نزاهة الانتخابات"، لكنه رأى في ممارسات اللجنة العليا "شيئا يندي له الجبين".
وقال الآنسي "ربما لديها فتاوى قانونية يفصلون لها ما تريد وما لا تريد" وهي "تسير في طريق مناقض تماما لمهامها".
في غضون ذلك، قال الأمين العام المساعد لاتحاد القوى الشعبية عبد السلام الرزاز إن اللجنةلم تهيء الملعب الانتخابي إلا لطرف واحد هو المؤتمر الشعبي العام.
وتساءل الرزاز عن مصير مليون و300 ألف بطاقة انتخابية أعلنت اللجنة أنها فقدت، مجيبا في ذات الوقت بأنها ستذهب إلى صناديق الاقتراع، ما يعمق عدم الثقة باللجنة لدى أحزاب المشترك التعتيم الذي تفرضه على قراراتها وإجراءاتها.
وقال رئيس دائرة الانتخابات في حزب التجمع اليمني للاصلاح إبراهيم الحائر إن اللجنة فتحت باب الترشيح للمجالس المحلية اليوم السبت في الوقت الذي لم تبلغ أحزاب المشترك بقوام المراكز الانتخابية، وعدم المقاعد التي ستنافس عليها في كل مركز.
وأشار الحائر إلى أن ذلك ليس ما يعتبره دليلا على عمل اللجنة العليا للانتخابات لمصلحة مرشح المؤتمر، مذكرا بتعاطيها مع خبر إعلان مرشح المشترك في وسائل الإعلام العامة.
وقال إن اللجنة العليا للانتخابات وجهت بتغطية خبرية لذلك فقط مقابل أيام خصصتها وسائل الإعلام، "وضجت بها أسماعنا بالمسرحية الهزيلة التي تمت بإعلان مرشح المؤتمر ".ِ
ولم يستسغ رئيس تحرير صحيفة "الشورى" عبدالكريم الخيواني شكاوى المشترك من اللجنة العليا وممارساتها، وقال إن أحزاب المشترك وهي تطالب بحياد وسائل الإعلام فإنها لم تستطع حماية صحفها من بطش السلطة، متهما المشترك بالتواطؤ في إيقاف صحيفة الشورى منذ أكثر من عام.
وحذر الخيواني من لحاق صحيفة الثوري الصادرة عن الاشتراكي بالشورى، معتبرا صمت القيادات السياسية حيال ذلك سببا في الوصول إلى هذا البطش.
ولم تخل الحلقة من سجال بين قياديين في المشترك وممثل برنامج الدعم الانتخابي في الأمم المتحدة، حيث عاتب أمين عام حزب الاصلاح عبد الوهاب الآنسي المنظمات الدولية المهتمة بالشأن الانتخابي في اليمن، وطالبها بالإصغاء إلى المعارضة بذات الطريقة التي تصغي بها للسلطة.
وطالب الآنسي المنظمات الدولية الأخذ بالاعتبار الخلفية التاريخية لليمن ومراحل النضال التي قطعها اليمنيون، داعيا إياها الإدراك "بأن فرص تسريع التطور الديمقراطي أمرا ممكنا.
وشدد الآنسي على ضرورة أن تدلي المنظمات برأيها بصراحة في ما يحدث في اليمن، موضحاً أنها إذا لم تستطع فعل ذلك "فليخففوا من الشهادات التي تستخدم كعصى لجلد المعارضة".
وأضاف الآنسي "المنظمات إذا استمرت في إصدار تلك الشهادات دون سند من الواقع بأنها لا تخدم الديمقراطية وتتحول إلى شاهد زور".
ورأى الآنسي أن الديمقراطية في اليمن "تستهلك وكل يوم هي أضعف من اليوم الذي قبله وليس لدينا مؤشرات بأن الديمقراطية ستكون غدا أفضل".
ووجه القيادي في حزب الاصلاح حميد الاحمر خلال الحلقة لومه للمنظمات الخارجية وقال إن مواقفها متراخية في الفترة الأخيرة"، معتبراً خطاب تلك المنظمات مبررا لخطاب الدولة.
