الموقع بوست - وئام عبدالملك حملات إعلامية منظمة، وقوائم بأسماء صحفيين واعلاميين، تُنشر من وقت لآخر، تتزامن مع موجة من التشويه والتحريض في وسائل التواصل الاجتماعي
، وجميعها تستهدف مجموعة من الإعلاميين اليمنيين المناهضين للمليشيا في اليمن، والمناصرين للتحالف العربي.
هجوم شخصي، وتصنيف سياسي بعيد كل البعد عن منطق الواقع، تقف خلفه أدوات ووسائل إعلامية تابعة لدولة ضمن التحالف العربي، مارست وتمارس كل صنوف التخوين والتشكيك، مستهدفة مجموعة من الصحفيين، ومستندة إلى معلومات مزيفة وتقارير استخباراتية، يغلب عليها طابع الحقد والانتقام.
إنها إذن ثقافة القوائم كما يصفها الصحفي غمدان اليوسفي، والتي دشنتها جماعة الحوثي في السابق، مستهدفة ذات الصحفيين، مما يثير علامات الاستفهام عن الدوافع والمبررات التي تقف خلف هذا الاستهداف، وتطابق السلوك المليشاوي لجماعة الحوثي، مع التوجه الذي يدشنه من يقف خلفت تلك الحملات الأخيرة.
ويجمع الصحفيون اليمنيون اليوم أن وضعهم العام من حيث الحريات العامة وحرية الأداء والنشر أصبحت في أدنى مستوياتها، بفعل العديد من العوامل والمتغيرات، ووجد الصحفيون أنفسهم في حالة من التشريد والتكميم والمطاردة داخل اليمن وخارجه.
الميليشيات السلوكية
يعتبر الصحافي غمدان اليوسفي ما أطلق عليه "ثقافة القوائم التخوينية" بأنه سلوك مليشاوي ولا يصلح أن يكون ثقافة دول.
وأضاف -في حديثه لـ"الموقع بوست"- "اليوم تجنب كثير من الصحفيين الدخول في معمعة الصراع الإماراتي السعودي القطري، على اعتبار أن المسألة فيها جزء من تعميق الأزمة إعلاميا، إضافة إلى الود الذي يحتفظ به اليمنيون لأشقائهم جميعا في الخليج، إلا أن بعض وسائل الإعلام لا تريد أن يبقى اليمني في المنتصف، فإما أن يكون شريكها في الحرب على قطر وإلا فهو خائن للتحالف والشرعية".
وأصبح الإعلامي اليمني -كما يذكر اليوسفي- قادرا على النظر بعين ذات بُعد نظر أعمق، فقطر بالنسبة لنا كيمنيين جزء من تحالف تنموي إقليمي ساهم في البناء مثله مثل السعودية والإمارات والكويت وعمان، ومن السُخف أن تجبر إعلاميا أن يقف ضد إحدى هذه الدول، كونه لا يحتاج هذه الحرب، ومعركته في هذه المرحلة مع مليشيا دمرت بلده وليس مع دولة كانت شريكا إيجابيا في المشهد.
ويرفض اليوسفي استهداف الصحفي اليمني الذي تقوم به مختلف الأطراف، ويقول "مثلما لا نريد لقطر أن تلزمنا على الكلام ضد الإمارات والسعودية، فإننا لا نقبل من الطرف الآخر أن يصنفونا كخونة، ونحن من كنا في واجهة معركتنا جميعا ضد الحوثي وصالح، ومن الإجحاف اعتبار الإعلامي اليمني اليوم خائنا، بعدما كان شريكا في جبهة إعلامية خلال هذه الحرب، التي للأسف أضحت خسائرها على اليمنيين أكبر من مكاسبها".
وضْع إعلاميين يقفون في صف الشرعية في تلك القوائم، يحشر الصحفيين بين جحيمي الحوثي والإشكالية الخليجية الحالية، وهذا من شأنه يصغر قيمة التحالف الذي آمن به الجميع، ويجعلنا أمام مشهد مربك جعل القضية اليمنية مجرد هامشية في ظل هذا الصراع، كما يؤكد اليوسفي.
واستطرد "هناك زملاء وقفوا في هذا الصف أو ذاك وهذا حقهم وفقا لما يرونه وحسب قناعاتهم، وهذا أمر لا نعيبه عليهم ولا نسمح أن يدرجوا في قوائم تخوينية هنا أو هناك، كون الرأي حق من حقوق الإنسان، لا يجوز مصادرته وإرهاب صاحبه بمثل تلك القوائم".
انتهاكات وإدانة
وتلاقي مثل تلك الحملات ردود أفعال مُنددة بها، كونها تهدف إلى التحريض على الصحفيين اليمنيين.
ويرى عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين نبيل الأسيدي، أن الصراعات في المنطقة تنعكس بدورها على الوضع الصحفي في اليمن.
وبحسب الأسيدي الذي صرح لـ"الموقع بوست" فهناك من يُريد إسكات كافة الأصوات التي تقف مع طرف ضد آخر، وهي محاولة مُخالِفة لحريات الرأي والتعبير مهما كانت المبررات.
وبشأن الحملة الأخيرة التي طالت عددا من الصحفيين، حمَّل الأسيدي دولة الإمارات العربية المتحدة كافة المسؤولية جراء ما قد يتعرض له الزملاء الصحفيون، بسبب التحريض المستمر في بعض منابرها الإعلامية.
لكنه في الوقت ذاته، دعا الصحفيين إلى التحري والدقة في نقل المعلومات وعدم التجني، وضرورة الالتزام بأخلاقيات المهنة، حتى لا يكون هناك مبررات لمثل تلك الأدوات القمعية، وحتى لا يصبحوا عرضة للمطالبة بمحاسبتهم أو التحريض ضدهم.
وطالب بضرورة التوازن بين الرأي والأخلاق المهنية والصحفية، بما يتناسب مع الوضع الحالي، وعدم الانجرار والاصطفاف خلف أطراف معينة، كون الصحفي هو الذي سيتضرر.
وحول مستقبل الصحافة في اليمن في ظل مثل هذه الممارسات، قال الأسيدي إنه لا يوجد معالم واضحة حول ذلك، بعد أن تم تجاوز كافة الأعراف، وتدمير المؤسسات الصحفية، ومطاردة الصحفيين واغتيالهم، في محاولة لاغتيال شهود على الحقيقة.
وذكر في ختام حديثه بأن 23 صحفيا قتلوا منذ بدء الحرب، وتعرض قرابة 148 صحفيا للاختطاف، وفيما لا يزال 17 صحفيا يقبعون في سجون الحوثيين، مشيرا إلى وجود معلومات تُفيد بأن الأخيرين سيتم إحالتهم إلى النيابة الجزائية المتخصصة، ومحكمة أمن الدولة، وسيتم محاكمتهم بتهم واهية، مُعتبرا حكم الإعدام الذي صدر بحق الصحافي يحيى الجبيحي بأنه خارج عن سياق القانون والأعراف المهنية والصحفية الدولية، وجريمة حرب.