الأخبار

في اليوم العالمي لانهاء الافلات من العقاب..الصحافة اليمنية تحتظر في ظل سلطة الميليشيا

في اليوم العالمي لانهاء الافلات من العقاب..الصحافة اليمنية تحتظر في ظل سلطة الميليشيا

الموقع بوست- يصادف اليوم الأربعاء الثاني من نوفمبر اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ68 في عام 2014.

وأحيت عديد من البلدان هذه المناسبة، منها اليمن التي تشهد أسوأ مرحلة في تاريخ الصحافة في البلاد، جراء الانقلاب الذي شهدته اليمن في سبتمبر 2014، وعاش معه الصحفيون أسوأ الانتهاكات بدءا بالقتل وانتهاء بالتهديد، ليبدو معها مستقبل مواجهة" قتلة الصحفيين من العقاب" أكثر قتامة.

واقع مأساوي

وتشير آخر الإحصائيات إلى مقتل 18 صحفي ومصور في اليمن خلال عامين، تم استهدافهم من قِبل ميليشيا الحوثي والرئيس المخلوع علي صالح، فضلا عن مقتل البعض منهم بغارات جوية نفذها طيران التحالف العربي، أثناء تواجدهم في مناطق تعرضت للقصف.

وكشف رئيس لجنة التدريب والتأهيل في نقابة الصحفيين نبيل الأسيدي، عن تعرُّض أكثر من 111 صحفيا للاختطاف خلال عام ونصف، ولفترات متفاوتة، فيما لا يزال 15 صحفيا مختطفا حتى الآن لدى الانقلابيين، في محافظتي صنعاء وذمار، آخر مختطفا لدى عناصر تنظيم القاعدة في المكلا عاصمة حضرموت شرق البلاد.

وتسلط تلك الأرقام الضوء على وجه واحد من المعاناة فقط، إذ يتعرض الصحفيون في البلاد إلى المطاردة، والاعتداء الجسدي والنفسي، وإيقاف المرتبات، والتعرض للتهديد، ما دفع البعض منهم للسفر خارج البلاد، أو الانتقال إلى محافظتي تعز ومأرب، ومن بقي منهم في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، حرصوا على عدم الكشف عن طبيعة عملهم، فهي تهمة كافية لإيداعهم السجن، وتغييبهم لسنوات.

كما داهم مسلحو ميليشيا الحوثي والرئيس المخلوع علي صالح عديد من مكاتب القنوات الإعلامية المحلية والخارجية، ومكاتب المواقع الإلكترونية الإخبارية، إضافة إلى مصادرة عديد من الصحف.

جرائم بالارقام

ورصدت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين وضع حريات الصحافة في البلاد حيث سجلت 319 حالة انتهاك خلال العام الماضي، تورطت فيها 11 جهة بنسب مختلفة، تورطت جماعة الحوثي بـ 250 حالة من اجمالي الانتهاكات الـ 319.

فيما ارتكبت جهات مجهولة 23 حالة، وتورطت الاجهزة الامنية والحكومية بـ 17 حالة انتهاك ، يليها تنظيم القاعدة بـ 10 حالات, ومن ثم التحالف العربي بـ 9 حالات.

وسجلت نقابة الصحفيين اليمنيين نحو 86 حادثة اعتقال وحجز واختطاف ومحاصرة وملاحقة خلال العام 2015, ونحو 85 حالة إعتداءو اقتحام و إصابة و إطلاق نار وتهجم ارتكب الحوثيين 60 حالة اعتداء من اجمالي الاعتداءات يليهم مجهولين ارتكبوا11 حالة وأجهزة أمنية ارتكبت4 حالات ، ومن ثم التحالف العربي بحالتين، وتنظيم القاعدة بحالتين ، فيما سجلت حالة اعتداء واحدة ارتكبها مسئول حكومي.

ونحو38 حالة التهديد والمضايقات والتشهير والتحريض , وتورط الحوثيون بـ 18 حالة ، فيما تورطت جهات مجهولة بـ 10 حالات، ثم تنظيم القاعدة بثلاث حالات تلاها الرئيس السابق صالح بحالتين, وكذا التحالف العربي بحالتين وجهات رسمية حالة واحدة, ونافذون بحالة واحدة ، وجهات سياسية بحالة واحدة ايضا.

و 13 حالة إيقاف صحفيين عن العمل وتهديد بالفصل وإيقاف مرتبات ومنع من التغطية, 7 حالات منها ايقاف رواتب ومستحقات طالت مئات الصحفيين وبنسبة 54% من حالات الايقاف والمنع، وثلاث حالات اقصاء من العمل طالت عشرات الصحفيين, ارتكبت جماعة الحوثي 12 حالة من اجمالي 13 حالة, فيما ارتكبت حراسة الحكومة حالة واحدة, بالاضافة الى 13 حالة مصادرة الات التصوير ارتكبتها جماعة الحوثي.