وتساءل الأحمر عن الموقف الذي ستتخذه هذه المنظمات في حال حققت المعارضة الفوز ورفضت السلطة النتيجة؟
من جانبه عبر رئيس منتدى التنمية السياسية علي سيف حسن عن مخالفته لما طرح بشأن المنظمات الدولية، معتبراً أن المسؤلية أولا واخيرا على اليمنيين.
وقال حسن "إن اليمنيين إذا لم يستطيعوا الدفاع عن خياراتهم فإن المنظمات الخارجية لن تفعل شيئاً"، مستشهدا بتجربة المقاومة في حربها مع إسرائيل، معتبرا توفر الإرادة السياسية النقطة الأهم لرسم واقع آخر بعيدا عن التوازنات القائمة.
ودعا حسن الأحزاب إلى حشد أنصارها عشية إعلان نتائج الانتخابات للدفاع عنها قبولا أو رفضا، مؤكداً بأن الخارج لن يتدخل إلا إذا وجد من يدافع عنها في الداخل.
وأشار حسن إلى أنه لا يستغرب إلا "استغراب أحزاب المشترك من أداء اللجنة العليا للانتخابات".
وقال "اليمن تحكمها سلطتان إحداهما شكلية ويظهر أفرادها على التلفزيون في مجلس الشورى والنواب والحكومة، والثانية سلطة موازية هي من تدير هذه المسميات في السلطة الأولى.
إلى ذلك قال كبير خبراء برنامج الدعم الانتخابي في الأمم المتحدة جون لاندي إن التأكيد بأن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة أمر ليس في مستطاع هذه المنظمات و"ليس لدينا أي سلطة لتحقيق ذلك".
وأشار لاندي إلى أنهم يعيدون قرار إجراء انتخابات حرة ونزيهة إلى اليمنيين ورغبتهم وقبل ذلك توفر إرادة سياسية وجماعية.
وبين لاندي أنه وفي أحسن الأحوال فإن المنظمات ستدفع بمراقبين ميدانيين على العملية الانتخابية، وسيكون عليها الانتظار حتى إعلان نتائج الانتخابات والخروج بتقارير "ستعكس الحقائق من واقع المراقبة الميدانية".
وعبر لاندري عن أمله باجراء انتخابات حرة ونزيهة خالية من العنف، متمنيا أن تدفع الأحزاب اليمنية باتجاه ذلك أيضا.
وأشار لاندي إلى أن برنامج الدعم الانتخابي في الأمم المتحدة قدم دعما للجنة العليا للانتخابات بقيمة خمسة ملايين دولار، مؤكداً أن على اليمنيين إثبات ان الديمقراطية في بلدهم ليست للحصول على المساعدات فقط وإنما لمساعدة أنفسهم لخلق واقع آخر".
وكان المسؤول في المعهد الديمقراطي الأمريكي بصنعاء NDI كالوا بيندا، ذكَر أن مهام المعهد هي محاولة التقريب بين الأحزاب اليمنية ووضع التقييم للعملية الديمقراطية وتقديمها للمعنيين من اليمنيين والمهتمين في الخارج، وكذا دعم تحسين الديمقراطية.
جدير بالذكر أن اتفاق المبادئ الموقع بين تكتل أحزاب اللقاء المشترك من جهة وحزب المؤتمر الشعبي العام من جهة أخرى في الـ 18 من يناير الماضي، تضمن منعا لاستغلال الوظيفة العامة والمال والإعلام العام والقوات المسلحة والأمن وكل إمكانيات الدول لمصلحة أي طرف، والتأكيد على حياديتها وأوكلت مهمة وضع آلية تنفيذية للاتفاق للجنة العليا للانتخابات.
كما اتفق الجانبان على تشكيل فريق مشترك لفحص سجلات الناخبين وإحالة المخالفات الموجودة للقضاء للبت فيها مع تعديل قوام اللجنة العليا للانتخابات بإضافة عضوين آخرين من المشترك عوضا عن توزيع اللجان الانتخابية بين المشترك والمؤتمر وفق نسب 46% للأول و 56% للثاني، وكانت هذه البنود للجنة العليا للانتخابات.