محاسبة المنتهكين

وفي هذا الصدد قال نبيل الأسيدي إن هناك الكثير من الانتهاكات التي تعرض لها الصحفي في اليمن، وجميعها تستوجب محاكمة منتهكي حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، وكذا المعتدين على الصحفيين وقتلتهم، ومختطفيهم.

وأكد أن أي تسوية سياسية قادمة قد تمنح منتهكي الحريات الصحفية الإفلات من العقاب، لن تمنع نقابة الصحفيين اليمنيين من مواصلة رصد الانتهاكات وتوثيقها رسميا؛ لتقديم المنتهكين للمحاكمة وفق القانون المحلي والدولي، سواء طال الأمد أو قصر.

غياب دور الشرعية

وفي هذا الإطار يقول عضو مجلس نقابة الصحفيين أحمد الجبر ، إنه ليس من الغريب أن يتعرض الصحفي لكل تلك الانتهاكات، إنما الغريب هو تشجيع المجتمع الدولي، والتعامل والتفاوض مع الانقلابيين كقوى سياسية مدنية لا كمليشيا، تجاوزت جرائمها بحق الصحفيين والمجتمع حد الإفراط.

ويحز في نفس"الجبر" تجاهل الشرعية لأوضاع الصحفيين المعتقلين، وكذلك الذين تم فصلهم من وظائفهم وفقدوا مصدر دخلهم الوحيد،" فلا هي تكفلت بترتيب أوضاعهم، ولا تبنت قضاياهم لدى المنظمات الدولية.

قتل الحريات

من جانبه يشير الصحافي محمد القاسم إلى تغيُّر واقع الحريات الصحفية إلى الأسوأ، في ظل سيطرة جماعات مليشاوية لا تؤمن بالحريات ولا بقيمة الصحافة وقدسية المهنة.

ويضيف "كانت الصحافة تتمتع بهامش كبير من الحرية دون شك، رغم حالات الانتهاك الفردية التي كنا نشهدها أثناء نظام المخلوع صالح، واليوم لم يعد هناك شيء اسمه الحريات ولا صحافة ولا إعلام، وباتت كل مساحات العمل والتغطية مفخخة، ولا صوت يعلو فوق صوت السلاح".

ويعتقد أنه" ومع كل قطرة دم أو اعتداء أو اختطاف يتعرض له الصحفيون، تصلب فكرة العدالة ويصير منع الإفلات من العقاب على مرتكبي الجريمة ضد الصحفيين، فكرة دعائية ليس إلا، حتى الذاكرة السياسية وذاكرة المجتمع الدولي معاً، نسيت حق هؤلاء في الحياة والحماية".

ويتذكر "القاسم" بحسرة الجنائز المحمولة على أكتاف الصحافة وحرية التعبير، ويقول" نشاهد يومياً ما تبقى من ذكرى الصحفيين الذين قتلهم صالح، والمنصوبة صورهم على ساريات الشوارع، كما نرى يومياً صور المختطفين في ظلمة السجون، بينما يتجول القتلة والخاطفين في صنعاء ومدن البلاد بالسلاح".

وعن أكثر المعوقات التي يواجهها الصحفي اليوم، يرى"القاسم" أنها تتمثل في عدم وجود مساحة للتغطية وللحركة وانعدام مصادر المعلومة، بعد أن سد الانقلابيون كل قنوات المعلومة في البلاد، وفتحوا الباب أمام قنواتهم، وسيل الإشاعات التي يبثوها عبرها، فصار المواطن لا يفرق بين المتسبب في خراب اليمن، وبين من يقاوم صناع الخراب، حد قوله.

وتعد الجرائم الموجهة ضد الصحفيين جرائم حرب، بناء على اتفاقية روما 1998، كما يلزم قرار مجلس الأمن رقم(1738) الذي صدر عام 2006، جميع الأطراف في النزاعات المسلحة حول العالم بتنفيذ التزاماتهم، إزاء الصحفيين وفق القانون الدولي.

يشار إلى أن منظمة اليونسكو سجلت في تقرير أصدرته بالمناسبة، أكثر من 800 عملية اغتيال طالت صحفيين من مختلف بلدان العالم منذ سنة 2006، من بينها 115 عملية اغتيال جدت العام الفائت.

وذكرت المنظمة أن سبعة بالمائة فقط، من حالات العنف التي طالت الصحفيين، تم فتح تحقيق فيها وعرضت نتائجه، فيما لم يفتح أي تحقيق بخصوص ثلاثة وتسعين بالمائة من تلك الانتهاكات.

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image